مجتمعمستجداتمقالات الرأي

الذهب الأسود في المغرب.. مصائب قوم عند قوم فوائد

أحمد رباص – حرة بريس

لا حديث للمغاربة هذه الأيام سوى عن غلاء المحروقات والمواد الغذائية في هذا الشهر الفضيل. تعتمد مقاربة الدولة على الوضع كأزمة تحدث عنها رئيس الحكومة اليوم في البرلمان. وبصرف النظر عن الإجراءات الحكومية المتخذة لتدبير هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، يتبين من خلال جلسة اليوم في البرلمان التي ختمها عزيز أخنوش بكلمة سوف نرجع إليها من حين لآخر في ثنايا السطور، (يتبين) أن هناك تجاوبا من الحكومة مع أنين الشعب.، ولو بالتعبير عن النوايا الحسنة.
قبل الصعود إلى منصة مواتية لمقام التحاور مع الحكومة في شخص رئيسها الذي لا شك في كونه من طليعة المستفيدين من الأزمة المتأتية في جزئها الأكبر من التهاب اسعار الغازوال والبنزين، اسمح لنفسي بالحديث عن تداعيات هذا الغلاء الفاحش في تلك المادتين على رجال ونساء التعليم في العالم القروي، وحتى الحضري، الذين يستعملون سياراتهم الخاصة للتنقل بين المنظومة المنزلية والمنظومة المدرسية. تجلى تأثرهم بهذه الموجة غير المسبوقة من الغلاء في تخليهم عن قيادة عرباتهم والتزاحم مع عموم الراجلين في الحافلات والقطارات وأحيانا في سيارات الأجرة.
احد زملائي المدرسين يعمل في مدرسة تقع في محيط قرية سيدي العايدي ويسكن بمدينة سطات، أي أن المسافة الفاصلة بين النقطتين قدرها زميلي بحوالي 20 كيلومتر.
حكى لي صديقي عن معاناته اليومية من ارتفاع ثمن الغازوال، بحيث اصبح الذهاب والإياب يكلفانه خمسين درهما كل يوم.
لنعد الآن إلى ما قاله أخنوش اليوم تحت قبة البرلمان. باختصار، عرض رئيس الحكومة مبالغ مالية ضخمة مخصصة لدعم الغاز والدقيق بمبرر ضرورة مساعدة الأم المغربية على إعداد الخبز لأبنائها، ولدعم مهنيي النقل حتى لا يتسبب تضخم فاتورة محروقاتهم في الزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية وفي تضخم تكاليف تنقل الأشخاص، ولدعم جمعيات النقل المدرسي بحكم أن أطفال المدارس لا يملكون شيئا، أما الآخرون وما أكثرهم فليذهبوا إلى الجحيم. الله غالب..

هنا نلمس أن خطاب السيد رئيس الحكومة متناغم مع ما قاله بايتاس، الناطق باسم الحكومة الدومالية، قبل أيام معدودة من أن الدولة مستعدة لدعم مهنيي النقل اما اصحاب السيارات الخاصة فعليهم تدبر تكاليف الأزمة بمفردهم.

وبعد أن تستقر أموال الدعم في جيوب مهني النقل، هل لنا أن نمني النفس بأن تعود الطماطم التي أصبحت تضاهي ثمن فاكهة التفاح من النوع الجيد إلى سعرها المعقول والمألوف؟ وهل سيعود بمقدور المواطن البسيط والفقير شراء خضراوات قاطعها منذ تحطيم أثمانها الأرقام القياسية؟
لكن ما لم يعره رئيس حكومة ما بعد الإسلام السياسي ادنى إنصات أو اهتمام هو نبض الشارع المغربي الذي توحد إيقاع ضرباته على أن السبب في هذه الأزمة المفتعلة هو شجع لوبي المحروقات، وما الحرب في أوكرانيا سوى فزاعة يلوح بها أباطرة المحروقات للتلاعب بالأثمنة كما يحلو لهم.
كان على السيد عزيز أخنوش، بصفته رئيسا للحكومة أن يوضح للمغاربة كيف اشتعلت الأثمنة بمثل هذا الجنون علما بأن الدول المنتجة للنفط مستمرة بشكل يومي في تصديره إلى مقاصده بدون توقف.
وهل يستطيع السيد اخنوش أن ينفي كونه زعيم المستفيدين من هذه الأزمة المفتعلة؟ فها مظاهر النعمة جلية لا غبار عليها، شاخصة لعين الباحث في رقم معاملات الشركات المختصة في تدبير قطاع المحروقات، إذ يلاحظ أن رساميلها نمت وربت، اللهم لا حسد.
ولأن قطاع الذهب الأسود صار مربحا ومسيلا للعاب المتهافتين الشجعين، تحولت فيلات في أحياء راقية إلى محطات لتوزيع البنزين..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube