إقتصادمستجدات

دور الوساطة المالية في معاملات البورصة

بقلم عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء

بعد المقال السابق حول عزوف الشركات العاءلية عن إدماج اسهمها في بورصة القيم بالدارالبيضاء، وفي محاولة مني لتشجيع الإستثمار في الأوراق المالية لما لذلك من آثار على القيم السوقية للشركات المدرجة بها وعلى نمو الاقتصاد الوطني، ارتايت أن يكون موضوع هذا المقال حول أهمية وخصائص الوساطة المالية في توجيه الموارد المالية نحو قنوات استثمارية منتجة تعمل على دعم الاقتصاد الوطني وفي تمويل تنميته و تزيد من معدلات الرفاهية.

إن بورصة القيم عبارة عن نظام يتم بموجبه الجمع بين البائعين و المشترين، حيث يتم فيها
تداول أسهم الشركات المدرجة.
و من أجل تتبع طلبات المشترين وعروض البائعين و التفاوض والتداول على الأسهم تطلب الأمر وجود فئة متخصصة في المعاملات المالية داخل هذا النظام تسمى بشركات البورصة ويبلغ عددها في بلادنا إلى يومه 18 يونيو 2021 سبعة عشر (17) شركة.
و شهدت هذه الفئة من المؤسسات الوسيطة تطورات ملحوظة من خلال نوعية و حجم الخدمات التي تقدمها، و كذلك خبرتها المكتسبة، مما جعلها تساهم في تطوير سوق البورصة و تلعب دورا بارزا في تنشيط المعاملات المالية فيها.
و من أجل أن يدخر المستثمرون أموالهم عن طريق هذا النظام، يجب أولا اختيار شركة البورصة المناسبة، و الذي يستطيع خلالها المستثمر من الاستثمار في مجموعة من الاسهم المختلفة، و من خلاله أيضا يستطيع إصدار أوامره المختلفة، إما بالبيع أو الشراء، بحيث يستطيع التحكم في استثماراته كيف يشاء.
و تتمثل المهام الأساسية لشركة البورصة في :

  • تقديم النصح و المشورة لمساعدة المتعاملين الزبناء في البورصة،
  • تنفيذ مختلف أوامرهم و كذلك تسيير المحافظ المالية لحساب العملاء أو لحسابها الخاص.
  • أن تتوفر فيها مجموعة من الخصائص و الإمكانيات البشرية و المادية المناسبة التي تؤهلها للقيام بالأعمال الموكلة إليها بطريقة مناسبة.
    و حتى تقوم شركة البورصة بدورها في نظام بورصة القيم على أكمل وجه، تقوم الهيئة المغربية لسوق الرساميل على تحسين ظروف الوساطة المالية من خلال وضع شروط خاصة بالوسطاء كأشخاص طبيعيين و معنويين لمزاولة مهنتهم داخل هذه السوق. حيث استطاعت هذه الشركات أن تخطو خطوات عملاقة في السنوات الأخيرة و خاصة فيما يتعلق بتطوير و تنشيط سوق الأوراق المالية، و قد ساعدها في ذلك تطور وسائل الاتصال و خاصة الانترنت، و أصبح يتسنى لأي شخص أن يستثمر أمواله في البورصة و هو في بيته أو مكان عمله بإعطاء الأوامر لوسيطه بيعا أو شراء في أي وقت يشاء من خلال هذه الشبكة.
    فسوق الأوراق المالية تعتبر من الآليات التي تساهم في تحقيق الكفاءة في توجيه الموارد إلى
    الاستثمارات الأكثر ربحية، و هو ما ينتج عنه نمو و ازدهار الاقتصاد ككل. كما أنها تحد من معدلات
    التضخم و ذلك راجع للوظيفة الأساسية التي تقوم بها و هي جذب مدخرات الأفراد و المؤسسات.
    يقع على عاتق مؤسسات الوساطة المالية دور رئيسي في جذب المستثمر الوطني و الأجنبي
    للاسثمار في سوق الأوراق المالية، باعتبار أن هذه المؤسسات هي المدخل الأول للمستثمرين. حيث
    تقوم هذه المؤسسات بالمساهمة في خلق السوق الأولية من خلال العروض التي تقدمها لطالبي الأموال من أجل الإكتتاب.
    ويعتبر وجود مؤسسات الوساطة المالية في سوق الأوراق المالية أحد المقومات الهامة لنجاح و نمو
    هذه السوق، و هذا نظرا للدور الذي تقوم به هذه المؤسسات من حيث توعية المجتمع بأهمية الاستثمار في الأوراق المالية و العمل على بناء الثقة بين المستثمرين و سوق الأوراق المالية. فلا يمكن إتمام كل من عمليات البيع أو الشراء للأوراق المالية دون اللجوء إلى الوسيط في عمليات البورصة.
    و تتطلب مهنة الوساطة المالية في سوق الأوراق المالية شروطا معينة سواء بالنسبة للشخص الطبيعي
    أو بالنسبة للشخص المعنوي، و هذا من أجل حماية أموال المتعاملين.
    و توفير المعلومات المالية باستمرار و تحليلها بدقة من طرف الوسطاء الماليين من شأنه المساهمة في
    الرفع من كفاءة سوق الأوراق المالية.
    إن دور مؤسسات الوساطة المالية في سوق الأوراق المالية لا ينحصر فقط في مجرد التوسط، بل يتعدى ذلك إلى تطوير كفاءة و فاعلية هذه السوق، فأغلب مؤسسات الوساطة تقوم بطرح بعض محافظه و أوراقها المالية في هذه السوق مما يساعد على زيادة عمقها.
    إن وجود وساطة كفأة في عمليات البورصة تقوم بعملية التغطية و الترويج و تسهيل المعاملات و تنوع هذه المؤسسات و زيادة التنافس بينها يؤدي إلى تخفيض تكاليف الوساطة.
    ضمان استمرارية سوق الأوراق المالية و تطوره يرجع بقدر كبير إلى قوة مؤسسات الوساطة المالية
    و قدرتها على القيام بعمليات التغطية و الترويج و تسهيل المعاملات و السرعة في تنفيذها.
    يتضح الدور الرئيسي للوسطاء الماليين في البورصة من خلال تنفيذهم لأوامر العملاء و التأكد
    من تسويتها، وكذلك من خلال قيامهم بمختلف تقنيات التسعير و خاصة التسعيرة الدورية و المستمرة.
    وكما أشرت سابقا، أن عدد شركات الوساطة في بورصة الدارالبيضاء لا يتعدى 17 و مع ذلك فإن
    نشاط البورصة في تزايد مستمر ويرجع ذلك بالأساس إلى التشريعات الرقابية والفعالة التي وضعتها الهيئة المغربية لسوق الرساميل.
    إن قيام مؤسسات الوساطة في سوق الأوراق المالية بتحسين نوعية الخدمات المقدمة للزبائن يساهم بشكل كبير في جعلهم أوفياء، كما يؤدي إلى جلب المزيد من المدخرين و المستثمرين.
    و أود الإشارة إلى أن النموذج التنموي الجهوي الجديد لم يأتي بجديد يذكر من اقتراحات قد تساهم إلى حد ما في تجاوز تلك العقبات التي مازالت تقف أمام تطور سوق الأوراق المالية و نشاطها.
    ومن جانبي و طبقا لقناعاتي الشخصية، اسردها من خلال ما يلي:
  • تشجيع الادخار و توجيهه نحو سوق الأوراق المالية من خلال حماية المدخرين و منحهم إعفاءات ضريبية و تشجيعهم بكل الوسائل المتاحة (إعلانات، مزايا، فضاءات مفتوحة لتعريف الجمهور .)
  • العمل على إرساء و تطوير صناديق الاستثمار التي تسمح لصغار المدخرين باستثمار أموالهم في
    سوق الأوراق المالية بأكثر ثقة و أمان.
  • إقناع المؤسسات بمزايا الإدراج في سوق الأوراق المالية و مساعدتها على الدخول في أحسن الظروف و بالقيم المالية المناسبة.
  • تعزيز الشفافية و الإفصاح و ذلك عن طريق قيام سوق البورصة بإصدار نشرة يومية و أسبوعية و شهرية و سنوية تتضمن معلومات عامة عن السوق، و قرارات مجلس الإدارة و معلومات عن أحجام التداول و مؤشرات الأسعار. – إستكمال الإطار التشريعي و ذلك من خلال سن القوانين و التشريعات و، يأتي في مقدمتها قانون الشركات الصغرى والمتوسطة وتفعيله بالإضافة إلى القوانين و أنظمة الاستثمار و الضريبة المتعلقة بتداول الأوراق المالية و القوانين العامة ذات الصلة و التأثير غير المباشر على السوق.
  • على مؤسسات الوساطة في البورصة التعاون مع المؤسسات الأكاديمية و الاقتصادية و البنكية و الإعلامية لعقد ندوات موسمية دراسية و محاضرات و مؤتمرات لزيادة الوعي الاستثماري لدى كل أفراد المجتمع.
  • إعطاء مؤسسات الوساطة الحق في المشاركة في صنع القوانين و القرارات المتعلقة بالسوق المالية
    عامة و سوق البورصة خاصة و ذلك عبر ممثلين عنهم، مما سيساهم في زيادة الشفافية و الوضوح للمؤسسات و قيمها المالية.
  • على مؤسسات الوساطة في البورصة تطوير و تحسين الخدمات التي تقدمها للمستثمرين، كما أن
    عليها إعطاء أهمية أكبر لمسألة تدريب و تأهيل موظفيها و الحصول على اطر من المتخصصين القادرين
    على إجراء التحليل الأساسي و الفني و تقديم الاستشارة القائمة على أسس علمية.
  • العمل على تعزيز الدور الرقابي الذي تقوم به الهيئة المغربية لسوق الرساميل، و ذلك بهدف حماية المستثمرين و المساهمة في تحقيق الاستقرار و تقليل المخاطر.
    وكغيره من المقالات، يبقى هذا المقال لا يخلو من النقائص حيث يحتاج ذكر معطيات وبذل جهود إضافية حتى يغطي كل حيثيات الموضوع.
    ولقد برزت في مخيلتي مجموعة أخرى من التساؤلات و التي يمكن أن تشكل مواضيع لمقالات لاحقة أخرى من شأنها أن تكون مكملة لهذا المقال و من بينها:
    هل نشاط سوق الأوراق المالية متوقف على تطور مؤسسات الوساطة المالية فقط ؟
    ما هو دور مؤسسات الأبحاث في تطوير الأسواق المالية؟ و هل تستفيد الأسواق المالية الناشئة
    من تكوين هذا النوع من المؤسسات ؟
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube