مستجداتمقالات الرأي

       العراق حصن الأمة العربية .

 

بعد مرور ثلاثة عقود على شن حرب عاصفة الصحراء على العراق و التي انتهت بإسقاط النظام العراقي سنة 2003. الآن يبدو واضحا أن الهدف من تدمير العراق و السيطرة على مقدراته، هو أولا إخضاع المنطقة العربية للنفوذ الصفوي الإيراني. 
كان تسليم العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للتيار الديني الشيعي في العراق ،هدية و مكافأة لنظام الملالي في إيران لتعاونه العسكري و الاستراتيجي في غزو العراق سنة 1991 و بعد ذلك في سنة 2003. كانت يد الغدر الشيعية لنظام الملالي في إيران قد لعبت دورا كبيرا في إسقاط النظام العراقي بتلك الطريقة المهينة و السهلة و الكل يعرف قدرات العراق القتالية و شجاعة مقاتليه و قوة نخبة الجيش العراقي. كان للدور الإيراني تأثير كبير على قطعات كبيرة من الجيش العراقي ذات التوجه الشيعي، و أغلب هذه الوحدات العسكرية لم تقم بواجبها في الدفاع عن العراق و العراقيين و سهلت دخول المحتل الأمريكي، عبر ممرات معلومة من شمال الكويت و عبر المدن ذات الغالبية الشيعية. 
و الشيء الذي يؤكد ذلك، هو صمود و استبسال المقاومة و الجيش العراقي في كل من أم القصر و الفاو .كما استطاعت المضادات الجوية من ردع الهجوم الجوي على بغداد و تم إسقاط  بعض الطائرات الحربية المشاركة في العدوان على بغداد. 
كانت ملحمة أم القصر تنم عن أن الجيش العراقي سوف يتصدى للعدوان الأمريكي، و هذا س يربك حسابات الولايات المتحدة الأمريكية، التي وضعت خطة محكمة للاستيلاء على العراق و إسقاط نظام صدام حسين بسرعة ،لتفادي أسوأ السيناريوهات. 
تمت الإطاحة بالرئيس صدام حسين و احتلت العراق و تم تعيين السيد بريمر رئيسا مؤقتا لإدارة المرحلة الانتقالية في العراق. كما تم تعيين بعض من جاءوا على ظهر الدبابات من التيار السني لجعل الإحتلال الأمريكي مستساغا ضمنيا من العراقيين وبعض  النخب العربية، التي باركت احتلال العراق و تدميره. 
خرجت المقاومة العراقية للوجود بسرعة فائقة و كانت ضرباتها موجعة و مؤلمة علمت المحتل الأمريكي درسا لن ينساه ابدا. و بدى و كأن الحرب الفعلية قد بدأت و ان فصولها الجديدة قد تطول و قد تكون غير متوقعة العواقب. و فعلا فقد اذهلت المقاومة العراقية العالم و أربكت حسابات العدو الأمريكي، الذي سارع لتسليم الحكم في العراق للطائفة الشيعية ،ك مدخل لتسليم العراق لإيران في مرحلة ثانية، بعيد الانسحاب الأمريكي في عهد الرئيس باراك اوباما. 
كانت المنطقة العربية تتهيأ لتصبح تابعة سياسيا و عسكريا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا لدولة الملالي بإيران اي تحت عباءة و حكم ولاية الفقيه .
جاءت أحداث الربيع العربي، لتؤكد تلك الفرضية و انحياز دولة الملالي و وقوفها ضد تطلعات الشعوب العربية في الحرية و الكرامة و العدالة الاجتماعية و العدل و التخلص من الأنظمة العربية الشمولية و الاستبدادية. فوقفت بقدها و قديدها مع النظام السوري المجرم و أشعلت نار الحرب في اليمن و سلحت ميليشياتها المسلحة في العراق و قوت نفوذ حزب الله في لبنان و أصبح بذلك دولة داخل الدولة و ساهمت في خلق الفتنة الطائفية في البحرين والكويت و السعودية. كما انتشر سمها في كل من شمال افريقيا و دول افريقية أخرى، لتتوسع أجنحتها ك الأخطبوط في كل العالم العربي و الافريقي. 
كان العراق ولا يزال حصن الأمة العربية والإسلامية و الدرع القوي لها. عندما سقطت بغداد، سقط العالم العربي. فقد أوقف العراق التمدد الصفوي الإيراني، منذ الوهلة الأولى لقيام الثورة الإيرانية و دفع الثمن غاليا بالتصدي لأشرس هجمة للتيار الشيعي على العالم العربي السني. و قد حقق العراق ما لم تستطع دول الخليج العربي بثرواتها و قواتها فعله أو تحمله. فقد قدم الشهداء و ثروته لحماية كل الامة العربية و استطاع إحباط وتأخير مخطط ولاية الفقيه بالتمدد و الانتشار داخل الرقعة الجغرافية للأمة العربية لسنوات عدة. 
كان للتفوق العلمي والتكنولوجي لأبناء العراق دور كبير في رقي و تقدم هذا البلد العربي، كما أن التفوق في البحث العلمي و التقني والمهني و في الصناعات العسكرية و الفضائية، أعطى للعراق و العلماء العراقيين صيتا كبيرا على الصعيد العربي و الإقليمي والدولي ،و مكن العراق من الترقي للمراتب الأولى عالميا و أصبح بذلك رابع أقوى دولة في العالم من حيث امتلاك قدرات عسكرية دفاعية و هجومية متطورة و جيش محترف و فعال في الميدان الحربي. و قد كانت لحرب الخليج الأولى، أكبر دور في اكتساب الجيش العراقي تجربة ميدانية في المناورات العسكرية و كسب رهاناتها القتالية و التفوق في الميدان الحربي و إجبار العدو على التقهقر و دحره و حتى احتلال أجزاء من أرضه. كما كان للبحث العلمي و التقني دور كبير في تطوير الترسانة العسكرية للجيش العراقي حتى صارللعراق أكبر ترسانة من الأسلحة الباليستية و الكيميائية و الصاروخية بكل أنواعها، و أصبح بذلك يشكل أكبر تهديد على الكيان الصهيوني المزعوم، الوشيك الزوال  . 

كان العراق ولا يزال حصن الأمة العربية والإسلامية و الدرع القوي لها .
ف العراق أرض الحضارات و دار الخلافة الإسلامية و رمز وحدة الأمة العربية والإسلامية و نقطة الإشعاع الثقافي و الفكري للأمة العربية والإسلامية.  
لقد كان للتكالب على العراق من قبل بعض الحكام العرب ذوي النظرة الضيقة و الغير الصائبة ،مع الولايات المتحدة الامريكية و ابريطانيا و فرنسا و دول أخرى و مع الكيان الصهيوني ،إبان أزمة الكويت 1991 و بعدها في أزمة 2003 ، الدور الكبير في تحطيم العراق و كسر شوكة أكبر قوة عربية كان يحسب لها ألف حساب، بل كانت تؤرق نوم بعض الحكام العرب و الكيان الصهيوني، الذي أحس بقرب زواله و نهايته الوشيكة. فالأمة ماضية و تستعد ليوم الفصل، فصل ذلك الحبل السري الذي جمع بين الأمة العربية والإسلامية و ذلك الورم السرطاني في رقعة جغرافية واحدة، فكان اختطاف و احتلال فلسطين و القدس أولى القبلتين و ثالث الحرمين. 
إن صراعاتنا مع المحتلين كيفما كانوا و كيفما كانت أهدافهم و نواياهم، هي صراعات وجودية ،صراعات من أجل التحرير و التحرر، تحرير الأوطان و التحرر من رواسب الاحتلال و خصوصا التبعية السياسية و الثقافية و الايديولوجية و التبعية الاقتصادية. 
و قد خاضت الأمة العربية معركة التحرير و كسبتها و هي لاتزال تخوض معركة التحرر لقطف لبنات و ثمار التحرير الشامل و الكلي للأمة .تحرير الأوطان وتحرر الإنسان .
و معركتنا مع المحتل الصهيوني، هي كذلك معركة وجودية، لابد لنا أن نخوضها من أجل التحرير أولا و التحرر ثانيا ، لكن هنا يجب ان ننتبه فالتحرر الفكري سيقودنا حتما نحو تحقيق الانتصار و تحرير الأراضي الفلسطينية و القدس معا. و التحرر هنا أعني به ،تأهيل الإنسان العربي   لامتلاك كل القدرات العلمية و التكنولوجية و التقنية و الفنية و المهنية و اللوجستية لتحقيق التفوق على العدو الصهيوني و الغرب  معا، و تحقيق النصر المبين. 
لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض، فعندما سقطت بغداد، سقط العالم العربي و أصبحت المنطقة العربية مستهدفة و محط أطماع الكل، الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية و الشرق من قبل روسيا و الصين، لكن المستفيد الأكبر كان الكيان الصهيوني و دولة الملالي بإيران. فهذه الأخيرة استطاعت التمدد بكل أريحية في العالم العربي و السيطرة على خمسة عواصم عربية، فيما تمكن الكيان الصهيوني من قبر القضية الفلسطينية و اللعب على وتر الانقسام الفلسطيني و العربي معا. 
الأمة العربية من دون العراق القوي العزيز لا صوت لها ولا عزة لها ولا كرامة لها ولا قضية لها. عندما يعود العراق شامخا و قويا، تعود الأمة العربية إلى عزتها و سؤددها و شرفها و مكانتها الحضارية المرموقة .

أحمد الونزاني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube