صحتكفضاء الأكادميين

العودة قريبا إلى الحياة الطبيعية: أين، مَنْ، متى وكيف؟

الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية.

المادة في جزأين مستقلين ومتكاملين: 1- العودة إلى الحياة الطبيعية: أين، متى، من، وكيف (دور التلقيح الكامل)؟ 2- أهم المعطيات والبيانات المحينة عن فعالية وسلامة الجرعة المعززة ودورها في الحماية الفردية والجماعية وتيسير وتسريع العودة إلى الحياة الطبيعية.

باتت اليوم العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية أو شبه الطبيعية في متناول البلدان التي تم تلقيح ساكنتها بشكل جيد، وذلك بفضل الانخفاض المتوقع لتفشي الفيروس فيها، بفضل التلقيح الواسع وارتفاع معدل السكان المصابين بالمتحور أوميكرون.

خلال الفترة الانتقالية، سيبقى جواز اللقاح معمولا به في البلدان التي لم تتلق ساكنتها الجرعة المعززة بشكل قوي بعد، بالموازاة مع الرفع التدريجي أو التخفيف من التدابير الفردية والجماعية. وستبقى الكمامة حاضرة في الاماكن المغلقة والقليلة التهوية، فضلا عن الاحتياطات اللازمة أثناء التجمعات للحد من انتشار الفيروس وتقليل خطر ظهور طفرات ومتحورات جديدة.

هده الفرصة الصحية والاجتماعية والاقتصادية لا يمكن أن تغتنمها بثقة وأمان سوى البلدان التي يتمتع سكانها بحماية عالية باللقاحات. الجرعة الثالثة هي في الواقع حصن حقيقي ضد أوميكرون، ضد الأشكال الخطيرة والوفيات. بل إن بعض المقارنات تساوي بين تأثير الجرعة المعززة، بفضل تأثيرها على خفض خطر العدوى وإعادة الاصابة، وعلى تفشي الفيروس من جهة، والحجر الصحي العام من جهة أخرى. الجرعة المعززة تقلل من خطر الإصابة بكوفيد طويل الامد وتقلل بشكل كبير من خطر الاصابة بالعدوى بين الأطفال الذين تم تلقيح والديهم واد ترفع الجرعة معززا بشكل قوي من فعاليتين الجرعتين الاوليتين فإنها تحتفظ بنفس مستوى الأمان.

ستعرف البلدان، التي تم تطعيمها بشكل جيد، بعد نهاية موجات أوميكرون، على الأقل حتى فصل الشتاء المقبل أو نهاية الوباء، انخفاضا في مستويات تفشي الفيروس بفضل التلقيح الواسع النطاق وارتفاع معدل السكان الذين أصيبوا بأوميكرون وما قبله، اللهم ادا حدثت مفاجأة غير سارة بظهور متحور جديد أكثر خطورة. هدا الخطر سيظل جاثما على العالم ما لم تنته الجائحة، ولهذا السبب ينبغي ألا نتخلى عن حذرنا، وألا نتخلى تماما عن التدابير الحاجزية الفردية والجماعية الملائمة.

وستتسنح الفرصة للبلدان التي تم تطعيمها بشكل أفضل لبث جرعات أوكسيجين وافية في الحياة الاجتماعية والاقتصاد. سيظل الفيروس موجودا، ومن المؤكد أن “جرعات الأكسجين” هده ستحتوي أكيد فيروسات، ولكن السكان الذين تم تطعيمهم بثلاثة جرعات سيتفادون هده الفيروسات وان اصابتهم لن تشكل خطرا عليهم وسيتمتعون بالعودة إلى الحياة الطبيعية أو تقريبا دون خوف من أن ينتهي بهم المطاف في الإنعاش أو الموت.  بينما سيظل غير الملقحين معرضين للخطر وسيلحق بهم الفيروس ولو بعد انتهاء الجائحة. ستنتهي الجائحة، ولكن الفيروس سيظل متوطنا لسنوات قادمة. ومن بين أولئك الذين لم يصابوا سابقا ولم يتلقحوا، فإن 99٪ منهم سيصابون بالفيروس في نهاية المطاف، استنادا إلى تقديرات علمية مستندة على القابلية العالية لأوميكرون على التفشي، والهروب المناعي، ومعدلات إعادة الاصابة.

بالنظر لارتفاع معدل تمنيع الساكنة بالتلقيح أو جزئيا بالعدوى، سيستمر تسجيل حالات خطيرة بين غير الملقحين، دون تهديد أو ضغط على النظم الصحية في البلدان التي تم تلقيحها جيدا. ولم يعد من الممكن أن تستمر الدول في حماية غير الملقحين من خلال التدابير التقييدية، ولا بالحماية التضامنية التي يوفرها الملقحون الذين يخضعون للقيود لحماية مواطنيهم غير الملقحين بينما ستتحول الحماية من مسؤولية جماعية الى حماية فردية. الانسان الدي تم تلقيحه هو شخص محمي. الشخص الغير الملقح هو غير محمي ووحده سيواجه خطر الإصابة بأشكال خطرة والموت. ومن هنا تأتي أهمية التلقيح في أقرب وقت ممكن ليكونوا من بين أولئك الذين سيستعيدون المزيد من الحرية دون خوف على الحياة، وبالتالي السماح للبلدان بالعودة إلى الحياة الطبيعية أو تقريبا دون خسائر كبيرة في الأرواح، أو مخاوف مفرطة من التراجع عن الانفتاح.

الى اليوم ولسنوات قادمة، يظل التلقيح الكامل مرادفا للحماية الفردية والجماعية.

II أهمية الجرعة الثالثة في بعض البيانات المحدثة.

الجرعة الثالثة المعززة، هي أحد أعمدة الحماية الفردية والجماعية، وحماية النظام الصحي من تهديدات الفيروس، هي أيضا أفضل حليف للبلدان والساكنة الملقحة، من أجل العودة السريعة والآمنة للحياة الطبيعية أو الشبه الطبيعية في البداية.

وتقلل الجرعة الثالثة خطر العدوى بمقدار ثلاث او أربع مرات أقل، وخطر إعادة الاصابة بالعدوى العدوى بمقدار خمس مرات أقل، وبالتالي تعزز إمكانية السيطرة على انتشار الفيروس، وتأثيرها على معدل تكاثر الفيروس Rt يماثل تماما نتيجة الحجر الصحي العام وفقا للتقديرات الإحصائية.

الجرعة الثالثة ترفع من الحماية ضد خطر دخول المستشفى بسبب المتحور أوميكرون من 57٪ إلى 90٪. مقارنة مع أخد جرعتين. ومن المؤكد أن اللقاحات اللاحقة التي سيتم انتاجها لملائمة المتحورات الجديدة ستكون أقوى فعالية.

فيما جرعتان تؤمنان حماية 16 مرات أكثر ضد خطر الموت بسبب كوفيد 19 مقارنة مع غير الملقحين، فان الجرعة الثالثة تحمي 50 مرة أكثر ضد هذا الخطر.

التلقيح يحمي 54 إلى 68٪ من خطر المعاناة من أعراض كوفيد الطويل الأمد الدي يلحق بما بين 5 إلى 30٪ من الأشخاص المتضررين من كوفيد بما في ذلك أولئك الذين لا تظهر عليهم أعراض الاصابة او يصابون بأعراض خفيفة. الوالدان الملقحان بالجرعة الثالثة يحميان أطفالهم بنسبة 58% من خطر الاصابة بالفيروس.

أثبتت العديد من كبريات الدراسات الطبية عبر العالم أن الآثار الجانبية المتعلقة بالجرعة الثالثة مماثلة لتلك الناتجة عن الجرعة الثانية بل أقل بالنسبة لبعض الاعراض.  من جهة أخرى، أظهرت جميع الدراسات التي أجريت بعد إعطاء مليارات الجرعات من اللقاح، أن مخاطر الأمراض والحالات المتعلقة بمرض كوفيد 19، كلها أعلى في بعض الأحيان تصل إلى 40 مرة أكثر بسبب العدوى والمرض مقارنة بالتلقيح. فعلى سبيل المثال، أثبتت دراسات كبيرة جدا، على عكس الأخبار الزائفة، أن التطعيم لا يؤثر مطلقا على خصوبة المرأة، أو خصوبة الرجل أو قدراته الجنسية، فيم مرض كوفيد 19 يؤثر على خصوبة الرجال وعلى قدرتهم الجنسية ست مرات أكثر من غير المصابين بالمرض.  


والجرعة الثالثة هي جسر السكنة والدول الملقحة نحو حياة بعدد أقل من الوفيات، وحياة اجتماعية أقل اضطرابا، اقل قيود اقتصادية واعلى مستوى من الحريات. هي كدلك بجانب بعض الاحترازات البسيطة وسيلتنا لإنهاء الجائحة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube