أخبار دوليةايكولوجيامستجدات

الصحة والبيئة ورهان التنمية البشرية عالمياً «المنتدى الإفريقي العربي للابتكار والاستثمارفي الصحة والبيئة» فرصة لتحقيق رهان العدالة والأمن في بعديهما الصحي والبيئي.

عبد العالي الطاهري.

بحضور وزراء وشخصيات وازنة من نساء ورجال القرار في العالمين الإفريقي والعربي وكذا على المستوى الدولي، علاوة على كبار الخبراء في الشأنين الصحي والبيئي و في مجالات تدبير النفايات والتثمين الطاقي والطاقات المتجددة، ستحتضن عاصمة السياحة المغربية وجوهرة المملكة مدينة مراكش « المنتدى الإفريقي العربي الأول للإبتكار والاستثمار في مجال الصحة والبيئة » وذلك خلال الفترة الممتدة بين 23 و 29 ماي القادم.

وهو المنتدى الإفريقي العربي الذي سيشكل فرصة كونية لطرح ومناقشة مفاهيم « الأمن البيئي والصحي » و « دور الابتكار والاستثمار في مجالات البيئة في تحقيق التنمية المستدامة » و « تلازم العلاقة وتكاملها بين العدالة الإيكولوجية والعدالة الصحية »…

إلى ذلك، جاءت فكرة إطلاق « المنتدى الإفريقي العربي الأول للابتكار والاستثمار في مجالات الصحة والبيئة »، من منطلق أنَّ الصحة والبيئة هما الدعامتين الحقيقيتين والمحوريتين لكل مشروع مجتمعي يرمي إلى تحقيق رفاه وتنمية واقعية ملامِسة لاحتياجات وتطلعات الإنسان.

وبالنظر إلى هذه المرحلة الحساسة التي يعيشها المغرب والعالم أجمع، نتيجة الحالة الوبائية التي شارفت زمنياً على السنتين، وهو الوضع الذي كان له كبير الأثر السلبي على المنظومة الصحية العالمية ومعها اقتصاديات أغلب إن لم نقل كل دول المعمور، وذلك حسب الوارد في التقارير الرسمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والهيئات الاقتصادية ذات المصداقية، من قبيل منظمة التجارة العالمية، علاوة على ما يصدر عن حكومات أغلب البلدان، خاصة مع بداية الحديث عن ظهور الموجة الخامسة للجائحة والتي أرخت بظلالها على مختلف مناحي الحياة بالعديد من الدول الأوروبية، رغم أنَّ انطلاق متحور أوميكرون كان من دولة جنوب إفريقيا، وهي الدول (الأوروبية) التي لازالت تعاني جرَّاء تبعات هذا الوباء رغم توفرها على منظومة صحية احترافية وجد متميزة على مستويي الأطقم البشرية و التجهيزات والبنية التحتية، فما بالك عندما يتعلق الأمر بدول القارة الإفريقية، التي تعاني العديد من الإكراهات الاقتصادية والصحية والتعليمية وفي أحيان أخرى صراعات وحروب عسكرية أهلية لا تترك مجالاً لظهور أية معالم للتنمية.

ولا يمكن أن نطرح التصور العام لهذا الحدث العالمي و المتعلق بالمنتدى الإفريقي العربي الأول للابتكار والاستثمار في مجالات الصحة والبيئة، دون الإشارة بالدراسة والتقييم لمُخرجات ونتائج القمم المناخية الأممية، وآخرها قمة غلاسكو (كوب 26)، وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال مفصلي: هل هناك فعلا نية وإرادة سياسية صادقة لتنزيل هذه التعهدات والقرارات من طرف قادة وحكومات الدول؟ خاصة أننا أصبحنا اليوم أمام مجموعة من الظواهر الإنسانية الخطيرة، من قبيل الهجرات الكبرى، وهي الظواهر التي تعتبر نتيجة مباشرة لظواهر بيئية وعلى رأسها التغيرات المناخية المرتبطة بدورها بارتفاع معدل الاحتباس الحراري، وكذا استنزاف مصادر الطاقة والانخراط في مسارات تنموية لا تراعي التوازنات الإيكولوجية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالدول الكبرى، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا والبرازيل….

ورغم المؤاخذات الموجهة للدول ذات الاقتصاديات الكبرى، خاصة عدم التزامها كلياً بالقرارات والتعهدات الصادرة عن القمم السابقة وعلى رأسها قمة باريس، التي شكَّلت الاتفاقية الصادرة عنها اتفاقية شمولية ومُلزِمة لجميع الأطراف، وهي سابقة في الاتفاقيات الدولية.

والخلاصة في هذا الشق، أنَّ قيمة هذه التعهدات والقرارات رهينة بتنزيلها على أرض الواقع، وهو ما يقِفُ بالأساس على عنصر الإرادة السياسية وحسن نوايا أطراف هذه الاتفاقيات الأممية، اعتباراً أنَّ الأمر لم يعُد يقف عند تعثُّر الاقتصاديات والمسارات التنموية للأمم والشعوب بسبب هذه التغيرات المناخية، ولكن بدرجة أكبر فقد أصبح الأمن الصحي للإنسان مُهدد بشكل كبير، خاصة الدول السائرة في طريق النمو والفقيرة منها بشكل أكبر، ونذكر هنا البلدان الإفريقية وأخرى تنتمي إلى القارة الآسيوية والأمريكيتين اللاتينية والجنوبية.

وبالعودة للرؤية والمرجعية التي حكمت إطلاق « المنتدى الإفريقي العربي الأول للابتكار والاستثمار في مجالات الصحة والبيئة »، فيجب التأكيد على أنَّ الأمر يدخل في إطار الانسجام والتكامل مع الاستراتيجية المغربية الخاصة بالطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر، إذ يجب التأكيد على أنَّ المملكة المغربية قد انخرطت مبكراً في محاربة ظاهرتي الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، إيمانا منها أن تحقيق تنمية مستدامة وشاملة رهين بالانخراط في نادي الدول الخضراء، من خلال اعتماد مصادر نظيفة للطاقة الشيء الذي سيمكننا كبلد، أولاً من تخفيض تكلفة الطاقة والشروع في التخلص من التبعية الطاقية للخارج وثانياً تحقيق اكتفاء ذاتي طاقي، ونُؤْمن أنَّ تحقيق السيادة الطاقية للمملكة هي مفتاح تحقيق السيادة الصحية ومعهما السيادة السوسيواقتصادية، وما احتلال المغرب الرتبة الخامسة عالمياً ضمن مؤشر التغيرات المناخية، إلاَّ تأكيد آخر على سداد الرؤية الطاقية المغربية وسلامة المسار الذي تبنَّته هذه الاستراتيجية الوطنية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة.

وتبقى أهم الانتظارات التي يضعها المنتدى بخصوص جميع الفرقاء والمتدخلين الحكوميين وهيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص والإعلام، هي ضرورة انخراط الجميع في تنزيل هذه الرؤية والأهداف التي تبقى مسؤولية مشتركة، مادام الأمر يتعلق بحق إنساني جماعي، وهو الحق في الأمنين الصحي والبيئي.

الأكيد أنَّ الصحة والبيئة هما الدعامتين الحقيقيتين والمحوريتين لكل مشروع مجتمعي يرمي إلى تحقيق رفاه وتنمية واقعية ملامسة لاحتياجات وتطلعات المواطنين، بل إنهما مجالين متكاملين ومتلازمين، استراتيجيةً ورؤيةً وأهدافاً.

ومن أهم الأهداف التي سيعمل القائمون على “المنتدى الإفريقي العربي للابتكار والاستثمار في مجالات الصحة والبيئة » على تنزيلها رفقة الشركاء الأساسيين وعلى رأسهم « المنظمة الإفريقية Yenda » ومجموعة « الإعلام الإيكولوجي ـ المغرب » و « المرصد الأكاديمي للصحة التابع لكلية الطب والصيدلة، جامعة القاضي  عياض بمراكش » وكذا « الجمعية الإفريقية للأبحاث السريرية »، هو التأكيد على أنَّ الحفاظ على المجال الإيكولوجي في بعده الكوني هو الضمانة الكبرى للحفاظ على صحة البشرية، وأيضاً العمل على ترسيخ الثقافة التضامنية للدفاع عن أهم الحقوق الإنسانية الكونية، يتعلق الأمر بالحق في بيئة سليمة ومتوازنة وتوفير خدمات صحية في مستوى تطلعات الإنسان أينما كان و أيّاً كان انتماؤه العرقي أو الديني أو توجهاته الثقافية أو السياسية، فالمنتدى يتحرك، مرجعيةً وأهدافاً، على رؤية إنسانية خالصة، عنوانها الأكبر : سيادة الإنسان بيئياً و صحياً وسوسيواقتصادياً.

وللإشارة فقط، فإنَّ « المنتدى الإفريقي العربي الأول للابتكار والاستثمار في مجالات الصحة والبيئة »، سيُنظِّم أربع ملتقيات بأبعاد إفريقية ـ عربية ودولية، الأول إعلامي بيئي، والثاني صحي تنموي، والثالث طبي بتوجه علمي، علاوة على دورات تكوينية، وذلك خلال الفترة الممتدة من 23 إلى 29 ماي 2022 بمدينة مراكش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube