حزبيات مغربيةمستجدات

الورقة السياسة للمرشح للكتابة الأولى للاتحاد الإشتراكي سلام طارق. “من حزب الزعامات إلى حزب المؤسسات”

مشروع ورقة سياسية

طارق سلام/ مرشح للكتابة الأولى لحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية

كأي مناضل غيور على حزبه و وطنه، تقدمت للمنافسة على الكتابة الأولى لإعتبارين أساسيين:

أولهما ذاتي : محاولة  نقل تجربة ربع قرن في العمل السياسي بالحزب الإشتراكي العمالي الإسباني ، و بعدها الحزب الإشتراكي الكطلاني، تجربة كممارس عضوي في الحياة السياسية من تحمل المسؤولية و الترشح في الإستحقاقات و تأطير ندوات و ورشات….

المشترك بين الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية و الحزب الإشتراكي العمالي الإسباني الإنتماء إلى نفس العائلة الإشتراكية الأممية،  غير أن حزبنا يشتغل بطرق كلاسيكية و غير حداثية في شقيه سواء التنظيمي أو السياسي

الموضوعي: لا أحد يجادل بأن حزب القوات الشعبية عرف تراجعا جماهيريا لم يعرفه حتى في سنوات القمع و الإضطهاد و الإعتقالات و النفي من جراء الإختيارات السياسية للقيادات السابقة.

إن سياسة الإنفتاح و ظاهرة التطبيع التي تبنتها بعض القيادات الحزبية ، جعلته عرضة للبلقنة و التمييع و فقدان كل شيء جميل  طبعه منذ تأسيسه،  إذ كيف يمكن لحزب القوات الشعبية الذي هو إستمرار لحركة التحرير الشعبية ان يبرر قبول المشاركة في حكومة جطو بأنه كان ضرورة تاريخية و مجتمعية للشعب المغربي; على حد تعبير فقيدنا محمد جسوس أصبح حزبا شبه تابع للأحزاب  الإدارية و للدوائر العليا للبلاد.

من خلال هذه الذباجة يمكن القول بأن أزمة الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية هي أزمة بنيوية تتطلب بناء حزب المؤسسات لا حزب الزعامات، حزب متصالح مع تاريخه و شعبه و قضاياه. حزب الجماهير الشعبية من خلال همومها و قضاياها. و في إعتقادي هذا لن يتم إلا بتقديم نقد ذاتي على الخيارات التي طبعت العقدين الأخيرين من حياة الحزب و الوطن و بالضبط من تاريخ   إجتماع الردة للمكتب السياسي الذي وافق على المشاركة في حكومة جطو و الحكومات المتعاقبة تحت شعار مزيف و مخدوع ” إنا فضلنا مصلحة الوطن على مصلحة الحزب ” و النتيجة أن المواطنين يعانون الفقر والتهميش وغياب مستشفيات و مدارس والأمية و إعتقالات سياسية شملت سكان الحسيمة و جرادة لمجرد مطالبتهم بالعيش الكريم وكذا إعتقالات الصحفيين الشيء الذى أساء لسمعة المغرب في الخارج .

إن تقديم النقد الذاتي هو سلوك سياسي ،حضاري و إنساني بالنسبة للمناضل الصادق و الغيور على حزبه . إن تاريخ الحزب عرف نقدين ذاتيين : أولها للشهيد المهدي بنبركة و سمي فيما بعد بالاختيار الثوري، و النقد الذاتي بعد حصول الحزب على مراكز متأخرة في الإستحقاقات الجماعية في بداية التسعينيات من القرن الماضي، ويمكن إضافة ورقة الفقيد السي عبد الرحمن اليوسفي الذي ألقاها ببروكسيل  

نقد ذاتي

في أي حزب يشهد له التاريخ بفاعليته،  يكون المؤتمر منصة رئيسية بفعالياته،  تجذب الإهتمام الإعلامي  الوطني و الدولي، ربما لم يعد هذا البريق موجودا. يتساءل الجميع: ماذا حصل؟

يبعث الشهيد و الزعيم من منصة الخطابة في زمن سابق،هي إذن بداية غير محسوبة، و نحن اليوم بتراكم الأعطاب و الخيبات نصل إلى محطة ١١ من تاريخنا السياسي الحزبي. صحيح أننا تعودناعلى المشاركة في النقاش المستفيض و الممتد في الزمن حول مجموعة من القضايا السياسية و الفكرية و النضالية، حيث كان المؤتمر حدثا تاريخيا و سياسيا بالنسبة للقوات الشعبية. ولأن الحزب في مؤتمراته عليه أن يستظل بمشاريع سابقة  نتذكر بعضها الآن من المهدي بنبركة ، عبد الرحيم بوعبيد، الشهيد عمر بنجلون ، محمد عابد الجابري ، محمد جسوس ،أحمد السطاتي….. من خيرة ما أنجب هذا الوطن من مفكرين و مثقفين عضويين أوكلت لهم أسئلة الشعب المغربي حاجاته و آمانيه في الحرية و الديموقراطية ولم يخونوا العهد . كان الجميع من أصدقاءنا في النضال و خصومنا السياسيين من أعلى قمة في هذا البلد إلى الصحافة الدولية ينتظرون نتائجه.  إنه حدث سياسي و تاريخي، حيث كانت قيم اليسار الإشتراكي رافعة رئيسية في النضال من أجل الحرية ،العدالة الإجتماعية والديموقراطية. قد تكون هذه القيم (اليوم) قد ضاعت، أو بالأحرى تم تضييعها في خضم الممارسات التافهة . ولعل صفة التشرذم و الإنشقاقات مسلكان معبران عما نحن عليه اليوم من الأمور، إذ أصبح يشكل الإنشقاق في جبهة اليسار علامة مرضية فيه. و كأننا كمناضلين في(الهامش) تعودنا على الركون في خيبة التبرير .يظل هذا الأخير القاعدة الخلفية لتفكيرنا و ممارستنا السياسيتين. إننا نبحث عن طمأنة القوات المناضلة من قلق أسئلتها. منذ الألفية الثالثة دخلنا موجة الإنشقاقات أشبه بموجة كوفيد-19 .

هل الأمر عادي لليسار التقدمي ببلادنا؟ هل أسقطنا فكرة التضامن بين المناضلين و غيرناها ببورجوازي متشرد، أو بما كان فقيدنا محمد جسوس يصف هذا النوع الجديد من (المناضلين) ب مول الهمزة. إن المتأمل في قفشات الفقيد جسوس كما لو كان قد قالها اليوم، و كأن حديثه بتلك التوصيلات الكاريكاتورية بوضعنا السياسي و التنظيمي تليق بحاضرنا، فبالأمس كنا على الأقل نجد مناضلين من حجم محمد منصور، الحبيب الفرقاني، عبد القادر باينة، القاديري، سبيلا ، بوكيرو عبد الرحمان،  بوراس….أما اليوم لا أستطيع قول شيئا ما، و لا حتى وصف ما لا يوصف.

إذا إعتبرنا أن قيم اليسار المغربي مستلة من اليسار العالمي و أن العالم  يسير نحو دفن ، و قتل الأفكار الكبرى و سيردياته الكبيرة من منطلق عولمي جارف.  فإن مسائلة هذا التحول ضرورة بالنسبة لحزبنا ،حزب القوات الشعبية ، بهذا المعنى نستطيع وضع تحول (من حيث هو تبدل و مسخ) المناضل من زمن تواضع الإعلام السياسي عند نعته ب سنوات الرصاص و الجمر و زمن المصالحات و المرتبطة جدلا بدخول اليسار المغربي الحكومة. فالنظر إلى المناضل الموسوم بسمات فارقة كالتضامن ، الجدية ، المسؤولية ، السرية و التواضع……. و ما إلى ذلك كثير من القيم تشربها المناضل من مناضلين سابقين، من الفقيد عبد الرحيم بوعبيد ، زعماء التحرر الوطني و من شهدائنا الكبار إلى حد تمردنا عليهم أحيانا. لم يكن هؤلاء القادة التاريخيون يطالبون بالخضوع و الإذغان لطلباتهم من خلال مبدأي السمع و الطاعة،  بقدر ما يدفعوننا نحو إستقلالية آراءنا محليا و جهويا: إلا أننا اليوم نعيش تبدلا إلى حد المسخ و ما تنشره الجرائد المستقلة و المواقع الإلكترونية من مطبات سقطت فيها القيادة الحزبية و بعض المسؤولين هنا و هناك دليل على ما نقوله. سيقول لي أحد الإخوة منكم أن هذا الأمر طبيعي ، من حيث كون الإنسان معرض للغواية و الطمع و ما إلى ذلك من سيئات،  سنجيب بأن هذا القول صحيح و لكن الملتبس في الأمر هو أن قيادتنا تتواطؤ مع هذا الفعل المشين عبر تحريك  آليات تبرير جهنمية  و مفبركة .فهذه الأفعال و غيرها لا تستقيم مع شعار الحزب الحداثي و الديموقراطي. فأن نردد الشعار معناه تشرب قيمه المرتبطة به ، و هو       أمر يشترط تربية جديدة لشبيبتنا.  إن تصوير المشاهد الموجودة حاليا و في – العقدين الأخيرين-تثير هذه الملاحظات بل أكثر من ذلك تفتح للمسرحيين وضعها على الركح.  و بالمحصلة تكون هذه المشاهد أفقا تأويليا للمرحلة حيث لم تعد القيادة في حاجة إلى مناضلين عارفين ، منتبهين ، أحرارا،  مستقلين بآراءهم ،  و مسؤولين عن مواقفهم …

هذا أمر يشهد عليه الجميع هنا والآن. الكل يتحمل المسؤولية عما وصلنا إليه و لا أستثني أحدا. لكن المسؤولية الكبرى تتحملها القيادة مند ولوجها حكومة جطو إلى حدود اليوم . تمة شيء ما غير مفهوم و الذي وجب وضع الأصبع عليه باعتباره العلة الرئيسية لهذه الجاءحة الإنتهازية التي سقطنا فيها.

بإمكاننا العودة إلى الزعيم و الشهيد ، طالبين من المناضلين الشرفاء الموتى و الغائبين و الحاضرين منكم المعذرة .فالإتحاد الإشتراكي معروف عليه أنه يسامح أبنائه،  و منطق السياسة تسودها الأخلاق النضالية و الإنسانية رغم أن البعض منا يمتطي هذه الأخلاق من أجل مصلحته الشخصية و ليس من أجل مصلحة الجماهير الشعبية،  أليس المناضل هنا و الآن على عتبة اساسية لتنقية إلتباساتنا و سوء فهمنا للمرحلة ؟ و علاقتنا بالدولة و النظام الحاكم فيها؟ بهذه الطريقة نستطيع إعادة تنظيم الحزب على أساس المناضل الذي نبتغيه.  المناضل القادر على أجرأة المقتضيات الايديولوجية في الواقع .المناضل القادر على التخلص من أوهامه، و من أفكار تكبح حريته، مناضل فاعل مهنيا و إجتماعيا و سياسيا …. أي مناضل مسؤول و مبدع،  وطني، و مقنع في نقاشه.هذا المناضل المنشغل بهموم الوطن ، و المندمج بإهتماماته في الواقع الذي يعيشه .أو بمعنى آخر مناضل عقلاني و فعال و منتج ، و سبيل كل هذا هو النتائج المحصل عليها وفق عمله أو عمل المجموعة التي ينتمي إليها:خلية أو فرعا أو كتابة إقليمية و جهوية أو مكتبا سياسيا.

بهذا المعنى نقدم مشروعا سياسيا و تنظيميا للمؤتمر و حتى لا نكون مساهمين في مسرحية بلا أضواء،  أعني أن إقتراح هذه المشاريع المقدمة تنتهي بمجرد إملاءها و توزيعها على القواعد لتعود حليمة لعادتها القديمة عفوا لتعود القيادة لعادته القديمة. فالمطلوب حزبيا من أي شخص منا فاز بالمرتبة الأولى يشترط منه تطبيق مشروعه و إذا لم يستطع خلال السنة الأولى يطلب المساعدة منا أو من غيرنا ليقوم بتدبيره أحسن، أما إذا فشل في ذلك فما عليه إلا الإستقالة و هو شرط أي تعاقد ديموقراطي بين القيادة و المناضلين و الشعب المغربي.

إننا نعرف جيدا هذه الأمور و لا يمكن التفصيل فيها أكثر .

الشق السياسي في حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية.

بين شعار الحقيقة أولا في بداية تسعينيات القرن الماضي و المغرب أولا في الإنتخابات الأخيرة مسافة في الزمن و القيادة معا.

بصدق أرغب بحمل جمرةالحقيقة أولا ،ليس من حيث هو شعار مرفوع بالحناجر و مكتوب على اليافطات بقدر ما هو جمرة تحرقنا بها جميعا في مرحلة سابقة مرحلة ملتمس الرقابة محاكمة الكونفدرالية الديموقراطية للشغل في شخص كاتبها العام نوير الأموي رحمه الله، حرب الخليج الثانية ، الكتلة الديموقراطية  ، إستقالة اليوسفي بعد التدخل الإداري في الإنتخابات وغيرها من الأحداث التي ساهم الحزب في طرحها كالمسألة الدستوري و الإفراج عن المعتقلين السياسيين و عودة المغتربين و المنفيين إضافة إلى النقاش العمومي الذي دشنه حزب القوات الشعبية بجرأة عز نظيرها من قبيل : المسألة النسائية، المسألة الدينية،المسألة الإجتماعية ، المسألة السياسية(نقاش فكري حول نظام الحكم بالمغرب)المسألة اللغوية – الأمازيغية-، المسألة التعليمية و القضية الفلسطينية و القضية الوطنية…إنها القضايا التي تهم المشتغلين بالوضع السياسي بالمغرب وهي قضايا تطرح بجرأة- في بعضها-غير مسبوقة كالمسألة الدينية و نظام الحكم بالمغرب و قضايا حقوق الإنسان.

ما الفائدة من العودة إلى الماضي؟ (الذاكرة)، لا تفيد الذكرى كمحطة توارت خلف المسكوت عنه/الصمت إلى حد أن أضحى الحديث في المرحلة السابقة جرما يرتكبه المناضل، ربما أن البعض لا يرغب رؤية نفسه قبالة المرايا و التاريخ الحزبيين. لا نريد طمس هذه المرحلة و لا نريدها أرشيفا أسكنه تارة و أستثمر صوره تارة أخرى، بل ما تعلنه الحقيقة أولا وضع الحزب و الدولة (المخزن) و المجتمع موضع سؤال نقدي، ليست طهرانيا كما سيعتقد البعض و ليس رومانسيا كما يدعوني الإنتهازي. ولكن الجميع يرغب في الحقيقة أولا.

الحقيقة دائما تظهر و تختفي و هي زءبقية كلما قبضناعليها إختفت في الكواليس و أشياء أخرى ولكن من حقنا أن نعرف الحقيقة دقيقة دخول الحزب إلى حكومة جطو ، و حقيقة التشاور و التعاقد مع حزب متهم من قبل الشهيد عمر بنجلون، مثلما نريد معرفة أشياء و أشياء نلوكها قرب مقرات الحزب ولا نعلنها إلا في عزلتنا كأن شيئا ما يضع المسامير في حناجرنا كي لا نقول و نحن نطلب الحقيقة من القيادة الحزبية في العقد الأخير من الألفية الثالثة حقيقة هروب المناضلين إلى مملكة الصمت و كيفية ولوج بعض كبار المفسدين و الفاسدين إلى حزب عبد الرحيم بوعبيد. نريد الحقيقة فقط لا لنتشفى في قيادتنا الحزبية و لا حتى لحساب نقط ضعفها و إنما في وضع المناضلين و الرأي العام أمام الإختيارات الجديدة التي قام بها الحزب و الحقيقة في علاقتنا مع نظام الحكم أي القصر . لا أريد أن أذكركم بما قاله الكاتب الأول للحزب الفقيد عبد الرحمان اليوسفي بعد تعيينه كوزير أول في إجتماع اللجنة المركزية للحزب،  و لا أريد البحث فيما بين السطور و لا حتى متابعة صحافة الرصيف و لا إلى المريدين الجدد الذين يوضفهم أحد رجالات الحزب لإشاعة خبر / إشاعة ضد مناضل قيادي آخر….بقدرما تدفعنا العقلانية لتدبير إختلافاتنا بشفافية واضحة.

كان لشعار الحقيقة أولا بريقه الخاص و جاذبيته الجامعة.و هي بذلك أعطت لحزب بنيركة و عمر و المستغفر و الحبابي تعاطفت كبيرا من لدن الجماهير الشعبية، هل كنا صادقين بالأمس واليوم نكذب عليهم؟ بين للصدق و الكذب يتضاءل المناضل منا حتى العزلة، صحيح أن نظام التواصل الإجتماعي على شبكات الإنترنت منحت للجيل الشاب منا آفاقا مغايرة،و الربيع العربي و 20 فبراير تجلي من تجليات هذا المنظومة، لا أريد إعادتها إلى تقويم الحادثة و شبيبتنا  و قيادتنا و نخبنا….و إنما من أجل طرح برقي لما لا نريد الحديث عنه و فيه.

الحقيقة أولا جعلتنا في الصف الأول سياسيا و نقابيا و جمعويا و إعلاميا غير أننا لم نستفيد من النقاش العمومي الذي فتحناه في القضايا السالفة الذكر،  و هو سؤال لن يتم وضعه ،كما لو كان وضعه إزعاج للقيادة و أحلامها و أوهامها و مصالحها.

الحقيقة أولا طرحنا فيها سؤال من أين لك هذا؟ و هو نفس السؤال الذي نطرحه على البعض منا، من سيجيبناعلى هذا السؤال ؟هل ننتظر شياطين الإستخبارات العامة على أن تفرج على أسرارنا أم نتعرى قبالة التاريخ و الذاكرة بقول الحقيقة أولا. بإمكان هذا الشعار بناء جسر بين الأمس و اليوم ، بين المناضلين جميعا،  بين كل المناضلين الذين وشمتهم المرحلة بجمرة الحقيقة أولا.

ثمة نقاش حزبي طرح في الألفية الثالثة حول إنفتاح الحزب على الأطر الفعالة في المجتمع. الموضوعة لها جاذبية خاصة.  إلا أن كيفية تدبيره فتح الحزب على كل الرياح، و أضحى الحزب مرتعا لمناضلين آخر طبعة ، مناضلون يتميزون بصفة ” الأعيان و ذوي الجاه و المال ” كنا نحاسبهم في السابق لكون هذه الفئة عاءقا أمام الحداثة التي ننشدها. لقد كان الشعار في الأول حاجة ماسة لتحريك الحزب من الداخل إلا أنها وللأسف الشديد إنحرفت في تكوين  مافيا سياسية  داخل الحزب، إذ كيف نفهم حضور هذه الفئة في الإنتخابات و كأن الحزب بالنسبة لهؤلاء جسر لبلوغ المصالح الخاصة. لا نريد تذكيركم بأسماء تعرفونها و لا نريد فضح ما يستره مقر العرعار.

في السابق كنا نعتبر البرلمان و المجالس البلدية واجهات نضالية،أما اليوم فقد أضحى العدد يحتفي به القيادة السياسية.  فكم من دائرة إنتخابية خسرناها لأننا أزلنا مناضلا و و ضعنا محله أحد أعيان البلدة.و دخلنا في أمور كنا نستحي من ذكرها في المقرات الحزبية و كل هذا يتم بمبرر المرحلة تقتضي .  ألم تخلق بعض الأحداث أزمة نفسية و سياسية داخل الحزب؟ أما زال في الحزب فكرة نموت من أجلها؟ هل نذفن شعاراتنا و شهدائنا و مناضلينا في الصمت حتى نتكيف مع هذه المرحلة،  هي أسئلة كثيرة تلزم الجميع التفكير والتأمل فيها،فهي تفرض مداخل و مقاربات متعددة و مفكرين و باحثين في مختلف مرجعياتهم و تخصصاتهم العلمية.

بهذه المقارنة الملغمة بين الأمس و اليوم نستطيع الخروج بالنتائج التالية، و التي نقدم منها ما يقع اليوم في الحزب حيث لم يعد الحديث عن الماضي ممكنا في فساد الأمكنة، وقد تكون هذه العودة بالنسبة للبعض مرضا نفسيا ،لهذا سأكون أكثر صراحة و انقل ما يردده المناضلون في الهوامش .

1 لم يعد الحزب يلبي حاجات المواطن(ة) أي لم يعد مكانا للإجابة عن الأسئلة الحارقة، بقدر ما أصبح مرتعا  للمكاسب وقسما لدعم الانتهازيين، و متابعة المصالح البسيطة إلى حد أصبح الحزب يتكون من ثلاث فئات و هي مجموعة صغرى تسيج مصالحها بكل الوسائل الممكنة و الغير الممكنة، و فئة ثانية تبحث عن مصلحة ما و تلتقط فتات الفئة الاولى، بينما الفئة الأخيرة فهم يشبهون العشاق المجانين بالحزب و مقراتهم، و كأنه إذا خرجوا من هذا المكان ضاعوا في المجهول.

2 إذا نظرنا إلى هذه الثلاثية الطبقية الفعلية فإننا نتحصل على أمراض سيكولوجية جديدة تحتاج منا وضعهم في مختبرات علم النفس السياسي المرضي ، وهي بذلك أضحت مافيا سياسية لا بالمعنى الذي تعودنا تداوله في القانون و الإجتماع المغربي بل هي قناع يحلو لبعض القياديين التقني به و إيقاع الغالبية في الأوهام. المافيا تخلق الكذبة و تصدقها و تعمل على البحث عما يرسخها في وعي المناضلين.

المافيا السياسية في حزبنا لا أخلاق لها لا تاريخ لها حتى و إن حاولت وضع صورة مع الزعيم أو الشهيد أو المناضل النقابي. و من لا أخلاق له لا تاريخ له في هذا الحزب العديد. ألا يمكن طرح سؤال من أين لك هذا على المافيا السياسية ؟ بالإمكان طرحه حتى على مستوى المزاح؟ ماذا سيقولون؟ و هل يستطيع أحد الإجابة على هذا السؤال؟ كثيرة هي المقالات التي فضحت هؤلاء في الصحافة الوطنية المستقلة أو على المواقع الإلكترونية ، أو على صفحات التواصل الإجتماعي و لا أحد يجيب …

لا أرغب في الولوج إلى عالم النميمة الكولسة.  بقدر ما سأرفع النقاش إلى مستوى إشكالي هو الإلتباس السرطاني بين المصلحة العامة و المصلحة الشخصية ،إذ لم تعد المصلحة العامة أفقا للنضال السياسي لحزبنا،و إنما أمست المصلحة الخاصة هي بوصلة القيادة الحزبية أو جزء كبير منها. لهذا أضحى العزوف على العمل السياسي موضوعا فارقا. و الأمثلة الحية ، كثيرة و متعددة.

أمام هذا الوضع بالإمكان تعلم طرائق حرب العصابات، و هي طريقة تليق بالمافيا السياسية. هكذا أقربكم من هذه الصورة الكاريكاتورية للمافيا السياسية في حزبنا و هي حرباءية  تنزلق كلما قبضنا عليها، تضبط القانون العام و القانون الخاص في المقرات الحزبية البعيدة و القريبة و في حواشي المقر المركزي، هؤلاء يعرفون كيف يتحررون من كل التهم المثبوتة، إلا أنهم لا يستطيعون مقاومة حرب العصابات النضالية.الشيء الذي أضمنه للمافيا السياسية أنها…..-إن مثال حرب العصابات إستعارة لا أقل و لا أكثر ، رغم أن الجميع يعرف ما تفعله المافيا السياسية بالمناضلين  بتركيعهم و إذلالهم.

بين المصلحة العامة و المصلحة الخاصة إرباك الحزب و المناضل معا، ووفي تعدد المصالح الخاصة يضيع الحزب و كل شيء فيه جميل، لهذا لم يعد خطاب حزب القوات الشعبية تميزا مثلما كان عليه في السابق .لا نريد السجال في هذا الأمر حتى يقول قادتنا الحاليين أن خطاب الملك في التنمية هو كله أو أغلبه أفكار حزب الإتحاد الاشتراكي ،ألم يخجلوا من هذا الأمر؟ أقول مرة أخرى ، و أتأسف حين ألاحظ أن جميع البرامج السياسية للاحزاب المغربية تتشابه كما لو كانت نسخا كربونية  نسخ عطلت الحزب و مشروعه الحداثي الديموقراطي . الكل يتذكر الحوار مع جريدة البايس للراحل الأموي عن السراق القدامى و الآن إنضاف إليهم سراق جدد يوزعون كل شيء لحد أنهم سرقوا حتى أحلامنا في بناء مجتمع ديموقراطي حداثي تسوده العدالة الإجتماعية، هؤلاء المافيا يعرفون لعبة السرقة في معجم الفساد ،و الخطير الذي لم ينتبه إليه عبد الرحيم بوعبيد ولا الأموي ولا… هم أن بعض السراق ينتمون إلى حزبنا، فأغلبيتهم في مواقع القرار الشيء الذي أعاق تقدم الحزب و البلد معا، هؤلاء القادة الصادقون وضعوا مطلبا حداثيا مفاده الملكية البرلمانية كنظام سياسي للحكم في المغرب و هو نفس المطلب الذي رفعه الحزب منذ الإستقلال إلى البيان السياسي للمؤتمر الثالث وتم إعادته في مطلع التسعينات من القرن الماضي.

 البعض يرى أن المغاربة غير ناضجين لمثل هذا النظام ، و هي إجابة تستفيد منها جهالة الجاهلين، بل الأكثر من ذلك لا ترغب أن تكون حزبا إشتراكيا قويا و كأن المافيا السياسية تخاف من كل هذا، و تبحث عما يحرس كراسيها من أي عطب ممكن.

إن طرح بعض القضايا الحارقة في السياسة لا تستقيم إلا بتعرية الطبقات الخفية للمافيا السياسية في حزبنا،  فهم أصبحوا يتوغلون في الهوامش  و يبحثون عن صورة لا تليق بهم .

المافيا السياسية بهذا النعت لا تستطيع طرح المشروع الحزبي الحداثي الديموقراطي ربما لأن العتبة الأولى لهذا المشروع هو المطالبة و النضال من أجل تحقيق نظام ملكي برلماني و هو نظام التفصيل في حيثياته. الذي يهمنا هو التعاقد الشفاف بين الحاكمين و المحكومين و هذا لا يكون إلا بسيادة القانون و معناه أن يكون سيف القانون على الجميع دون إستثناء كيفما كان هذا الأحد.

بهذا التطبيق الصارم نعيد الثقة لجميع مؤسسات الدولة و للمؤسسات المدنية الأخرى  كحزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية.

هل يمكن فعل ذلك؟ أم أن المرحلة تقتضي حجب الحقيقة أولا و إعتقالها بخزانة القيادات السياسية للمؤتمر الحادي عشر؟ نستطيع عقلنة عملنا الحزبي بشكل يفيد ربط المسؤولية الحزبية  بالمحاسبة وهذا ما نتأخر الحديث عنه في الشق التنظيمي من أجل بناء حزب المؤسسات و ليس  الزعامات حزب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube