مستجداتمقالات الرأي

بعض معالم المشروع التقدمي في مرحلة ما بعد 8 شتنبر

عبد العزيز نداء

انتخابات 8 لا تقل أهمية من انتخابات سنتي 1976-1977 . فكلاهما بداية لمرحلة سياسية متميزة. من هنا ضرورة الانتباه لكل المشاريع السياسية الفاعلة على الساحة المغربية .
في هذه الورقة ساثير بعض الافكار فيما يخص المشروع التقدمي.

انتهت الانتخابات الاخيرة بخسارتين مدويتين.الاولى بالنسبة لي هي الخسارة الانتخابية والسياسية التي لحقت بكل قوى اليسار بما فيها الداعون للمقاطعة. أما الثانية فهي الهزيمة التي تكبدها حزب العدالة والتنمية.
فيما يتعلق بهذا الأخير يمكن موضوعيا التكهن بأن الحركة الاسلامية ستذهب نحو تشكيل أحزاب مدنية. لكن كم سيحتاج ذلك من الوقت ؟ وبأية كلفة ؟ وما هي الٱثار المحتملة لهذا المسار على الساحة السياسية والوطنية ؟
لا أحد يمتلك جوابا وهو بالاساس انشغال محتمل لحركات الاسلام قبل غيرها.
أما بالنسبة للحركة التقدمية وبالضبط جزء منها ممثلا في الحركة الاتحادية، فإنها تجد نفسها اليوم أمام مهمة مستعجلة تتمثل في وضع وطرح مشروع تقدمي جديد على الشعب المغربي. فهل يمكن لهذا المشروع أن يقفز على البعد و على المسألة الدينيين بما هما سؤال نشترك ببن التيارات المنهزمتين اليوم؟
تقديري أن المشروع التقدمي سيكون تعدديا و يجب بالضرورة أن يكون من بين أقوى مكوناته في هذه المرحلة القادمة توجه برؤية تقدمية للدين و المسألة الدينية عموما . هذا ليس بالجديد خاصة على الحركة الاتحادية . لقد تعايش داخل الاتحاد بشكل متناغم ولفترة طويلة هذا الطرح التقدمي للدين مع كل تنوعات الفكر اليساري. لقد شكلت لحظة المؤتمر الاستثنائي وخاصة التقرير الاديلوجي لحظة تطوًر فكري غير مسبوق للحركة الاتحادية. لكن كانت الاضافة الفكرية في المسألة الدينية من دون أي جديد على الحركة ولم يول التقرير الاديولوجي المسألة الدينية و الثقافية عموما نفس الاهتمام الذي أولاه مثلا لمفهوم الدولة او لظاهرة التخلف. وجه التناقض في محطة المؤتمر أن الحركة الاتحادية كانت تستشعر من خلال مختلف الممارسات و التطورات على أن المد الديني السياسي في صعود سواء بدفع من الدولة المغربية نفسها أو بسبب سياسات إقليمية خاصة مع تحالف النظام المصري الساداتي مع حركة الاخوان المسلمين أو مع الطفرة البترودولارية التي أعطت دعما ماليا و سياسيا للحركة الوهابية.
لم يمض أكثر من أحد عشر شهرا عن المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 حتى امتدت يد الإجرام لقيادة الاتحاد لتغتال الرمز اليساري الأبرز بين عناصر هذه القيادة .
لقد أخطأت الحركة الاتحادية عندما ركزت في هذه الجريمة النكراء على بعدها السياسي والجنائي ولم تنتبه إلى أن المواجهة مع الحركات الاسلامية لن تحسمها السياسة لوحدها. بل على عكس ما كانت تتطلب المرحلة حصول انجراف متدرًج و متزايد داخل الحركة نحو سياسة سياسوية أو نحو خط انتخابوي انتهت بفك الارتباط مع الفكر والثقافة عموما وهو تجسد في الابتعاد تباعا عن الحياة الحزبية لكل مثقفي الحزب.

استنتج من كل ما سبق على أن المشروع التقدمي بحاجة لتجديد نظرته للسياسية بما هي مجال لتدبير و تحقيق المصالح وفق مقاربة واقعية. واقعية للتغيير المنهجي وليس لأي استسلام للأمر الواقع. فالفئات التي يفترض في أن المشروع التقدمي هو بالأساس مشروعها أصبحت بدورها أقرب إلى الواقعية ولا تستهويها الوعود و المشاربع الخلاصية.
من جهة ثانية و من أجل فعالية فكرية وثقافية قصوى داخل الحركة التقدمية سيكون من الضروري انتهاج مقاربة وظيفية للتنظيم الحزبي مقاربة تسمح بالتمييز زمنيا و هيكليا وٱليات اشتغال بين مختلف الوظائف ومن أهما الوظيفية الحوارية التواصلية حيت بفتح الباب بالتساوي بين كل الحساسيات الثقافية داخل الحزب على قاعدة أن الفكر و المعتقد هي مجالات للحرية الكاملة شريطة أن تبقى و تدعم الاختيارات و البرامج السياسية للحزب. بهذه الطريقة يمكن أولا أن تزدهر الحياة الثقافية داخل الحزب وتغتني وثانيا يمكن أن تساهم في تغذية الاختيارات و الممارسات السياسية للحزب ببعد عقلاني وابداعي يحتاج إليهما بشدة المشروع التقدمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube