أخبار دوليةمستجدات

أمريكا: إصلاحات جو بايدن أمام محك انسجام الديمقراطيين

أحمد رباص – حرة بريس

هناك أمران لا ثالث لهما، إما أن الديمقراطية الأمريكية تشتغل على أحسن ما يرام أو، بالعكس تماما، تعبر عن تشنجاتها. مناسبة هذا الكلام أن الكونجرس كان مسرحا لاضطراب غير مألوف، بوم الخميس 30 سبتمبر، بينما كان هناك عدد من الملفات المهمة موضوع تداول داخل مجلس النواب، بالإضافة إلى الضجيج المترتب عن مفاوضات الكواليس، ومؤتمرات الكوارث، والهواتف التي فرغت بطارياتها، وحركات وسائل الإعلام : لم يكن هذا اليوم المحموم تعبيرا عاديا عن الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين.
هذه المرة، استحوذت الانقسامات الداخلية بين الديمقراطيين على الاعتبار وعرّضت حسابات إدارة بايدن للخطر. إنه في الحقيقة أمر معقد، شبيه ب”صنع النقانق في مبنى الكابيتول”، كما قال بساكي، المتحدث باسم البيت الأبيض، مستعملا عبارة لها قيمتها عند المتخصصين في الحياة البرلمانية.
يمكن أن تكون هذه الاختلافات المعروفة منذ فترة طويلة بين المعتدلين والتقدميين أقل وضوحا لو لم تكن الأغلبية التي يتوفر عليها الحزب الديمقراطي هشة للغاية: 220 من الديمقراطيين مقابل 212 من الجمهوريين في البرلمان والتعادل (50-50) داخل مجلس الشيوخ، مع صوت مرجح إضافي لكامالا هاريس، نائبة الرئيس.
هذه هي الطريقة التي انتهت بها كل الاجندة الاقتصادية الاجتماعية لجو بايدن تحت رحمة إثنين من أعضاء مجلس الشيوخ الوسطيين، جو مانشين (فرجينيا الغربية) وكيرستن سينيما (أريزونا). خارج هذا الحساب، تتمثل مصلحة الديمقراطيين في تحقيق أقصى استفادة من الانفتاح السياسي الذي لن يتكرر: إعطاء معنى تاريخي لرئاسة بايدن، من خلال إعادة صياغة عبارات دولة الرفاهية الأمريكية. لكن هذا الرهان تم التغاضي عنه في مبنى الكابيتول، تحت زحمة مفاوضات أصحاب المتاجر.
لكن المثير للاستغراب عودة أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بأعجوبة إلى اكتشاف مزايا الاعتدال في الميزانية، خاصة بعد الإجراءات الضريبية الباهظة التي كانت مواتية للغاية للأثرياء في الولاية الرئاسيةالسابقة. لهذا، كانت المسألة الأساسية والأكثر إلحاحا في المفاوضات هي مسألة الميزانية.
أدى التصويت داخل الغرفتين على قانون مالية مؤقت، وقعه جو بايدن خلال الليل، إلى تأجيل مخطر إغلاق وشلل الشركات الفيدرالية بسبب نقص الأموال إلى ثلاثة ديسمبر. وانصب الورش الثاني على سقف الدين (المحدد عند 28400 مليار دولار، حوالي 24500 مليار أورو)، والذي يجب رفعه بحلول 18 أكتوبر، تحت عقوبة رؤية أمريكا، للمرة الأولى، وهي تشخص سيناريو التخلف عن السداد السيادي.
يريد الديموقراطيون أن يتحمل الجمهوريون وحدهم المسؤولية عن أي عرقلة، في حين أنهم وافقوا هم أنفسهم، ثلاث مرات في عهد دونالد ترامب، على رفع هذا السقف.
ويندد الجمهوريون بنفقات “غير مسؤولة” ويعارضونها بشدة، لذلك عمد الديمقراطيون إلى مناورة برلمانية تتيح لهم تجاوز العرقلة من جانب المعارضة في مجلس الشيوخ واعتماد الشق الاجتماعي بأصواتهم الخاصة لكنهم لا يملكون سوى غالبية هشة جدا في الكونغرس.
وفي الوقت الحالي، يختلف الجناح اليساري والوسطيون على قيمة خطة الإصلاحات الاجتماعية حيث يعتبرها بعض الديمقراطيين المعتدلين مرتفعة جدا.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الشيوخ وافق على مشروع القانون الأول المتعلق بالبنية التحتية في غشت بدعم من الديمقراطيين وثلث الجمهوريين، ثم أوقفته رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي في مجلس النواب حتى تتقدم المفاوضات حول خطة إعادة البناء بشكل أفضل.
وأمام ارتفاع أصوات من النواب الديمقراطيين ضد خطتي بايدن الاقتصاديتين، أرجأ الكونغرس التصويت عليهما إلى أجل غير مسمى.
ولم يتوافق الديمقراطيون الذين يحوزون أغلبية ضيقة في مجلسي النواب والشيوخ، حتى الآن حول خطة الاستثمار في البنية التحتية التي تبلغ قيمتها 1,2 تريليون دولار وتحظى بدعم جزء من الجمهوريين، وخطة إصلاح اجتماعي حددت قيمتها المقترحة في حدود 3,5 تريليون دولار.
كان من المقرر إجراء تصويت نهائي هذا الأسبوع على خطة البنية التحتية، لكن نوابا من الجناح اليساري للحزب الديموقراطي هددوا بمعارضته مشترطين إقرار خطة الاصلاح الاجتماعي أولا.
وجاء ذلك نتيجة معارضة عدد من أعضاء الكونغرس الديموقراطيين الوسطيين لحجم خطة الاصلاح الاجتماعي الذي يعتبرونه مرتفعا، ويطالبون بخفض قيمتها لا سيما وأنها ستمول عبر زيادة الضرائب على الأغنياء والشركات الكبيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube