ثقافة وفنونمستجدات

أسرابُ الطَّيْر والمنجل :

مصطفى الزِّيـــن


قَالَتْ أُمِّي:
يَا وَلَدِي، لاَ تَعْجَلْ
ألْمِنْجَلُ نَفْسُ الْمِنْجَلْ
لَمْ تُسْتَبْدَلْ
إلاَّ قَبْضَتُهُ
وَيدُ الْحَصَّادِ
دَوْماً بِالْمِرْصَادِ
لِلْأرْزاقِ ..لِلْأعْنَاقِ
لاَ تَتَوانَى أَوْ تَكْسَلْ
قُلْتُ : يَا أُمِّي
إِنِّي أَرَى، الْآن، مَا يُسْتَبْدَلُ
بِالْمِنْجَلْ؛
مَسْخاً أُسْطُورِيّاً أَفْتَكَ
يَا أُمِّي .. وَأقْتَلَ ..أَقْتَلْ
حِيناً يَتَرَاءَى كالآتي في المرآة
طَيْرًا أَزْرَقَ فِي لَوْنِ عُيُونِ الرُّومِ
حَمَاماً قًُمْرِياًّ ..
وَلاَ أجْمَلْ
وَأَرَاهُ يَحُطُّ عَلَى الْحَقْلِ وَفِي الْبَحْرِ
مُجَنْزَرَةً تَقْطُرُ جَرَّاراً
تَقْطُرُ مِنْ أَضْرَاسِهِمَا
أَشْلاَءُ ..دِمَاء ِبَنِي الْأَرْضِ
وَأنْسَاغُ الْخُضْرَة ِ
فِي هَذِي اْلأَبْرَاجِ..
فِي الْحُفْرَةِ..
لَا تَحْفَلْ
وَكاَنَ أَبِي
يَسْمَع ُ لَا يَلْتَفِتُ..
شَغَّالاً ، كَالنَّمْلَة ِ، كَالنَّحلَةِ ، يَعْمَلْ
قَالَ : هُوَ ذَاكَ نَفْسُهُ دَوْماً
-يَاوَلَدِي- نَفْسُ الْمِنْجَلْ
وَعَزَازِيلُ مَا يَنْفَكُّ بِهِ يَحْصُدُ ..
شَغَّالاً يَعْمَلْ
وَكَانَ أَبِي
بَعْدَ أَنْ حَفِظَ الدَّرْسَ ،أُمِّيًّا
لاّ يَتَلَفَّتُ أبَداً لِلْأخْبارْ
لاَ يَرْجُو تَغْيِيراً
لاَ يَثِقُ أَبَداً بِعَبِيدٍ أَوْ أَحْرَارْ
يَرْدِمُ الْحُفْرَةَ أَوْ يَبْنِي
دَوْماً شَغَّالاً يَعْمَلْ
حَتَّى سَقَطَ عَلَيْهِ مَغْشِياًّ
فَحَمَلْنَاهُ إِلَى مَقْبَرَةِ الْإنْعاشِ
فَعَاشْ
وَطَار َسَرِيعاً فِي الْأجْوازِ
فَرَأيْتُهُ فِي غَبَشِ الْفَجْرِ
فِي أَرْجَاءِ الْجَنَّةِ
شَغَّالاً يَعْمَلْ
وَكَانَتْ أُمِّي إلَيْهِ تَطِيرُ
وَتُنادِينَا إلَيْهِ نَطِيـــرُ
[لَكِنيِّ رأيتُ أََخِي الْأَكْبَرَ-وَالْأَصْغَرْ-
يَطِيرُ ، وَيَحْتَرِقُ، فِي الْبُوغَازِ
إِلَى وَهْمِ جَنَّتِهِ فِي أَعْلَى الْأَرْضْ
وَبَعْدَ سَنَوَاتٍ قَضَّاهَا مُغْتَرِباً
فِي الْمَطْهَرْ
أَخَذَتْهُ ،فِي عَجَلٍ، أَسْنَانُ الْمِنْجَلْ
وَعَادَتْ روحهُ فِي مَقْبَرَةِ الإِنْعَاشِ..
مَرْضِيّاً فِي أَدْنَى الْأَرْض…]
تَعْرِفُ أُمِّي أَّنَّ أَبِي لاَ يَطْرَبْ
أَبَداً لِلْحُورِ الْعِـينِ
وَيغْضَبْ
إِنْ هِيَّ إلَيْهِ لَمْ تَعْجَلْ
وَيضجَرْ
مِنْ طُولِ الاسْتِرْخَاءِ
وَلاَ تُعْجِبُهُ الْأَطْيَارْ
تَصِيرُ إِلَيْهِ ، فِي الأَطْبَاقِ ، تَطِيرُ
وَتُطْرِبُهُ الْأَطْيَارْ
تَؤُوبُ إِلَى الَأَعْشَاشِ
كُلَّ مَسَاءٍ، لاَ يُطْرِبها
أَنْ تَسْهَرْ
وَتَصْحُو مُنْذُ الْفَجْرِ
وَهْيَ تُغَنِّي ..وَتُرَفْرِفْ
وَتُصَلِّي..وَتُسَبِّحُ أَوْ تَسْبَحْ
وَهْيَ فِي دَأَبٍ تَعْمَلْ
لَا تَأْبَهُ أَبَداً لِلْمِنْجَلْ
إِنْ كَانَتْ قَبْضَتُهُ تَبْقَى
أَوْ إنْ تُسْتَبْدَلْ


وَرَأيْتُ أَسْرَابَ الطَّيْرِ
لاَ تَفْنَى
مَهْمَا قَبَضَاتُ الْمِنْجَلْ
دَوْماً تَبْلُو
تَبْلَى،أَوْ لاَ تَبْلَى
مَهْمَا تُسْتَبْدَلْ
أوْ تَعْيا وَتَفْدَمْ
..مَهْمَا تُسَنُّ وَتَفْتِكُ
أَسْنَانُ الْمِنْجَلْ
صفرو- الأحد 12 شتنبر 2021 .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube