محمد بوبكريمستجدات

مات “البوليساريو”، وانتهى المشروع التوسعي لجنرالات الجزائر،وأغلقت كل الأبواب أمامهم، فأصيبوا بالسعار، وقطعوا علاقاتهم مع المغرب

محمد بوبكري

يرى بعض الخبراء أن المغرب قد واجه بحكمة وصبر وثبات كل المؤمرات التي مارسها حكام الجزائر ضده لحوالي نصف قرن،. لكن حكمة المغرب مكنته من أن يحول كل العوائق التي اعترضه إلى عوامل قوة جعلته يشق طريقه التنموي المستقل بكل صبر ومثابرة، حيث استطاع أن يعري العقلية التآمرية لجنرالات الجزائر، ما مكنه من ربح الرهان. هكذا، فقد استطاع المغرب أن يكشف الوجه الحقيقي لحكام الجزائر عبر تعرية ما يفتعلونه من مؤامرات ضده، حيث تمكن من أن ينزع منهم كل الأوراق التي كانوا يوظفونها ضد وحدته الترابية، وكشف للعالم أن كل ذلك يدل على رغبتهم التوسعية على حساب جيرانهم، وعلى راسهم المغرب…
لقد أستطاع المغرب أن يقنع الرأي العام الدولي بأنه لا وجود لشيء اسمه “البوليساريو”، وإنما هو خرافة من اختلاق حكام الجزائر، سرعان ما تبخرت، واستحالت إلى عدم. فبفضل القمر الاصطناعي محمد السادس، استطاع المغرب أن يقدم حججا على أن مليشيات “البوليساريو” تقيم في الأراضي الجزائرية، وتنطلق منها لمهاجمته، وتعود إليها بعد انتهاء المهمة التي كلفها بها جنرالات الجزائر ، حيث تخترق الشريط الحدودي العازل، بين المغرب والجزائر، لمهاجمة الأراضي المغربية، فتأكد المنتظم الدولي أنها ليست مقيمة في الأراضي المغربية، ولا في الحزام العازل ، حيث ليست هناك أراض محررة كما تدعي أبواق جنرالات الجزائر والإعلام التابع لهم محليا ودوليا. وبذلك اقتنعت الأمم المتحدة بالواقع كما عرضهالمغرب،لأن القانون الدولي يحمي المغرب،حيث إنه لايعترف بأي حق لمن يقيم خارج المغرب في المطالبة بجزء من أراضيه، لانه لا يقيم فيها، فصار المنتظم الدولي لا يؤمن بوجود أية مناطق محررة من قبل مليشيات “البوليساريو”، الامر الذي مكن المغرب من تسفيه الادعاءات الباطلة لحكام الجزائر والأضاليل التي يروجها إعلامهم الذي يتوهم وجود مناطق محررة ، أو حروب متوهمة بين القوات المغربية وميليشيات “البوليساريو”…
هكذا، فبواسطة القمر الاصطناعي محمد السادس، استطاع المغرب أن يقدم الدليل على أن مليشيات “البوليساريو” تنطلق من التراب الجزائري للقيام باستفزاز القوات المغربية .وما دام الأمر كذلك، فقد انفضح أمر الجزائر، وتاكد للعالم أنها تحتضن هذه المليشيات، وتدفعها إلى استفزاز المغرب بغية استنزافه وإضعافه، فبات العالم يعي أن ما يسمى بـ “البوليساريو” هو مجرد خرافة ابتدعتها الجزائر للتوسع على حساب المغرب، الأمر الذي يتعارض جذريا مع القانون الدولي، حيث تأكد أن “البوليساريو” هو مجرد قناع يختفي وراءه جنرالات الجزائر لإخفاء أطماعهم التوسعية في المغرب. وهذا ما يفسر رفض جنرالات الجزائر لأي حوار مع المغرب بدون إحضار مليشيات “البوليساريو”.
لقد انعقدت موائد مستديرة، في إطار الأمم المتحدة. بـ “” جنيف”بسويسرا”،في سنة2018، رفض خلالهاحكام الجزائر ومليشيات ” البوليساريو” بشكل قطعي مقترح “الحكم الذاتي” الذي عرضه المغرب. فكانت هذه المناسبة آخر فرصة بالنسبة لكل من الجزائر ومليشياتهم . ولحسن الحظ أنهم رفضوا هذا المقترح، لانه كان في إمكانهم استغلاله عبر الانخراط في مناقشة بنود “الحكم الذاتي”، واتخاذ ذلك وسيلة لعرقلة أي تقدم في ذلك عبر اقتراح مساطر غير موضوعية، لن يقبلها المغرب، الأمر الذي كان سيمكنهم من المزيد من الابتزاز ومحاولة ضمان استمرار المشكل. وما لا يعلمه جنرالات الجزائر، الذين يتبعون نهج “هواري بومدين”، الذي قال ذات يوم: إن مشكل الصحراء سيصبح حجرة في حذاء المغرب تعوق سيره وتطوره، لكن ما لا يعلمه هؤلاء الحكام اليوم هو أن ما يرغبون في وضعه من عرقلة لنمو المغرب، قد جعل هذا المشكل الذي افتعله حكام الجزائر يتحول مع مرور الزمن إلى حجرة في حذاء الجزائر تعوق نموها، بل تخلق لها مشاكل اقتصادية واجتماعية قد تعصف بالجنرالات، الذين اتخذوا تمويل مليشيات “اليوليارسو” ذريعة لنهب أموال الشعب الجزائري، فعملوا على تفقيره وتجويعه وتجهيله لصالح تمويل مليشيات “تندوف”.
لذلك، خسر حكام الجزائر كل شيء، حيث لم يعد في إمكانهم الدفاع عن “البوليساريو”، الذي صار مؤكدا أن حكايته قد انتهت. كما أن الحملات الإعلامية المسعورة ضد المغرب لم يعد لها أي تأثير، بل صار العالم ينظر إليها بكونها مجرد افتراءات، حيث إن من يقوم بقراءة نفسية لكل ما تنشره وسائل إعلام جنرالات ضد المغرب، سيكتشف ان هؤلاء الجنرالات يعانون من عقدة نفسية اسمها “المغرب”؛ فهي ناجمة عن حقدهم على المغرب. ويستخلص قارئ الصحافة العالمية أنها لا تثق في إعلام الجزائر، بل إنها تسخر من جنرالات الجزائر، لأن افتراءاتهم على المغرب، جعلت العالم يسخر منهم، فتحولوا إلى أضحوكة. لذلك، إذا كان الجنرالات يتوهمون ان الحرائق التي عرفتها الجزائر هي من تدبير أياد أجنبية، لكنهم لا يدركون أنه يوجد اليوم علم يسمى “علم الحرائق”يمكن أن يكشف عن تاريخ إضرام الحرائق ومدتها والمواد المستعملة لإضرامها وغير ذلك من القرائن التي يمكن أن تدل على الجهة التي افتعلتها…لذلك، فإن ذكاء “فرحات مهني” زعيم حركة “الماك”القبائلية قد دفعه إلى رفع دعوة لدى مختلف المحاكم الدولية يطالب فيها بإجراء تحقيق لتحديد الجهة التي أشعلت هذه الحرائق. ولا نزال ننتظر قرار المحكمة الذي سيقضي بأن يتم فرض القيام بالتحقيق على حكام الجزائر، الذين إذا قاموا برفض ذلك، سيكشفون عن وجههم النازي، حيث سيتأكد أن نزعتهم العنصرية ضد أهالي “القبايل” هي التي دفعتهم إلى ارتكاب هذه الجرائم البشعة ضدهم …
تبعا لذلك، يتضح اليوم أن ما يسمى بـ ” جبهة البوليساريو”قد أصبح مشكلة داخلية بالنسبة الجنرالات وعليهم أن يتحملوا عواقب اختلاقه، ، حيث انقلب السحر على الساحر، ما يؤكد أن المشاكل التي يفتعلها حكام الجزائر ضد المغرب سرعان ما تنقلب ضدهم، لأن حكمة المغرب مكنته من أن يحول “الأزمة” التي خلقها له هؤلاء إلى فرصة للوثب قدما إلى الأمام، ما مكنه من الانخراط في آفاق تنموية واعدة…. لذلك، فإن المغرب لم يقبل أن يتحدث مع مليشيات “البوليساريو”، بل كان راغبا في الحديث مع حكام الجزائر وحدهم، لا مع الأشياء التي صنعوها وجدير بالذكر أن قضية “الكركرات” قد شكلت مرحلة مفصلية في الحسم مع مليشيات “البوليساريو”، حيث قامت هذه الأخيرة بإغلاق معبر الكركرات، ما شكل فضيحة أفريقية ودولية. لكن المغرباستطاعأيضا، بواسطةالقمرالاصطناعي محمدالسادس، أن يبين للرأي العام الدولي، بما لا يدع مجالا للشك، أن هذه المليشيات قادمة من داخل الجزائر ، لا من “العيون”، او “الداخلة”، أو “بوجدور”، فتأكد للمنتظم الدولي مرة أخرى أن مشكلة الصحراء المغربية هي من اختلاق جنرالات الجزائر وتدبيرهم، لأن من يعيش داخل الجزائر، ويسلحه حكامها، لا يمكنه أن يطالب بارض مغربية لا يعيش فيها، حيث سيكون كمن يعيش مخيمات ” تندوف” ويطالب بتحرير إقليم في اليابان، أو في كولومبيا، او أستراليا، لأن هذا يتنافى مع القوانين الدولية..
هكذا، لم تعد اي فرصة أمام مليشيات “البوليساريو. وهذا ما يفسر رفض جنرالات الجزائر لأي حوار مع المغرب، لأنهم يعرفون أنه إذا حدث ذلك، لن يعود في إمكانهم الاستمرار في طرح مشكلة الصحراء المغربية، لأنه لن يكون لهم أي حق في ذلك. لذلك، نجد أنهم يرفضون أي حوارمع المغرب بدون إحضارمليشيات “البوليساريو”، حيث إن ذلك سيمكنهم من ابتزاز المغرب من أجل تحقيق طموحاتهم التوسعية على حسابه. وما دامت ورقة مليشيات “البوليساريو” قد تمزقت في أيدي جنرالات الجزائر، ولم تعد قابلة للاستعمال، فإنهم لا يزالون يصرون على رفض الحوار مع المغرب، لأن المغرب لا يقبل بأي محادثات مع “مليشيات البوليساريو” التي تأكد للعالم اليوم أن العسكر هم الذين خلقوها ويمولونها ويسلحونها، لذلك، فإن المغرب لن يقبل بأية محادثات مع هذه الميليشيات، لأن ذلك يتعارض مع القانون الدولي. وإذا حدث أن انعقد اجتماعبينالمغربوحكامالجزائر، فإنهلنيقبلمنهمالحديثعن مليشيات “البوليساريو”، حيث إنه سيعتبره تدخلا في شؤونه الداخلية، الأمر الذي ترفضه القوانين الدولية. وإذا أقدم حكام الجزائر على فعل ذلك ، فإنه سيصبح ممكنا لهم القيام بالتدخل في الشؤون الداخلية للهند باسم قبيلة معينة، أو طائفة دينية معينة… هكذا، ينكشف غباء حكام الجزائر، الذين يرفضون مراجعة ذواتهم، لأنهم أوصدوا كل الأبواب التى كانت مفتوحة أمامهم، ما تسبب في عزلتهم عالميا، فأصبحوا يخبطون خبط عشواء…
لقد مد ملك المغرب يده لجنرالات الجزائر من أجل الحوار معهم، لكنهم رفضوا ذلك، ما مكن المغرب من تسجيل هدف ذهبي في شباكهم، امام أنظار الرأي العام الدولي واجزائها، اللذان حبذا موقف الملم. ومن باب الحرص على حسن الجوار قام ملك المغرب بعرض مساعدة على حكام الجزائر لتمكينهم من إطفاء الحرائق التي اشتعلت في مختلف المناطق الجزائرية، كما أنه قام بتعزية حكام الجزائر في كل ضحايا هذه الحرائق . لكن هؤلاء رفضوا القيام بأي رد إيجابي، فصاروا محرجين أمام العالم، الذي بات يرفض التعامل معهم. وإذا كان ملك المغرب قد مد إليهم يد الحوار مرارا، فقد بات مؤكدا أنه لن يمدها لهم مرة اخرى؛ فالمغرب ماض في طريقه المستقل، الذي اختاره لنفسه، وهو مستعد لكل الاحتمالات، حيث لن يستطيع أي أحد إملاء أي شيء عليه…
واليوم، فقد قطع المغرب مراحل تنموية مهمة، وإذا أراد حكام الجزائر أن يبلغوا مستوى رقيه، فيلزمهم عدة عقود، لان ذلك يقتضي حدوث تحول فكري لديهم يمكنهم من تطوير مشاريع وإنجازها، ما يتطلب زمنا غير يسير. أضف إلى ذلك أنه قد صار مؤكدا أن مسلسل الاعتراف الدولي بشرعية المغرب على صحرائه، قد قطع العديد من الأشواط، حيث اعترفت دول عديدة بذلك، بل صار طرد مليشيات “البوليساريو”من الاتحاد الأفريقي وشيكا، كما أن موريتانيا سائرة في اتجاه إلغاء اعترافها بـمليشيات ” البوليساريو”. فضلا عن ذلك، لقد تمكن المغرب من ضمان الحياد الإيجابي لإسبانيا في قضية الصحراء المغربية، حيث إن الصرامة التي طبعت الحوار معها قد جعلتها تلتزم بعدم التدخل في شأن مغربية الصحراء، والابتعاد عن كل ما يتعلق بذلك. هكذا ستسود علاقات جديدة، تنهض على أسس جديدة، مع اسبانياوالاتحادالأوروبي حيث ستكون قائمةعلى الاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، دون أي تدخل في الشؤون الداخلية للمغرب. وبذلك، سيسود التعاون في مختلف المجالات لصالح المغرب وإسبانيا والاتحاد الأوروبي على حد سواء…
تبعا لكل ذلك، فإن النزعة القبلية والفروسية لحكام الجزائر قد جعلتهم يشعرون بمرارة قاتلة، ضاعفت من سعارهم ، لانهم أنفقوا جبالا من الملايير على مليشيات “البوليساريو”، وتخلوا عن تنمية بلادهم، وفقدوا شعبهم. هكذا، فإن النزعة التوسعية لحكام الجزائر جعلتهم يخسرون كل شيء، حيث مات “البوليساريو”، وتبخرت أحلامهم، ولم يعد لهم أي مستقبل، فصارا محتملا أن ينعكس كل ذلك سلبا على الكيان الجزائري.
خلاصة القول إن كلا من النزعة العرقية والقبلية لا تفيد في شيء في مجال السياسة..لذلك على حكام الجزائر أن يستفيدوا من دروس التاريخ لفهم الأسباب التي أدت إلى انهيار الكيانات العنصرية، والمشاريع الطائفية التي لم تنجم عنها سوى الكوارث. ولهم في تاريخ الشرق الأوسط وأوروبا ما يكفي من الأمثلة على انهيار كل المشاريع التي انطلق أصحابها من هاتين النزعتين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube