أخبار دوليةمستجدات

ليبيا و تحدي توحيد المؤسسات العسكرية و الأمنية

محمد الجميلي

بعد نحو 10 أيام من تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بأن بلاده كانت ستتدخل لمنع سقوط العاصمة الليبية طرابلس في يد المرتزقة، أرسلت قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) التي يقودها حفتر قوات إلى مدينة سبها الجنوبية ثم دفعت بقوات يوم السبت إلى معبر على الحدود الجنوبية مع الجزائر، و قالت إدارة التوجيه المعنوي بالجيش الوطني: “القوات المسلحة تُغلق الحدود الليبية الجزائرية وتعلنها منطقة عسكرية يُمنع التحرك فيها”.
هذه الخطوة التي وصفت  ب”الإستعراضية” تمت   في الوقت الذي تسعى حكومة الوحدة الوطنية لتوحيد الألوية العسكرية و الوحدات الأمنية ” فقد رفضت قوات المشير الامتثال لقرار المجلس الرئاسي في البلاد القاضي بحظر انتشار القوات أو أي تحرك تقوم به دون إذن رسمي، كما أنها امتنعت عن فتح جزء من طريق البحري السريع بين مصراتة وسرت” روسيا اليوم..
على الجانب الآخر من الحدود الغربية الليبية برزت تأويلات جزائرية ترى في خطوة المشير المتقاعد أكثر من لفت الإنتباه إلى دوره لمؤتمر برلين2، و أدرجتها ضمن خطة متسقة مع  مناورات القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا “أفريكوم” التي أقيمت بمشاركة عدد من الدول الإفريقية و المغاربية لمحاكاة “غزو الجزائر” على منوال قصة “الأسد المتأهب” في الحالة السورية،  الربط في هذه الحالة يدخل في باب التكهنات التي لا تسندها  الوقائع   من وجهة نظرنا فالمعطيات تشير أن قوات حفتر التي تعثرت على أبواب طرابلس، من غير الوارد أن تنخرط في لعبة أو بمعنى أدق مؤامرة كبيرة من هذا القبيل، لاعتبارين:
1-  شق ذاتي مرتبط بالجيش الوطني الليبي التابع لحفتر. فالأحداث أكدت محدودية القوات التابعة له  في تحقيق نصر بين  على خصومه و أكدت معادلة لا غالب و لا مغلوب، زد على ذلك أن الخبراء يشككون  في قدرته على تغطية حدود تمتد 990 كيلومترا. و لعل هذا ما قصده المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا  في تصريح ل”أصوات مغربية” بالقول:”يجب أن أشير إلى أن الأحداث الأخيرة في تشاد تذكير لجميع الليبيين والقيادة الليبية بأن البلد بحاجة للسيطرة على أراضيه وضبط حدوده. فبعض المتمردين الذين دخلوا إلى تشاد وقتلوا الرئيس كانوا متمركزين في ليبيا، وبعضهم تدرّب على يد عناصر في ليبيا”.
2- وجانب موضوعي مرتبط بتحديات منطقة الساحل  التي يعتبرها الناتو مسرح لتحديات “معقدة ومترابطة” التي تتزامن مع انكفاء العمليات الفرنسية ضد  المتشددين مع إعلان انتهاء عملية “برخان” العسكرية الفرنسية. و عليه يكون هذا الرهان ساقط للإعتبارات السابقة و لأن التحديات الأمنية و عدم الإستقرار    تتجاوز الإقليم المغاربي، و الدول المتوسطية، و هل يستطيع الإقليم و من حوله تحمل تداعيات إستهداف دولة من حجم الجزائر و الأزمة الليبية لما تأخذ طريقها نحو السلام المستدام. ؟
الإدارة الأمريكية الجديدة حسب  الإفادات  الصحفية لمبعوثيها تركز على الإبتعاد عن تأجيج الأوضاع في الإقليم و العسكرة، و تعطي الأولوية لحل النزاع الليبي دبلوماسيا بالتعاون مع القوى الإقليمية لضمان اتخاذ إجراءات بناءة تدعم السلام والأمن، في السياق نقلت “أصوات مغاربية”  أن الأدارة الجديدة  تريد دفع العملية السياسية، التي تتوسط فيها الأمم المتحدة منذ سنوات، نحو نهاية مقبولة لجميع الأطراف”، و الطريق الوحيد وفق الرؤية الأمريكية “سيطرة ليبيا على أراضيها هي عبر جمع كل قوات الأمن تحت قبعة واحدة”، فهل ستستجيب  “العشرات من الفصائل المتجمعة بشكل رئيسي في مجموعتين” مسنودة بمرتزقة دوليين لداعي السلام و الوحدة؟..
إعلاميا يتم التصويب  كثيرا على حفتر الذي يتهم ب”العصيان المفتوح للسلطات المركزية”، بالمقابل لم يسلط الكثير من الضوء على سلوك  “قوة حماية طرابلس” فقد امتحن باشا أغا وزير الداخلية السابق امتحانا عسيرا في مواجهة تفلتات الميليشيات بالعاصمة الليبية طرابلس التي كانت تستعرض قوتها بعدد كبير من المدرعات والسيارات المسلحة بحيث لا يكاد يخلو حي واحد من سيارات مسلحين، و هكذا في مختلف المدن الخاضعة لحكومة الوفاق-سابقا-. و قد لمع نجم قوات مصراتة التي “ترى أنها الأقوى والأجدر بالحكم إذ تتميز بالتفوق العددي والنوعي وبالتسليح. ” ويضم الجناح المسلح لهذه الميليشيات لواء النواصي وقوات الردع الخاصة، إضافة إلى ميليشيات مصراتة وفي مقدمتها لواء حلبوص، وميليشيات الصمود، والمحجوب، والفاروق، وميليشيات باب تاجوراء، وغرفة الثوار بالزاوية…

أما ميليشيات طرابلس فتضم التشكيلات التالية: ثوار طرابلس، وميليشيات ما يعرف بالأمن المركزي، وقوة التدخل المشتركة ومليشيات البقرة وعدد من السرايا الصغيرة…بالإضافة لمرتزقة سوريين.
إذا كانت شخصية حفتر الكاريزمية استطاعت أن تؤلف قوات منضبطة للقائد، فالميليشيات المستندة لشرعية ثورة فبراير تغيب فيها القيادة الجامعة و بعض الميليشات العقائدية ليست في وارد التسليم، خاصة وأن مراجعها يرون أن فرصة الحكم قضية وجودية، لهذا فمجهودات توحيد المؤسسات العسكرية و الأمنية تبقى من التحديات الكبرى في طريق استقرار ليبيا…  
حكومة الوحدة  التي تستعرض باستحياء منجزاتها بعد مائة يوم من انطلاقتها يبقى التحدي الأكبر أمامها توحيد المؤسسات العسكرية و الأمنية، إلى ذلك تمضي وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش بصلابة في الدعوة لرفع الوصاية على ليبيا  بجلاء القوات الأجنبية وسط حديث عن جدولة رحيل وكلاء روسيا وتركيا عن البلاد التي أنهكتها الحرب و الخصومات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube