ثقافة وفنونمستجدات

الشاعرة المغربية الأندلسية نادية بوشلوش عمران “إني قد تشابهت علي الغيوم…فدليني”

يقلب أصابعه على كفوف السماء
يترنح يمينا و شمالا
يهدر ،وقته بين ملامح الصبح و المساء
يقيس الشمس على أصابعه ، مبتسما بخبث و بدهاء
يحسبها
قرصا قرصا ، شبرا شبرا
شعاعا نورا و ضوءا
و يحلم بقطفها فاكهة محرمة
و هو جالس على كرسي عرشه
بدون عناء
بين موج البحر و إطلالة المساء
ترانيم أغنية هندية هادئة
تشرق على موسيقى تسدل ألحانها على إحساسه بهدوء
يقشعر و يخشع لها الجلد ،فصير ألمسا كجلد الحية الرقطاء
تلتف كعليق على مسامعه ،تورق وريقات ناعمة خضراء
أقراط تزين أذانه ،تتدلى بالحسن كأجسام حسناوات النساء

في حديقته الورد و العوسج و الريحان
الحبق و الأوركيد و النرجس و الياسمين
على يمينه ثمانية من ثماثيل رومانية بيضاء
في الحقيقة هي تماثيل مسروقة من متاحف روما
لأجمل النساء
و على يساره هوادج عربية من لؤلؤ الإمهاء
في الحقيقة ،هو نخاس نجوم
يسرق اللحظة في أجمل لحظات اللقاء

يحسب عدد علب ألوانه ،
يجمعها يطرحها و يضربها في ألفا ،
ثم يقسمها على ألفين عددا إلى ما لا نهاية
أللوان زيتية ،و أللوان مائية و أخرى زجاجية
بيضاء و صفراء و حمراء و سوداء
رمادية خضراء و بنية و زرقاء
يصف ريشاته و فرشاته على مرايا الماء
يرتب أقلام حبره على يمينه
و أقلام رصاص و أقلام فحم على يساره

محتار ،مسافر بين كر و فر
بين جزر و مد
بين بعد و قرب
و بين لوعة و غضب
يسألني أنا ،في هيسترية
في أي !!! غيمة من غيوم السماء
سيرسمها
يقول لي متلعثا
بين دخان سيجارته و بين كأس نبيذه
بأنه قد تشابهت عليه الغيوم
و يريد في عجالة دليلا مني
يسألني في حيرة ،و بكامل الجنون
ألا دللتني على غيمة فريدة من نوعها
تبقى لألف سنة
و لا تسقط منها أمطارا لألف سنة
لا تتبخر و لا تنصهر ،لألف سنة
لا تذوب و لا تختفي لألف سنة
لكي أرسم فيها حبيبتي لألف سنة

يا صاحبتي
إني قد تشابهت علي الغيوم
و ما عرفت طوابقها
و لا سمكها و لا عدد سنينها
و لا عرفت تكويناتها
و لا حدودها و لا جغرافيتها
و لا تاريخها و لا حاضرها و لا ماضيها
و لا من أي محيط قد خرجت
و لا من أي المعصرات قد آتت

يا صاحبتي
فلعلك لا تقنطين من رحمة شاعر معتوه
و لا من لعنات رسام مجنون
و لا تشمئزين من سكير عربيد
و لا تنفرين من فيلسوف مخبول
و لا من مجدوب مهبول
أنت ، صديقتي ،و بالطبع تعرفين سماتي
أنا في هواها صادق و مجنونا
دليني على غيمة ،من الهوى خلقت
و من القطن الناعم نسجت
و من البياض اللامع أخرجت ،
و من نعومة النساء صقلت
دليني على غيمة فاقع لونها
تبتسم مستبشرة بألواني
و تفتح صدرها لنبيذي
و تستحي من فرشاتي
و ترحب بأقلامي الرصاص
دليني على غيمة
كالحرير في الملمس
و كالريش في الوزن
و كالقصيدة قاصفة بالعشق
و كالمطر بارد رطب مسكر بالصدق

دليني على غيمة ،
تشرب الألوان لألف عام
و تبقى على طبيعتها مادة خام
ترسخ على تاريخها لألف عام
و تبقى في حدود جغرافيتها لألف عام
و لو رسمت حبيبتي على الغيمة ،
لا تتبخر و لا تتلاشى لألف عام
تحفظ سري لألف عام
تشرق عليها الشمس
فتبتسم لوحتي عليها لألف عام
و يكتب المجد فيها لألف عام

ستكون لوحتي فيها
لأ اجمل من الموناليزا
لأن فيها شعر من شهر زاد
و لأن فيها عينان من أفروديت
و لأن فيها خدي عشتار
و لأن فيها شفاه إزيزس
و تدي نفرتيتي
و خصر كليوبترا
و ساقين الألهة مورينا
و لأن فيها جمال الألهة
مايا الهندوسية

يا صاحبتي ،
إن الغيوم قد تشابهت
و خفت مواازنها
و ما ثقلت مواويلها
و لا نسجت أوراقها
و لا حلمت أمطارها
بالحب و بالهوى
يا صاحبتي
إن الغيوم
قد تشابهت على رسام مجنون
مهووس و شاعر في الصخور مغروس
و سكير على البحر مفروش
بين النبيذ و السيجارة مرصوص
و أنا رسام مهووس بالألوان
و بالتحف و بالأنتيك
و حبيبتي تحفة من باريس
و لوحة من روما
و إنتيكة من لندن ،
و قطعة نادرة من موسكو
و منحوثة من أوتاوا
دليني على غيمة العشق
فإن الغيوم قد تشابهت علي
فدليني دليني ….دليني…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube