أخبار دوليةمستجدات

المغرب…إقلاع الإقتصاد و بطء مردود السياسة!

بقلم عمر بنشقرون. مدير مركز المال والأعمال، بالدارالبيضاء

لقد عملت الحكومة الملتحية في عهدها على تنزيل سياسة اقتصادية حقق المغرب من خلالها نجاحات يمكن أن نقول عنها “ملموسة” في توطين صناعات تحويلية هامة والحفاظ على دور السياحة. غير أن معدلات النمو لم تنعكس مباشرة على فئات الدخل المحدود بسبب سوء توزيع الثروة وعوائدها.
منذ تولّي صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وأيده عرش اسلافه المنعمين وعلى مدى عقدين، مافتيء يقود حملةَ إصلاحات مدنية وسياسية هائلة في السياسة الداخلية و الخارجية و في البُنى التحتية أحدثت إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة ستقضي دون شك على التفاوت الإجتماعي في غضون السنوات المقبلة.
لكن التحديات الاجتماعية الإقتصادية والسياسية المتجذّرة أجّجت خيبة أمل شعبية متزايدة ضد السلطة التنفيذية وأطلقت عدّة احتجاجات وإضرابات في السنوات الأخيرة فتزايد الندم والفرص الضائعة. وزاد ذلك في استمرار المصاعب الإقتصادية والقيود السياسية من الإحباط الشعبي. 
إن غياب الإصلاحات السياسية العميقة والنموّ الإجتماعي الإقتصادي الذي ما زالت تعاني منهما المملكة ألزم ملك البلاد، رعاه الله، إجراء إصلاحات هادفة وحقيقية بشكل استباقي من أجل تحسين الظروف السياسية والاجتماعية الإقتصادية لكي لا يتحوّل الاستياء الشعبي إلى عنف.
وتقرير النموذج التنموي الجديد للجنة بنموسى أعطى ملتمسات واقعية لن يسهل إنزالها إلا بانخراط المجتمع المدني والأحزاب السياسية وكل متداخلي الشأن العام الوطني للحدّ من التفاوت الإجتماعي والتنمية الشاملة لكل فئات المجتمع المغربي. 
ان ما قامت به السلطة التنفيذية من محاولات لامتصاص غضب الشعب، واقرارها أنها تخدم المصلحة العامة عبر إصلاح النظام الضريبي بجمع الأموال وحسن ترشيدها، إلا مبشر خير له ما بعده، من تحسين الظروف المعيشية لسكّان المناطق المعوزة ولتحسين التعليم والرفاه للمجموعات الهشّة.
لكن، و بالرغم من هذه الإنجازات، يبقى المغرب يواجه تحديات اجتماعية و اقتصادية. فالبلاد تعاني معدّلات بطالة مرتفعة، وفقراً، وتفاوتاً اجتماعياً، ورعاية صحّية وتعليماً رديئَين، وفجوة مستمرّة بين جل المناطق ودَيناً عاماً ضخماً. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد الإقتصاد على صادرات الفوسفاط، وواردات النفط وعلى قطاعَي السياحة والزراعة المتقلقلين.
يؤكد البنك الدولي في تقاريره الأخيرة أن قرابة ربع المغاربة فقراء أو يواجهون خطر الفقر، والفجوة بين الطبقتَين الاجتماعية الاقتصادية العليا والدنيا واسعة، ممّا يشير إلى تفاوت طبقيّ كبير. علاوة على ذلك، يبقى الاقتصاد المغربي مُعتمداً بشدّة على النشاط الزراعي، ممّا يجعله ضعيفاً إزاء المحاصيل الرديئة والصدمات البيئية. فالقطاع الزراعي، الذي استأثر بنحو 40 % من مجموع العمالة قبل عامين مُتقلّبٌ جداً مقارنة بباقي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويبقى معتمِداً على أحوال الطقس، بما يعني أنّ أيّ نقص أو فائض في التساقطات المطرية يؤثّر في الإنتاج. زد على ذلك أنّ اتّكال المغرب على واردات النفط يضرّ باقتصاده كلّما ارتفعت أسعار النفط. وللبلاد أيضاً مستوى دين عام مرتفعٌ وصل إلى 79.5 مليار دولار في يونيو 2020 ومع أنّ الناتج المحلّي الإجمالي المغربي تحسّن، كان النموّ السنوي أصغر من أن يتمكّن من تحسين مستويات المعيشة أو تلبية توقّعات المواطنين. فمع متوسط ​​معدل سنوي يبلغ 4 %، يعتبر النمو منخفضاً نسبيا مع الأسواق الناشئة.
وتبقى بطالة الشباب أيضاً مشكلة ملحّة في مملكتنا الشريفة، حيث يشكّل الشباب (بين 15 و24 سنة) 17% من السكّان. ففي سنة 2020، بلغ معدّل بطالة الشباب في المغرب 25% على مستوى الوطن و 41% في المناطق الحضريّة.
و تشير أرقام البطالة في المناطق الريفية والقروية المعوزة في 2020 أن عدد العاطلين عن العمل 178 ألف شخص مقابل 990 ألفاً في المناطق الحضرية.
هذه الأحوال الإقتصادية ما هي إلا نتيجة تردّد سكّان المناطق الحضرية المُتعلّمين في القبول بوظائف في القطاع العام تلبّي توقّعاتهم كخرّيجين جامعيّين.
و حتّى المستخدَمون ضمن الطبقة المتوّسطة في المناطق الحضرية يواجهون مصاعب، إذ يعاني موظّفو القطاع العام مصاعب لتغطية النفقات الأساسية بسبب انخفاض الرواتب.
هذه الطبقة الوسطى، تواجه مصاعب اقتصادية كبيرة. ويزداد هذا الأمر سوءاً بسبب الرعاية الصحّية والتعليم العموميين الرديئَين، مما يحدو بالبعض إلى دفع أسعار عالية في العيادات والمدارس الخاصة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube