مستجداتمقالات الرأي

عملية الكرامة والسنوات السبع العجاف

موسى تيهوساي

سبع سنوات على اطلاق حفتر ما سماه بعملية الكرامة وهو انقلاب عسكري مدعوم بشكل مباشر وسخي من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ففي الرابع عشر من فبراير 2014 اعلن خليفة حفتر عبر تسجيل مصور بثته قناة العربية التي تبث من أبوظبي تجميد الإعلان الدستوري وتجميد المؤتمر الوطني العام الذي يمثل أول سلطة منتخبة في تاريخ ليبيا الحديث وأعلن انه هو السلطة الوحيدة في البلاد.
ومنذ ذلك الحين بدأ حفتر في قيادة حرب عبيثة بالوكالة من أجل الوثوب على كرسي الحكم في ليبيا على غرار ما فعله نظيره المشير السيسي في مصر..
لكن حفتر لم يحالفه الحظ حيث تفاجأ باختلاف شبه كلي للمعطيات بين الوضع في مصر وليبيا وأساء حلفاؤه التقدير عندما اعتقدوا بان حفتر يمكن ايصاله للسلطة بالطريقة نفسها التي أوصلت السيسي لقصر الاتحادية. .

التقديرات الخاطئة..
سرعان ما اكتشف حفتر ومعه داعموه ان الثورة الليبية ليست سهلة الابتلاع وان اقتلاعها سيكلف ثمنا باهظا في الأرواح و الأموال وسيكلف لاحقا الكثير من عربات التايغر..

بدأ حفتر حروبه العبثية نحو الحكم من بنغازي وبقي فيها نحو اربع سنوات وهو يقاتل مجموعة قليلة العدد من شباب ثورة فبراير على الرغم من آلة القتل التي سخرتها له الإمارات .لكنه في المقابل دمر بنغازي بشكل وحشي وهجر جل اهلها إلى غياهب المجهول وظلام السجون
بل ارتكب فيها جرائم حرب تشيب من هولها الولدان وامر فيها بقتل مدنيين عزل بتصفيات ميدانية وباجراءات مجوزة بعيدا عن القانون .
وبعد اربع سنوات ونيف انتقل حفتر من بنغازي إلى مدينة درنة حيث قاد جولة جديدة من الموت المتنقل استمر اكثر من نصف سنة وانتهى بتدمير وتنكيل وسحل إضافة الى مزيد من تعميق الجراح ووأد الحياة بعيدا عن أعين المجتمع الدولي والحكومة الشرعية في ليبيا.

لم يكتف حفتر الذي يقود مشروع الاستبداد الممول بسخاء فاحش من الرز الخليجي بذلك بل واصل بكل الوسائل العسكرية والدبلوماسية ضرب إرادة الشعب الليبي وإعادة تدوير نظام حكم عسكري في البلاد بقوة السلاح وأشرف على انقلاب على اول سلطة منتخبة في تاريخ ليبيا .
وتوجه مشورع حفتر في الرابع من أبريل 2019 في حملة جديدة أكثر قوة إلى طرابلس حيث مركز القرار والرئة السياسية للثورة الليبية في فصل دموي عنيف كلفه الكثير لكنه انتهى بعد ١٨ شهرا من النزال العنيف بهزيمة استراتيجية ما تزال صداها تدوي في عواصم عربية وغربية عديدة. .

في معركة استخدمت فيها كافة أنواع العنف وآلات الموت واحدثها حيث سجلت عالميا على أنها من أكثر المعارك الحديثة التي استخدم فيها الطيران المسير بشكل لا يوصف منها 800 غارة جوية في مدينة طرابلس وحدها في شهور فقط
إلى جانب ذلك استخدمت الثورة المضادة وسائل أخرى لاخضاع الليبين لتقبل نظام عسكري جديد منها التضييق على المواطن البسيط وحرمانه من أبسط مقومات الحياة الآدمية كالوقود والغاز والسيولة وتعميق الخلافات القبلية والجهوية والإضرار بتماسك النسيج الاجتماعي الليبي

ترويع وقتل بأبشع الصور وأكثرها وحشية من تصفيات ميدانية شاملة ورمي الضحايا في مقابر جماعية تغييب وإخفاء قسري طال مختلف شرائح المجتمع علماء وطلبة العلم وسياسيين منهم نواب في البرلمان.
لقد استخدم حفتر كل الأساليب الممكنة للتأثير في المجتمع الليبي من أجل دعم مشروعه العسكري لحكم البلاد بما في ذلك التصنيف الديني وإطلاق أحكاما دينية مجتزاءة من سياقها ووصف الخصوم السياسيين بانهم خوارج ومارقين من الدين..

ووجد حفتر شيوخ دين جاهزين دائما للي النصوص الشرعية وفق ما ما يناسب شعارات حفتر السياسية والتسويقية. ليعيد حفتر ظاهرة تزاوج الاستبداد الديني بالسياسي القديمة الجديدة والتي تَقل حيناً وتصمد أزمنة مديدة.

إلا أن مشروع حفتر الدموي هزم
وفشلت الثورات المضادة فشلا ذريعا في إعادة الشعوب الى مربع الخوف وهذا وحده يكفي لأنه يعد مصدر قلق لا ينتهي لمعسكر الاستبداد كما أنه امل لا ينقطع بالنسبة للشعوب العربية حتى التي لا تزال تحت قيود المستبد وسطوته.

لكن ارادة الشعب الليبي برهنت انها أقوى من كل أشكال الدعم الإقليمي والدولي الذي حظي به عدوان حفتر على إرادة الليبيين ولم تنجح الثورة المضادة في القضاء على تطلعات الامة الليبية التي عانت عقودا طويلة من الظلم والتنكيل وسلب الإرادة السياسية والكرامة الإنسانية.
إن مقارعة الظلم لا تقتضي توازن الإمكانيات بل تعتبر واجبة مهما اختلت موازين القوى لصالح الظالم وقِلّة حيلة المظلوم أو مناهضة الاستبداد…

كاتب صحفي ليبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube