مستجداتمقالات الرأي

المملكة المغربية وسياسة المسافات بذكاء ديبلوماسي

حرة بريس – بأزرار أبو سرين

متى ظهرت في الأفق الدولي تعثرات سياسية وعواصف ديبلوماسية بين دولة وأخرى ومعسكر وآخر إلا والمغرب حاضر على الساحة بنهجه لمسلك سياسي جعل منه بلدا متميزا في الثبات على المبدأ دون أن تتأثر مواقفه من القضايا رغم تغيرها بتغير البوصلة السياسية الدولية .
أمثلة كثيرة دالة على ما أوردناه سلفا تصب كلها في أن المملكة المغربية وضعت لنفسها أرقاما ثابتة داخل المعادلة الدولية كلما دعتها الضرورة إلى المساهمة في معالجة مبدأ ما أو موقف معين سياسيا .
فبذكاء ديبلوماسي ثاقب كانت المملكة على نفس المسافة في معالجتها للأزمة بين قطر ودول الخليج فأثبتت الأيام صحة هذه المقاربة ؛ قياسا على ذلك حين إشتعلت الأوضاع بين الفصائل الفلسطينية المقاومة وإسرائيل المحتلة كان البلاغ الذي أصدره المغرب واضحا في نبذه للعنف وإدانة الجهة المعتدية بناءا على الشرعية الدولية رغم أن العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل ماتزال في حداثة عهدها إمانا من المملكة المغربية أن مسافتها من العلاقة مع إسرائيل سياسيا بحمولتها الدولية بمافي ذلك من إنعكاس لهذه العلاقة من مصالح مغربية أمريكية هي نفسها المسافة التي ظلت تاريخيا تربط المملكة بفلسطين روحيا ووجدانيا وعقائديا وكذلك سياسيا من خلال ترأسه للجنة القدس .
ففي الوقت الذي كانت فيه الأطراف العربية على الخصوص منقسمة بين الفصائل الفلسطينية كانت المملكة المغربية وبذكاء ديبلوماسي على نفس المسافة من كل مكونات الشعب الفلسطيني حيث غير ما مر توجه المغرب إلى مخاطبة الرئاسة الفلسطينية من خلال جلالة الملك ؛ وحتى لا يظن البعض أن للأمور فهما آخر ورفعا لكل لبس فقد خاطبت المملكة المغربية بشكل رسمي المقاومة الفلسطينية حين إتصل رئيس الحكومة هاتفيا برئيس المكتب السياسي لحماس ليؤكد له موقف المغرب الثابت من القضية الفلسطينية .
إنه أسلوب لحياة سياسية وديبلوماسية ينم عن نضج كبير في التعاطي مع القضايا الكبرى آخذا بعين الإعتبار الفرضيات الممكنة لأي تحول تارخي . إنها قوة المملكة التي جعلت منها مدرسة سياسية ديبلوماسية إستثنائية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube