ضد التيارمستجداتمقالات الرأي

“البيدوفيليا في المغرب ومثقّف السّلطة.. أحمد عصيد نموذجا..”

ذ. منير الكرودي – الولايات المتحدة الأمريكية

في ظل الحدث “اغتصاب وقتل طفل بريئ” بمدينة طنجة، وفي ظل الأصوات التي ارتفعت في الشّارع الطّنجاويّ بطلب القصاص من الجاني، أدناها تنفيذ عقوبة الإعدام بحقه، وهو حكم ينصّ عليه القانون المغربيّ، وبسبب الصّدمة النّفسيّة العنيفة التيّ تلقّاها الإنسان الطّنجاويّ تخطّى البعض طلب القصاص بالإعدام إلى تنفيذ الإعدام بالشّارع العام عبر تنفيذ سلسلة تعذيب قاس في حق الجانيّ قبل الإعدام..
وفي ظلّ هذا الصّخب، خرج أحمد عصيد بتصريحات عوض أن يذمّ فيها القانون وطريقة تطبيق هذا القانون، ويذمّ المؤسّسات المخزنيّة الصّوريّة، وعوض أن يتعامل بعقل مع الوضع الذي هزّ الانسان الأمورّاكشيّ، ركّز كلّ تصريحاته على مهاجمة الشّارع الذّي طالب بالقصاص، وعوض أن يهتزّ للحدث الشّنيع اهتزّت أوصاله لمطالبة الشّارع بتطبيق القانون الذّي يتدثّر به في تصريحاته، وأسماه بالأمر -الخطير-، وراح يقسّم الشّارع الأمراكشيّ إلى فئتين متماثلتين، فئة تطالب بتطبيق القانون وهي الفئة التّي “لا يتّفق معها بكلّ احترام”، وفئة تطالب بتطبيق ما أسماه -بشرع اليد- وهي الفئة التي اعتبرها “لا تقلّ وحشيّة عن الوحش نفسه الذي اعتدى على الطّفل”..!
المطالبة بتطبيق القانون أصبح من الأمور الخطيرة التّي يجب على الدّولة أخذ كلّ احتياطاتها، حسب أحمد عصيد.. المطالبة بإنفاذ القانون هو دليل وعي الشّارع، والوعي لدى الدّولة المغربيّة جريمة عقوبتها عشرون سنة سجنيّة نافذة، والوعي بضرورة تطبيق هذا القانون جريمة قد ترقى إلى جريمة التّآمر والتّخابر مع جهات خارجيّة معاديّة -للوحدة الوطنيّة-، والمطالبة بالأمن الاجتماعيّ قد يرقى إلى جريمة محاولة قلب النّظام السّياسيّ المغربيّ، وأحمد عصيد كحريص على نظام سيّاسيّ فاسد يتمرّغ فيه في الرّيع دقّ ناقوس الخطر، وكمثقّف القصر ومعهده الملكيّ الأمازيغيّ من واجبه تعليل ما لا يعلّل وتحوير النّقاش المجتميّ بمداخل الحق والقانون، العدالة والمؤسّسات..
مداخل أحمد عصيد في الواقعة حقّ أريد به باطل. المطالبة بعقوبة إعدام ينصّ عليها القانون، وكرجل عاقل ومفكّر يرفض العقوبة التي طالب بها الشّارع هو رفض صريح بتطبيق هذا القانون، وعدم اعتراف علنيّ بالمؤسسّات الدّستوريّة التّي يريد أن ينتصر لها. والتّهويل بمحاولة البعض تمرير -مشروع تخريبيّ- لمطالبتهم -بالقصاص-/ إنفاذ القانون، وإقحام نقاش الدّينيّ بالوضعيّ هو نقاش من أجل النّقاش، وجهل فاضح بمصادر التّشريع في القانون المغربي، وقفز صارخ على أهمّ ركائز النّظام السّياسيّ المغربيّ، وإنكار صريح لشرعيّة ومشروعيّة الملكيّة في الحكم في المغرب التّي تستند على الحقّ الإلاهيّ..
إنّ دفع أحمد عصيد بتصفيّة حسابات شخصيّة معه بسبب كلّ الإنتقاد الذي تعرّض له على إثر تصريحاته هو محاول إيهام وتوهّم أنّه، كشخصيّة عموميّة، لا يجب انتقادها، وأنّه الوحيد من يمتلك الحقيقة، والوحيد المثَقّف والواعي داخل مجتمعه، وهنا يمكن أن نقول -للأستاذ- أحمد عصيد هذا من علامات جنون العظمة، وأتمنّى أن لا تتقدّم به الحالة إلى “القدّافيّة”، وعليه بمراجعة طبيب نفسي قبل أن ينصح هو به للجانيّ، ويحاول إيجاد ظروف التّخفيف للمجرم في الجريمة الشّنيعة المرتكبة، فليس”هناك فئة داخل المجتمع تُريد أن تقفز على المؤسّسات والقوانين بشرعنة العنف والقتل، وتفعيل عقوبة الإعدام” بقدر ما هناك أحمد عصيد يحاول تعطيل القانون، وإلغاء دور المؤسسّات الدّستوريّة، و”التّشويش على الرأي العام” الذي طالب بإنفاذ القانون من داخل المؤسّسات الدّستوريّة تحت أيّ مسمّى كان عقوبة أو قصاص مادام يؤدّي إلى غرض واحد وهو تنفيذ عقوبة الإعدام بدون كثير فلسفة ليست في محلّها، ولا تحتاج لأيّ تأويل أو تحوير..
خوف أحمد عصيد نابع من أن ينتصر الشّارع على الفساد المستشري في كلّ مفاصل الدّولة، وخوف نابع من ردّة فعل غضب عارمة من الشّارع الطّنجيّ مثلما حدث في الشّارع الريفيّ في حادث مماثل، خسر فيه المغرب الكثير، خصوصا على المستوى الدوليّ، وخوف نابع من فتح كلّ ملفّات اغتصاب الأطفال، والبيدوفيليا المنتشرة في كلّ أوصال الدولة والمحميّة بالمخزن، وخوف على السّياحة المغربيّة القائمة على الدّعارة وعلى البيدوفيليا، وهي في هذا أشهر من نار على علم بين الدّول، وخوف من إقحام الملك المغربيّ في ملف العفو على البيدوفيل دانييل، وهذا ما يخاف منه الشّارع، فالعفو على البيدوفيليّ من طرف رئيس الدّولة المغربيّة أصبح قانونا، وهو قانون أسمى على القانون المغربيّ المكتوب، وهذا ليس من الدّيمقراطيّة ولا من الدّولة المدنيّة، فمتى كانت لأحمد عصيد الجرأة للخوض في هكذا نقاش..
أحمد عصيد ليس في موقع إسداء النّصيحة، ولا تمثيل المبادئ الأخلاقيّة والإنسانيّة الكونيّة، أو خوض أيّ نقاش مجتمعيّ، ولا حتّى التّنظير لأيّ مشروع مجتمعيّ.. أحمد عصيد مثقّف القصر ومعهده الملكيّ الأمازيغيّ، باع القضيّة الأمازيغيّة، خلق شقاقا في الشّارع الأمازيغيّ باعتماده، إلى جانب آخرين، الأمازيغية السّوسيّة كلغة كلّ الأمازيغ الأموراكشيّين، وبدفاعه إدراج الأمازيغيّة في دستور مغربيّ ممنوح جعل من الأمازيغيّة لغة في التّعليم لتسريع عمليّة التّعريب، كما سارع إلى لعب دور الوساطة/السّمسرة، مدفوعا من القصر، في الحراك الرّيفيّ.. أحمد عصيد رجل القصر، أو رجل إصلاحيّ، كما يحبّ أن يسمّي نفسه، من داخل القصر، والقصر ضد كلّ الأموراكشيّين، وضدّ أيّ مشروع مجتمعيّ، وضدّ أيّ تحديث، وضدّ الدّيمقراطيّة وحقوق الإنسان، وضدّ الحداثة والتّقدّم والتّطوّر..
كيف يُعقل أن يكون أحمد عصيد، رجل القصر، يُدافع عن القيّم الإنسانيّة الكونيّة، ويسعى إلى الدّولة الدّيمقراطيّة المدنيّة، وينظّر في كلّ قضايا المجتمع وقضايا الشّارع، ويمثّل الرّأي العام، مع العلم أنّه يُسمّي إجماع الشّارع على إنفاذ القانون -بالغوغائيّين-، فهذا له اسم واحد انفصام الشّخصيّة أو السكيزوفرينيا.. وارتماؤه على كلّ التّخصّصات المعرفيّة والعلميّة، يفتي فيها وينظّر، هو هوس نفسي رداؤه جنون العظمة المعرفيّة..

** حقوق الصورة الكاريكاتورية : http://caricatures-du-maroc.centerblog.net/30.html




اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube