محمد بوبكريمستجدات

الحراك الشعبي الجزائري يحقق الوحدة الوطنية والجنرالات يشكلون خطرا عليها

محمد بوبكري

عقد مؤخرا “عبد المجيد تبون” لقاء صحفيا مع صحفيين اثنين تبين من خلاله أن جنرالات الجزائر لا يزالون متشبثين بعنادهم، ومستمرين في احتقار الشعب الجزائري الذي يصر على مواصلة حراكه السلمي الحضاري، حيث استعمل “تبون” لغة الكذب والافتراء والتهديد، مما يدل على هلع حكام الجزائر من تصاعد هذا الحراك الذي أبان عن إرادة الشعب الجزائري وتصميمه على إحداث قطيعة مع نظام العسكر في الجزائر.


وقد عرت هذه المقابلة الصحفية طبيعة الصحفيين التابعين للجنرالات، حيث لم يتجرأ أي منهما على طرح ولو سؤال واحد حول الحراك، كأنه لم يحدث ولا هو موضوع انشغال العسكر والرأيين العام الداخلي والخارجي.
ويتجلى الفقر الفكري لـ”تبون” وضعفه السياسي في استخفافه بضعف نسبة المشاركة في الانتخابات المزمع تنظيمها في يوم 12 يونيو المقبل، حيث قال: لا تهمنا نسبة المشاركة في الانتخابات بقدر ما تهمنا نزاهتها، وهو كلام يدل على أن صاحبه أبله، يحتقر الذكاء الرفيع للشعب الجزائري الذي يعي مؤامرات العسكر وأكاذيبهم ومكرهم أكثر من هذا الرئيس نفسه. وما دام الشعب الجزائري قد رفع شعار: “لا انتخابات مع العصابات”، فإن يعكس وعيه بأن العسكر يزورون الانتخابات حسب مشيئتهم، بحيث تكون مخرجاتها على مقاسهم. وقد أكدت محاكمة مدير المخابرات الداخلية السابق “الجنرال بوعزة وسيني”، التي تمت في المحكمة العسكرية بـ”البليدة” أن المخابرات هي المشرف الفعلي على الانتخابات في الجزائر، ما يؤكد تزويرها. هكذا، فلا ذاكرة لـ “تبون” لأنه نسي، أو تناسي أنه “رئيس مزور” جاء به العسكر إلى “الرئاسة” وفرضوه على الشعب الجزائري، رغم مقاطعة الأغلبية الساحقة من الجزائريين لما سمي بـ ” الانتخابات الرئاسية”، وبـ “الاستفتاء على الدستور”، ما أفقد هاتين العمليتين أية شرعية.
وإذا كانت أغلبية الشعب الجزائري قد قاطعت ما سمي بـ ” الانتخابات الرئاسية”، فإن “تبون” ليس رئيسا لأغلبية الشعب الجزائري، ما يؤكد صدقية الشعار الذي رفعه الحراك الشعبي في كل شوارع مدن الجزائر: “تبون مزور، جابوه العسكر”. وهذا ما يفيد أنه لا ذاكرة لـ “تبون”، ولا قدرة له على التفكير، لأنه عاجز على الربط بين الوقائع لإعطاء معنى لما يجري أمامه…
وما دام قد أصبح مؤكدا أن منطقة القبائل ومناطق جزائرية أخرى ستقاطع الانتخابات المقبلة، فمن سيمثلها في البرلمان؟ وهل ستكون بدون أي تمثيلية في فعلية في هذه المؤسسة؟ ألا يشكل هذا تهديدا للوحدة الوطنية الجزائرية؟ ألا يعد هذا طردا لهذه المناطق كلها من الجزائر؟
يرى بعض المتتبعين للشأن الجزائري أن تنظيم الانتخابات المقبلة سيعمق احتقار الجنرالات لمناطق بأسرها، ما قد يدفعها إلى المطالبة بالاستقلال. وبذلك يتأكد أن ممارسة الجنرالات تشجع الحركات المطالبة باستقلال هذه المناطق التي تتعرض للإقصاء والتهميش والاحتقار من قبل حكام الجزائر المستبدين…
وإذا كان جزء كبير من سكان مناطق جزائرية كثيرة مصمما على مقاطعة هذه الانتخابات، فإن هذا سيدفع الشعب الجزائري إلى الطعن في كافة مؤسسات الدولة، ما سيجعل كل القرارات التي تتعلق بالبلاد الشعب بدون شرعية، الأمر الذي سيدفع البلاد في اتجاه المجهول.
هكذا، فإن الجنرالات مصرون على أن تبقى البلاد بدون مؤسسات، ما يعني أنهم يريدون لها أن تكون مجرد غابة يلتهم فيها العسكر الوطن والشعب الجزائريين.
إذا كان “تبون” وأسياده الجنرالات يعتقدون أن المخابرات ستشرف على تنظيم الانتخابات المقبلة، فصاروا لا يعطون أية أهمية لنسبة للمشاركة فيها، فإن عليهم أن يدركوا أن الظرفية قد تغيرت، وأن الشعب قد أصبح أكثر وعيا وإدراكا لأوضاع البلاد وممارسات الحكام، ما يؤهله للحيلولة دون التزوير في هذه المرة، حيث سيمارس الضغط الشعبي على الإدارة لمنعها من القيام بالتزوير.
هكذا، سيسجل التاريخ أن الجنرالات يضربون الوحدة الوطنية الجزائرية، وأن الحراكَ، من خلال مطالبته بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تحقق إجماعا وطنيا شعبيا حولها، قادرٌ على تحقيق الوحدة الوطنية، لكن العسكر يعملون على ضربها وتفتيتها. وهذا ما جعل الحراك السلمي أقوى من الجنرالات، وأكثر مصداقية محليا ودوليا منهم…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube