مستجدات
*كلمات* .. في نار الصراع الحقيقي ودخان العناوين المضلِّلة

– *نهب الثروة الوطنية بين “الفيديو القنبلة” والشيشناقية والبورغواطية الصهيونية*
أحمد ويحمان
- × لم يعد خافياً على أحدٍ، أنّ أصل الداء في المغرب – كما في غيره – ليس صراع «عرب» و«أمازيغ»، ولا هو سجال «يهود» و«مسلمين»، ولا هو تناحر «قبائل» و«مناطق»، بل هو ببساطة شديدة: صراعٌ بين 10%، أو أقل، من الناهبين الموزّعين على مختلف الهويات والانتماءات، و90%، أو أكثر، من المغاربة الذين يُنهبون بلا تمييز. فطوابير المواطنين أمام المستشفيات، والتيه في فضاءات التعليم العمومي، وغلاء المعيشة الذي يسحق القدرة الشرائية، وانسداد الأفق أمام الشباب… كل هذه المشاكل الجدية – التي تخرجت جيل Z، وقد تخرج غدا ما وراء ال Z – لا يطرح على ضحاياه سؤال الهوية ولا اللغة ولا الانتماء الجغرافي. إن هؤلاء جميعاً هم «الشعب المغربي» الحقيقي، وهم الكتلة التاريخية التي يجري تفتيتها بخرافات مصنَّعة لإخفاء أصل النهب ومصدره. وما أدلّ على ذلك من أنّ أبرز الناهمين اليوم للثروة والأرباح الفاحشة اللامعقولة – المتَّهَم جهاراً نهاراً داخل قبة البرلمان – هو رئيس الحكومة نفسه؛ أمازيغيٌّ من الجنوب، لكنه يُتهم، أمام الرأي العام وبالوثائق، بنهــمِ عشرات مليارات درهم من المحروقات، وبالتلاعب في صفقات تحلية مياه البحر من قلب حالة تنازع المصالح، وصفقات أخرى أخطر وأعقد. فهل يسأله المغاربة عن قبيلته أو انتمائه اللغوي؟ أم إنهم يسألونه عن المال «الملهوف» وعن الثروة التي تُكدَّس من فوق ظهورهم؟ وهل من يشاركه التهام الثروات في المؤسسات المالية والشركات الكبرى هم «أمازيغ» حصراً؟ أَم إنّ شبكات «النَّهْم» تضم عرباً وأمازيغاً ويهوداً و«حداثيين» و«محافظين»، يجتمعون جميعاً فوق مائدة واحدة : مائدة الثروة العامة؟! هنا بالضبط يأتي استعمال أسطورة «السّنة الأمازيغية» ومسرحية «شيشناق» السمجة، والسردية التوراتية المزورة التي يروّجها الحاخام المزيّف وهو ينفخ في الشوفار بحضور «الشيخ» المزيّف، و«العلمانيين» المزيفين المدّثرين، زُوراً، بـ«الأمازيغية الجديدة»، ليس حباً في الأمازيغ ولا دفاعاً عن الثقافة الأمازيغية الأصيلة، بل لتمرير مشروع «قرآن بورغواطة» و«النبي بن طريف بن شمعون»… أي لخلق هوية قاتلة جديدة تُقسّم الشعب، وتُبعد الأنظار عن الفساد الحقيقي، وتُعطي للناهمين ورقة ذهبية: تقسيم المنهوبين، وإشغالهم ببعضهم على أساس العرق واللغة والأسطورة المختلقة، حتى يستمرّ شفط الثروات الوطنية بلا حسيب ولا رقيب. إنّ المظلومية الحقيقية في المغرب اليوم ليست مظلومية «هويات» متقابلة، بل مظلومية 90% من الشعب المنهوب، من كل اللغات واللهجات والمناطق والقبائل. وكل من يتاجر بمظلومية دون أخرى، وكل من يصطنع «هويّة» لمهاجمة أخرى، إنما يخدم الناهبين – عن وعي أو عن جهل – ويساعدهم على إدامة منظومة النهب والاستغلال، بينما يظل الشعب، كل الشعب، هو الضحية. وهنا، تأتي «القنبلة المهداوية» لتؤكد كل شيء :ففي هذا الحدث المزلزل، الذي ما يزال يتفاعل، لم يسأل أحدٌ عن لسان المهداوي، أهو عربي أم أمازيغي؟ ولا عن دينه، أهو مسلم أم يهودي؟ بل اهتزَّ المغرب كله للفضيحة الأخلاقية والسياسية التي فجّرها، وللظلم في ذاته، وللشهادة التي كشفت منسوب الانحطاط الذي وصلت إليه شبكات الريع والفساد. اهتزّ المغاربة للناهبين والمنتفعين من الريع، وللدخان الأسود الذي يطلقونه، عبر أدواتهم وواجهاتهم، لاستدامة الفساد والتحكم، وإنتاج وإعادة إنتاجه… وبمنتهى السقوط!الفيديو لم يُحرّك المغاربة بسبب هوية المتكلم، بل بسبب هوية المنظومة: منظومة النهب التي تنهب الجميع بلا تمييز، وتُسكت الجميع بلا تمييز، وتحاول إذلال الجميع بلا تمييز.
*آخر الكلام*
إنّ الطريق الوحيد لإنقاذ المغرب من الاختراق والنهب والتفتيت، هو أن يلتفّ 90% من المغاربة – عرباً وأمازيغ، مسلمين ويهوداً، من كل المناطق – حول مشروع وطني جامع، عنوانه : *إرادة الشعب وتأسيس مؤسسات البلاد على أساسها.
* وكل ما دون ذلك، فليس سوى دخان يُطلقه الناهبون، لستر وإخفاء النار التي يشعلونها في خيرات الوطن .فاللهم اسق عبادك وبهائمك
باحث في علم الاجتماع السياسي

