تقاريرمستجدات

قطاع الصحة كما عاينه المجلس الأعلى للحسابات.. كون كان الخوخ يداوي كون داوى راسو

أحمد رباص – حرة بريس

افتحص المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الأخير البنيات الصحية والمستشفيات. وخلص التشخيص إلى إن قطاع الصحة جسم هائل يشكو من عدة أمراض. كون كان الخوخ يداوي كون داوى راسو!!
لا يمكن أن يمر المشروع الكبير لإصلاح المنظومة الصحية دون إجراء إصلاح شامل لرافعتها الرئيسية؛ ألا وهي المستشفى.
بالنسبة إلى المجلس الأعلى للحسابات، سيكون من الضروري العمل بجهد مضاعف للاستجابة لجميع أوجه القصور الملحوظة التي تعاني منها هذه البنيات الصحية، ولا سيما فيما يتعلق بالحكامة التي تسيرها مختلف إدارات وزارة الصحة، بما في ذلك وضعها القانوني. ولا حظت الهيئة النواقص التي لها “تأثير سلبي على قدرة الرعاية وسرعة الاستجابة لاحتياجات المرضى” بالنسبة لبعضهم.
كما أشار مجلس العدوي إلى أوجه القصور في “توفير وتجويد خدمات الرعاية”، وكذلك “في عرض جميع الخدمات التي توفرها اللوائح على مستوى المستشفيات”.
أشير إلى هذه العيوب جزئيا من قبل القضاء المالي خلال عمليات الإصدار الأخيرة وسلط الضوء عليها سياق الوباء، ما أهدى إلى قراءة جديدة للاحتياجات.
أمط المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي برسم سنتي 2019-2020، المرفوع إلى الملك محمد السادس، اللثام عن وضعية كارثية تعيشها المستشفيات العمومية التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي يرأسها الوزير خالد آيت طالب.
وأورد المجلس، في تقريره الصّادر مؤخرا، أنه استمر في مراقبته للمراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، التي تدبر على شكل مرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة؛ “وذلك إثر المراقبات التي شملت في السنوات السابقة ما يقارب عشرين مؤسسة صحية مماثلة”.
ضمن هذا السياق، باشر المجلس، بتعاون مع المجالس الجهوية للحسابات، مراقبة تسيير خمسة مراكز استشفائية جهوية (وجدة، الرشيدية، سوس ماسة، الداخلة، كلميم)، وثلاثة مراكز استشفائية إقليمية (خريبكة، ورززات، القنيطرة)، بالإضافة إلى المستشفى الإقليمي بالعرائش.
وأسفرت مراقبة تسيير المؤسسات الاستشفائية المذكورة عن الوقوف على العديد من الملاحظات التي لها طابع بنيوي ومشترك، وسبق أن أثيرت من طرف المجلس الأعلى للحسابات.
تشمل هذه الملاحظات البنيوية مجموع مجالات تدبير المراكز الاستشفائية، خاصة البنايات والبنية التحتية والتجهيزات الاستشفائية، والموارد البشرية، والأدوية والمستلزمات الطبية، فضلا عن المداخيل الذاتية.
وارتباطا بالبنايات والبنية التحتية والتجهيزات، لاحظ المجلس انه رغم المجهودات المبذولة من طرف الوزارة في السنين الأخيرة، فإن العديد من البنايات والبنية التحتية الاستشفائية متهالكة، وقليلة الصيانة، وغير مناسبة لتقديم الخدمات الملائمة للمرضى، أما الطاقة الاستيعابية فغالبا ما تكون غير كافية، وخاصة في ما يتعلق بعدد الأسرة.
أكثر من ذلك، تعاني مختلف مصالح المؤسسات الاستشفائية من نقص في توفير المعدات الطبية والتقنية الأساسية. كما أن العديد من المعدات الأساسية المتوفرة قديمة وقليلة الصيانة، أو غير صالحة للتشغيل، ما يؤدي في مجموعة من الحالات إلى توقف بعض الأنشطة والمرافق الأساسية لتقديم الخدمات العلاجية. وهذا يؤثر سلبًا على عرض وجودة الخدمات الطبية المقدمة للمرضى، استنادا إلى نفس المصدر.
وفي باب الموارد البشرية، يشدّد التقرير على ان المستشفيات التي تمت مراقبتها، تعاني بشكل عام من نقص في الأطر الطبية وشبه الطبية، وذلك على مستوى جميع المصالح، سواء السريرية أو الطبية التقنية، ما يترتب عنه تأثير سلبي على الخدمات العلاجية وعلى جودة التكفل بالمرضى، وكذا على قدرة المستشفيات على تقديم جميع الخدمات على النحو المطلوب وفق الضوابط الواردة في النصوص التنظيمية”.
نفس الملاحظة تسري غلى الموظفين الإداريين والتقنيين، ما يؤثر على حسن تدبير المراكز الاستشفائية، خاصة على مستوى استقبال المرضى وتوجيههم، وتشغيل وتوفير المعدات الطبية، واستخدام وتسجيل البيانات الخاصة بالمرضى على التطبيقات المعلوماتية، وتدبير الأنشطة المرتبطة بفوترة الخدمات العلاجية.
ويضاف إلى ذلك توزيع غير متوازن للموارد البشرية على المستوى الترابي ومردودية محدودة للموارد البشرية، وخاصة في المناطق النائية. ويفسر النقص المسجل في الأطر الطبية وشبه الطبية، بشكل خاص، بـانخفاض مستوى التوظيف في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بالمقارنة مع ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية، وبالحاجة إلى تعويض المغادرين.
ويشير التقرير المرفوع للملك محمد السادس إلى النقص الحاصل في عدد الموظفين، إذ إن بعض المهام الإدارية، خاصة على مستوى الاستقبال والتوجيه، تعهد إلى مستخدمين تابعين للشركات الخاصة العاملة في المستشفيات، ومنهم أعوان الحراسة.
وعلى صعيد آخر، تم تسجيل مجموعة من النقائص من حيث توفير الأدوية والأجهزة الطبية ومستهلكات المختبرات الضرورية، مع ما يترتب عن ذلك من تأثير على مستوى التكفل المناسب بالمرضى وجودة الخدمات المقدمة لهم. كما أن المقاربة المتبعة في هذا المجال، والمتمثلة في عمليات الشراء الجماعي على مستوى المصالح المركزية بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تؤدي إلى تأخر كبير وعدم الانتظام في عمليات تزويد الصيدليات بهذه المنتجات، ما ينتج عنه نفاد في مخزون بعض الأدوية.
أما في ما يتعلق بالمداخيل الذاتية، ظل مستوى مداخيل المؤسسات الاستشفائية منخفضا، بالنظر إلى حجم أنشطتها، وذلك راجع إلى مجموعة من الأسباب، من أهمها عدم جاذبية المستشفيات العمومية بالنسبة للمرضى، تنضاف إليها الاختلالات على مستوى الفوترة والتحصيل، حيث أن تدبير المداخيل الذاتية تعتورع عدة نقائص على المستوى التنظيمي لوظائف الفوترة وتحصيل المداخيل، ما يؤدي إلى عدم استيفاء تكاليف الاستشفاء من طرف عدد من المرضى ويؤثر بشكل كبير على موارد المستشفيات، وفق المصدر المذكور.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتأهيل المرافق والبنية التحتية الاستشفائية، وتزويد المراكز الاستشفائية بالموارد البشرية والمعدات والأجهزة اللازمة، لتحسين جودة الخدمات، والحرص على التزويد المنتظم للمراكز الاستشفائية بالأدوية واللوازم الطبية؛ كما أوصى باتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل ضمان توفير شروط ملائمة للاستقبال والتوجيه والتكفل بالمرضى، وتحصين عملية الفوترة وتحصيل المداخيل الذاتية.
كما أكد المجلس على أهمية وضع نظام معلوماتي فعال، والحرص على استغلاله لدعم أنشطة المستشفيات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube