مستجداتمقالات الرأي

افريقيا و عقدة الدونية

حرة بريس -بقلم أحمد الونزاني

بعد أكثر من سبعين سنة على تحرر افريقيا من القبضة الكونوليالية و دخول معظم دولها مرحلة البناء.
بناء الدولة المركزية بأركانها الأساسية  من مؤسسات دستورية و اقتصادية واجتماعية و ثقافية و سياسية تضمن السير السليم لدولها.
و تضع الدول الإفريقية على سكة نظام ديمقراطي يضمن تداولا للسلطة بسلاسة بين جميع الفرقاء السياسيين . منذ الوهلة الأولى اصطدمت معظم هذه الدول الإفريقية بمشكلة القيادة. قيادة مؤهلة فكريا و لديها خبرة في التسيير و حنكة سياسية و مشروع مجتمعي تبني عليه اختياراتها و نماذجها في المقاربات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و التنموية. قيادة تملك إرادة إصلاح الأوضاع المزرية و مخلفات العهد الاستعماري، و تبدأ من البدايات لوضع قطار التنمية و الإقلاع الإقتصادي و الإجتماعي في المسار الصحيح.
فكان الصراع حول من يقود المرحلة. هل تكون القيادة لمن قادوا و تزعموا حركات التحرر و قدموا التضحيات الجسام من أجل ذلك و لا علاقة لهم بالمعمر لا ثقافيا و لا حتى اقتصاديا همهم إحياء الهوية الوطنية والقومية و السير قدما في الإصلاح السياسي المتدرج.
أم أن المرحلة هي للمؤهلين من المخضرمين و الذين تعلموا في أحضان المعمر و عاشوا و شربوا من ثقافته و خبروا نموذجه السياسي و الاقتصادي والاجتماعي و كانوا في خدمة البلاط الاستعماري.
فعلا كان الصراع حادا بين وجهتي نظر مختلفتين و متناقضتين. بين من يرى في الهوية السبيل للخروج من المأزق الحضاري و اللحوق بالعالم المتحضر و بين من يرى في التبعية وسيلة مرحلية للإقلاع بنموذج افريقيا المحلي في المستقبل القريب.
و كانت تختمر رؤية أخرى في الخفاء ترى أنه لا انفكاك لافريقيا إلا بالبقاء خانعة و تابعة و أن قدر افريقيا هو الدونية المذلة و التبعية المهينة و كان مهندس هذه الرؤية بعض أبناء افريقيا و المعمر نفسه الطامع في خيرات و ثروات افريقيا. و الذين أرادوا أن تبقى افريقيا عبارة عن حديقتهم الخلفية و كنزهم الذي لا ينضب.
و بذلك دخلت افريقيا مرحلة جديدة من الاستعمار السياسي إلى الاستعمار الاقتصادي والاجتماعي الشيء الذي أدى استنزاف خيرات افريقيا المادية و البشرية.
و تصارع أبناء افريقيا على السلطة و اقتتلوا فيما بينهم. صراع بين الحالمين بنموذج تنموي خاص ينقذ افريقيا من الجهل و الفقر و التبعية و بين من يملكون في جيناتهم شيئا من جينات أسيادهم .
فشهدت افريقيا صراعات دموية و انقلابات دورية مدعومة من الغرب لتكريس التبعية و الدونية التي أصبحت ملقنة في كل المدارس والجامعات.
فيما شهدت دول أخرى بزوغ نجم من تتلمذوا في المدارس الأوروبية و من كانوا ذراع الغرب في الحملة الاستعمارية البغيضة لتعويض الفراغ النخبوي الوطني المتمكن من تدبير المرحلة الانتقالية و استمرارا للعهد الاستعماري و لو بمنظور جديد.
و اعتمد هؤلاء و اولاءك على الشعارات المرحلية البراقة و قاموا بتجريب و تنزيل كل النماذج التنموية على افريقيا و التي اتسمت كلها بالفشل الذريع.
و السؤال متى تدخل افريقيا قطار التنمية الحقيقي بالقطع مع كل أشكال التبعية و التقليد و الخروج أخيرا من عقدة الدونية التي تحاصر عقولهم و أفكارهم و تهدد قدرات شباب افريقيا في الخلق و الإبداع و التفوق العلمي
و ابتكار نموذج افريقيا نحو الإقلاع الصحيح للرقي و التقدم والازدهار.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube