قبر بجوار الدار

للا مبيضت السعد

حرة بريس -بقلم أحمد الونزاني

في المأثور الشعبي يقول أهل مراكش بأن الحمراء كانت مدينة الأولياء و الصالحين و مقصد أهل العلم و الخائفين ، حتى أصبح المثل الدارج بأن كل مدينة المرابطين يوجد تحت ثراها إما ولي من أولياء الله أو صالح من الصالحين الأخيار. و سار المثل كل قدم بصالح تتناقله الركبان و الأجيال.
حتى حظيت المدينة بإسم مدينة سبعة رجال. و لا يخلو ركن من أركان المدينة من زاوية أو قبة لولي أو أحد الصالحين. و نظرا لأخلاق أهل مراكش العالية فتوقيرا لهؤلاء الأولياء و الصالحين يسارعون الخطى أثناء سيرهم و يقفون على رؤوس أقدامهم حتى لا تدوس أو تطأ أقدامهم من غير قصد قبرا من قبور هؤلاء السادات و الصالحين.
و حكايتنا اليوم على إحدى الصالحات التي تزار قبورهن تبركا و دفعا لعنوسة البنات.
يوجد قبر هذه الصالحة في إحدى حومات مدينة الحمراء الضاربة في القدم بحيث يعود تاريخ بناءها إلى العهد المرابطي .
قبر في ركن فقط لا غير. في كل يوم جمعة تأتي إلى المكان للاخدوج الشريفة لتقوم بتنظيف المكان و تستعد لاستقبال الزوار . كانت تستعين ببعض النساء الأخريات و كن يقمن بوضع ستار من الثوب الابيض للحفاظ على خصوصية المكان و سترا للنساء الزائرات.
كانت العائلات تستقدم بناتها للتبرك و القيام بطقوس الحناء بقصد طرد نحس العنوسة عنهن. ذاع صيت هذه الصالحة في كل أرجاء الوطن و كانت مقصد النساء و الفتيات حتى تم تخصيص يومين في الأسبوع بدل يوم الجمعة. كان يقام غير بعيد عن الحي سوق أسبوعي خاص بالنساء سوق الأربعاء و تستغل النساء هذا اليوم للذهاب لزيارة للامبيضت السعد و القيام بكل الطقوس من مشط و وضع الحناء على الرؤوس ثم وضع الشموع و إعطاء بعض الهدايا للشريفة للاخدوج كالسكر و القليل من الدراهم.
اشتهرت للامبيضت السعد فكل من يقصدها و يزور قبرها من النساء العانسات و حتى الفتيات يتزوجون في أقرب وقت.
كنا صغارا نسترق السمع و النظر من وراء الستار و نشاهد تلك الطقوس الغريبة علينا آنذاك و التي ما هي إلا طقوس تمشيط العرائس و النساء في الأعراس و المناسبات الدينية و غيرها.
بعد كل عصر من يومي الأربعاء و الجمعة كانت للاخدوج الشريفة تنتهي من تلك المراسيم و الطقوس و تعود ادراجها إلى بيتها. كنا نجد كثيرا من الشموع بجوار القبر و كنا عندما يحل الظلام نشعل تلك الشموع لتعطي للمكان بهاء و جمالا و رهبة روحية تزيده قدسية رائحة الحناء.