مجتمع

من مهدية إلى الملك البحري.. عندما تُفتح الأبواب للنفوذ وتُغلق في وجه أبناء الوطن

بقلم: إدريس السدراوي رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان

في الوقت الذي يُكابد فيه شباب مهدية والقنيطرة وساكنتها الأصلية، الحاصلون على شواهد عليا، ومعهم المستثمرون الشباب، للحصول على فرصة استثمار بسيطة في الشاطئ أو امتلاك بقعة صغيرة للاستثمار في إطار القانون، نُفاجأ مرة أخرى بكيفية فتح أبواب التسهيلات الواسعة أمام بعض ذوي النفوذ، للحصول على الملك البحري والغابوي والنهري والفلاحي، دون منافسة حقيقية أو عدالة مجالية.إن ما كشفت عنه جريدة الأخبار حول ملف معرض الألعاب بالشاطئ ببلدية المهدية يضع أكثر من علامة استفهام، خاصة وأن الأمر يتعلق باستغلال الملك البحري بترخيص مفتوح، سبق أن أشعر باشا مدينة المهدية ورئيس المجلس الجماعي بانتهاء صلاحيته، ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراء يُذكر، مقابل ما يشبه حملة تفقير ممنهجة طالت العشرات من أصحاب المقاهي، من خلال هدم واجهاتهم بشكل انتقائي وتعسفي، وإغلاق أخرى دون سند قانوني واضح، في مشهد يعكس ازدواجية المعايير والتمييز الصارخ بين المواطنين.ويزيد من القلق أن المشروع الذي يضم حديقة ألعاب للأطفال ومطعماً ومرافق استهلاكية أخرى، يشغل 1600 متر مربع من الملك العمومي البحري، وهو فضاء مفتوح يوميًا إلى ساعات متأخرة من الليل، دون وضوح في آليات المراقبة أو شروط السلامة أو المعايير الوقائية، خاصة فيما يتعلق بحماية الأطفال من الأخطار أو التحرش أو الإهمال داخل فضاء يفترض فيه أن يكون تربويًا وترفيهيًا وآمنًا.فمن غير المقبول أن يُفتح فضاء بهذا الحجم أمام العموم، دون مراقبة صارمة أو دفتر تحملات واضح يضمن السلامة الجسدية والنفسية للأطفال، وتحديد ساعات العمل والتوقيت، واحترام حقوق العمال، وتوفير الشروط القانونية للاستغلال.في هذا السياق، نتابع أيضاً باهتمام استقرار البرلماني السابق هشام المهاجري بمدينة القنيطرة، وهو حقه الطبيعي كمواطن ومستثمر، غير أن اختياره لمهدية لإنشاء هذا المشروع، وتوسع أنشطته من مراكش إلى الرباط والقنيطرة، يجعل من حق الرأي العام أن يطّلع على خلفيات هذا التموقع الاستثماري، وطبيعة الصفقات المرتبطة به، خاصة أن الملف سبق أن أثير أمام القضاء في قضايا أخرى ذات علاقة بتبديد أموال عمومية.لسنا ضد الاستثمار، بل نعتبره رافعة للتنمية وخلق فرص الشغل. لكننا ضد أن تتحول الرخص والممتلكات العمومية إلى غنيمة لمن يملكون مفاتيح النفوذ والامتيازات، فيما يُقصى شباب المنطقة الطموح من أية فرصة للاستثمار داخل مجاله الجغرافي.إننا نطالب بضرورة فتح تحقيق نزيه وشفاف لكشف خبايا صفقة استغلال الملك البحري بمهدية، ومعرفة من منحها، وفق أي شروط، ولماذا ساد الصمت الإداري مقابل انتهاكات واضحة تمارس باسم القانون ضد صغار المستثمرين، مع المطالبة الصريحة بفرض مراقبة عاجلة لفضاءات الأطفال وضمان شروط الوقاية والسلامة فيها، بما في ذلك احترام أعمار المستفيدين، وتحديد ساعات العمل، وإخضاع المرافق لمعايير الجودة والتأطير.خاصة أن المستثمر ليس من أبناء المنطقة، ولا علاقة له بسياقها المحلي، بل استفاد من تسهيلات غير مفهومة ومبهمة، في وقت يُقصى فيه شباب مهدية والقنيطرة من حقهم الطبيعي في الاستثمار داخل مجالاتهم الترابية، ويُخضعون لمعيقات إدارية وتحكمات مجحفة تجعل حلم الاستثمار مشروعًا مع وقف التنفيذ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID