ثقافة وفنون

حال عقل(ومضة )

 بقلم الاستاذ يوسف بولجراف

في ذلك الصباح كان على موعد مع طلابه بالسنة الأولى الجامعية لإلقاء درس جديد من محاضراته في العلاقات الدولية وموضوع الصواريخ الكوبية والحرب الباردة، كان درسا شائكا يشبه حياته . شد ربطة عنقه بإحكام ونظر إلى وجهه بالمرآة كأنه ينظر لغريب كانت حالته النفسية جد متأزمة خرج من منزله كعادته وركب سيارته متجها الى الكلية  وهو يفكر، وفي طريقه قبل دخوله ممر الجسر الذي يفصل العدوتين، ركن سيارته جانبا ونزل يتأمل النهر وهو يقول ، لا انا لست مجنونا كي أرمي بنفسي إليك أيها النهر، ثم عاد إلى سيارته وجعلها في وضع نقطة التوقف وبدأ يدفع بها الى النهرإلى أن هوت، فاخذ يقهقه هيا استنجدي الان ايتها الخرذة لن اغرق معك لاني غرقت قبلك  تلفت ليتاكد ان احدا لم ينتبه له ووضب ربطة عنقه من جديد ثم واصل السير على طريق الجسرحثيث الخطى يبحث عن سيارة اجرة تنقله الى الكلية وهو ينظر لساعته، لا يريد أن يتأخر عن محاضرته خاصة وأنه كان جد صارم  مع طلبته بشأن التوقيت ولا يسمح للمتأخرين ولو بخمس دقائق بدخول القاعة، والآن هاهو يتأخر عن الموعد بنصف ساعة. ألقى التحية واستسمح طلبته على التأخر الذي كان سببه تقنيا بالدرجة الأولى كما علل لهم  و هو  يطلب منهم أن يمنعوه الدخول كما يفعل  إذا أرادوا  تلك هي الديموقراطية  ، طبعا  الكل  ضحك ولا أحد منهم فهم المقصود بكلمة تقني ،  لكن الجميع فهم ان عطبا ما حدث في مكان ما  جعله يتأخر من غير عادته .. ثم بدأ  بإلقاء  محاضرته حول ازمة الحرب الباردة بين الدولتين العظمتين واتفاقية الحد من الاسلحة النووية وازمة الصواريخ الكوبية التي اججت الأوضاع ثم استهل الدرس بجملته المشهورة التي كانت عالقة في أذهان  طلبته  حيث رددها مرات امامهم “  و قد عرف الشرق والغرب أزمة حادة “.-.  توقف برهة  عند الجملة و أعادها   قلت :  عرفت العلاقات بين الكثلة الشرقية و الغربية  أزمة حادة استرسل هذه المرة- حادة…ليس حادة التي تعرفونها ….  أ حادة ديريها  و ديريها   آ حادة ديري كيما تبغي   ثم بدء يرقص   دادا حياني  خلوني  نشطح  على كيتو  ؛ وقد كانت تلك اخر محاضراته لطلبته تلك السنة ولكن لم تكن هي اخر علاقته بهم بل كان  بعضهم  يزوره  بين الفينة و الأخرى   في غرفته بمشفى الامراض النفسية !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube