أخبارالقضية الفلسطينيةمستجدات

طوفان الأقصى نقل كيان الإحتلال من الردع الإستراتيجي إلى الغباء الإستراتيجي!

حرة بريس

مر عام منذ بداية عملية طوفان الأقصى الذي رسم معالم جديدة لخريطة شرق أوسط يختلف في تفاصيله عن كل محاولات الولايات المتحدة السابقة لتحديد معالم مستقبل المنطقة وتتهاوى معه كل الإتفاقيات التي هدفت لجعل التطبيع مع الكيان الإسرائيلي كمسار أوحد لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي الذي خيمت تفاصيله على المشهدين العربي و الإسلامي مند نكبة فلسطين الأولى.

السابع من أكتوبر بعيد انتهاء عملية التسلل التي قامت بها عناصر حماس بغزة والتي نتج عنها أسر المئات من الإسرائليين. هذا الحدث الكبير الذي قاد المنطقة إلى صراع لم يكن الكيان الإسرائيلي يتوقعه حيث فتحت عليه كل الجبهات من لبنان والعراق واليمن وإيران في إطار صراع الردع الإستراتيجي بين القوى الفاعلة في المنطقة.

الفشل الإسرائيلي يمكن سحبه على النقاط التالية:

  • دخول الكيان في مواجهة عسكرية بدون ضوابط أخلاقية جعلت صورته تهتز عالميا نتيجة استهدافه للمدنيين العزل من نساء وأطفال وشيوخ. فألة القتل الإجرامية للكيان استطاعت حصد أرواح قرابة الخمسين ألف وجرج مائة ألف إنسان وتهجير ما يناهز ثلاثة ملايين فلسطيني ولبناني.
  • تهييج الرأي العام العالمي ضد الكيان بسبب فضاعة جرائم الحرب وجرائمه ضد الإنسانية وتقديم الكيان أمام محاكمة تاريخية لأول مرة منذ قيام دولة الكيان الإسرائيلي بعد الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا بما لها من رمزية في إطار مناهضة العنصرية والتمييز العرقي.
  • قيام العديد من الدول اللاتينية بقطع العلاقات الديبلوماسية مع الكيان, وتسجيل أول اعتراف أوروبي بدولة فلسطين من قبل المملكة الإسبانية بقيادة الحكومة الإشتراكية برئاسة بيدرو سانشيز وما صاحب ذلك من تشنج للعلاقات الإسبانية ـ الإسرائيلية.
  • سقوط وتداعي كل المحاولات الإعلامية الهادفة إلى تصوير الكيان على أنه رمز للديموقراطية والحضارة والتقدم التكنلوجي والتفوق العسكري أمام فشله في تغليب صورة إعلامية تدعم سرديته. هذا الإصرار على نشر وتغليب السردية الإسرائيلية عن طريق التحكم في مواقع الإعلام العالمية وبتواطؤ دول غربية. الدول الغربية التي تنكرت لكل قيم الديموقراطية وحرية التعبير. ففي أمريكا الحرية شهدنا كيف قمع الطلبة الجامعيون والمعارضون للحرب و رأينا بريطانيا العظمى تحاول إرغام أجهزة الشرطة على اعتقال المتظاهرين المعبرين عن رفضهم للإجرام الإسرائيلي وتتبع ومضايقة المحتجين في بيوتهم. بل بم التحقيق ومضايقة مواطنين ببيوتهم لرفعهم الأعلام الفلسطينية على نوافذ بيوتهم تعبيرا عن تضامنهم مع ضحايا الحرب والإحتلال. أما ألمانيا فقد ذهب بها الجنون بعيدا إلى درجة تشريع قانون يمنع رسم أو نشر أو إظهار المثلث الأحمر المعروف.
  • فشل الكيان في ضمان سلامة سفنه و تعرض موانئه إلى شلل تام بسبب استهدافات الصواريخ والمسيرات اليمنية التي لم ينجح تحالف أعتى الدول في العالم من إيقافها أو التحفيف من حدتها وتداعياتها.
  • فشل الحملة العسكرية على غزة في تحقيق الاهداف المعلنة لنتنياهوا في تدمير حماس وتغيير الوضع السياسي بغزة وإعادة الأسرى. فبعد عام كامل لازالت العمليات الثتالية بغزة على أشدها ولازال الجيش الإسرائيلي يتكبد خسائر ثقيلة.
  • سقوط اتفاق ابراهام ومعه مسار التطبيع العربي الذي وصل ذروته خلال فترة رئاسة دونالد ترامب التي عرفت توجها جنونيا نحو تصفية القضية الفلسطينية وإخضاع كل الدول العربية والإسلامية لمنطق التطبيع بالرغم من الرفض التام للشعوب العربية المغلوبة على أمرها أمام الخنوع التام لحكامها المتواطئين.
  • أما على مستوى الداخل الإسرائيلي فإن الخسائر كانت أكبر بكثير سواء على مستوى فقدان أهالي الأسرى الثقة في حكومة نتنياهو التي عمدت إلى قتل الأسرى وعدم الإكثرات لمصيرهم, في حين طفا الصراع المجتمعي إلى الواجهة خصوصا أمام رفض المتدنيين الحريديم المشاركة في الحرب ومقاومتهم محاولات حكومة نتنياهو لإرسالهم إلى الجبهات. الإقتصاد بدوره تأثر بشكل واضح حيث فقدت الشركات اليد العاملة التي استدعيت للمشاركة في الحرب الدائرة و تضرر كل الموانئ بسبب الحصار اليمني الذي يحول دون وصول السفن والناقلات إليها مما أدى إلى افلاسها تماما. ناهيك عن الثمن الذي تفرضه الحرب القائمة والمتمثل في قيمة العتاد والذخائر وخسائر الحرب من أليات.
  • بالرغم من كل الإنجازات التكتيكية والتي تتلخص في قيام الكيان باغتيال بعض من قادة المقاومة أو قصف مواقع ذات قيمة استخباراتية كعملية البايجرات أو أجهزة التواصل اللاسلكي التي عمدت إسرائيل إلى استهدافها لكن الحقيقة تكمن في أن اسرائيل أخطأت في استعمال هذه الوسائل التي سيكون لها تداعيات على مستويات الثقة في المنتجات الالكترونية والشركات الغربية التي ستسجل خسارات باهضة بسبب المغامرة الغير محسوبة للكيان. أما بخصوص اغتيال القادة فإنه وإن كان ثمنا كبيرا في صفوف المقاومة إلا أنه يضع اسرائيل أمام المجهول لعدم قدرتها على تحديد أي نهج ستتبعه القيادة الجديدة مما سيستدعي مجهودا استخبارتيا له ثمنه للإلمام بتفاصيل العقل القيادي الجديد.
  • بالمحصلة فإن اسرائيل فشلت عسكريا في تحقيق الأهداف المعلنة والمتمثلة في إعادة الأسرى و القضاء على حركة حماس وإعادة المستوطنين إلى المستوطنات سواء في غلاف غزة أو في الشمال كما انها فشلت في ردعها لليمن وإيران مما يشكل نقطة ضعف استراتيجية للكيان. أما بخصوص العملية البرية بجنوب لبنان فمن الواضح أنها لازالت تعاني من صعوبات حقيقية أمام مقاومة شرسة تحول دون تحقيق أي تقدم داخل الأراضي اللبنانية. وتبقى الكارثة الحقيقية تتمثل في سقوط اسطورة أمن المواطنين أمام عجز كل من القبة الحديدية ومقلاع داوود وغيرها من المنظومات المتطورة من تحقيق حماية للمواطنين والمنشات الإسرائيلية ضذ صواريخ المقاومة الفلسطينية و حزب الله بلبنان و أنصار الله باليمن وحركات المقاومة العراقية ليشهد الكيان حركات هجرة عكسية وتوقف توافد مهاجرين جدد نحو الكيان.

طوفان الأقصى ترك جرحا غائرا في جسد الوحش الإسرائيلي ودفعه إلى شن حرب مجنونة ضد أبرياء قطاع غزة في توجه واضخ نحو ابادة حقيقية أمام أنظار العالم. غرور الكيان ودعم الغرب اللامحدود جعله يعتقد أنها فرصته لترحيل سكان قطاع غزة نحو مصر والأردن واحتلال قطاع غزة بالكامل والتفرغ لاحقا للضفة الغربية. كانت كل حسابات الكيان غير دقيقة وفاشلة وأبانت عن غباء استراتيجي لا تبرره كمية الدمار والإستعمال اللامعقول واللامتناسب للقوة التدميرية دزن تحقيق أي من الاهداف. لو أن الكيان عمد إلى التفاوض منذ يوم الثامن من اكتوبر ولو أنه أجرى عملية تبادل للأسرى لوفر على نفسه كل الخسارات التي تكبدها. بل لكان قادرا على التعامل مع حماس بعد تحرير الأسرى دون وجود أي ضغط سياسي داخلي ولحافظ على معادلات الردع القائمة على مستوى الإقليمي ولحافظ على هيبة الوجود الأمريكي بالمنطقة. الهيبة التي دمرتها صواريخ ومسيرات اليمن بالبحر الاحمر. لو أن اسرائيل فكرت بشكل استراتيجي لما أصبحت منبوذة اليوم على المستوى الدولي. فالقوة العسكرية والتطور التقني والتكنلوجي وحدهما غير كافيان أمام غياب نعمة العقل والتفكير اللتان أصبح واضحا أن اسرائيل لم تعد تملكهما اليوم ليبقى العنوان الأبرز أن اسرائيل دخلت رسميا زمن الغباء الإستراتيجي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID