سياسةمستجدات

هنية في ضيافة العدالة و التنمية…حدود الحزبي و الرسمي.

محمد الجميلي اسبانيا

تضاربت الروايات  في تفسير خلفيات و توقيت زياة إسماعيل هنية  رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) و صحبه للرباط؟، هل هي مجرد زيارة تتعهد فيها الحركة حزبا إسلاميا حاكما، و هو مقبل على انتخابات، تصيبه ببعض بركات نصرها، بعدما تآكلت شعبيته بسبب اتفاق التسوية مع حكومة نتن ياهو؟،  أم للزيارة طابعا رسميا غير معلن ظاهرها حزبي بين إخوان غزة و المغرب؟.

المعروف أن الإتصالات بين الحركتين الإسلاميتين لم تنقطع قبل و بعد الاتفاق. و هذا ما يعكسه إنخراط حزب العدالة و التنمية و تنظيماته الموازية بحماس في الأنشطة  التعبوية و التضامنية خلال العدوان غزة بمعنى أن توقيع العثماني على الإتفاق الشهير لم يحدث القطيعة كما ساد الإعتقاد…

أنشطة  وفد حماس في الرباط تعكس الطابع الشبه الرسمي للمملكة إن جاز القول  فدلالة زيارة مقر إقامة رئيس الحكومة، و ليس مقر حزب العدالة و التنمية، ومؤسسات رسمية أخرى كالبرلمان، و اجتماعه بمقر الخارجية ببوريطة و مدير الإستعلامات الخارجية المعروفة اختصارا ب”لادجيد”، و تتويجها بحفل عشاء رسمي برعاية ملكية ترفع هذا الإلتباس، و تؤكد أن الزيارة جاءت بدعوة من حزب العدالة والتنمية المغربي،  برعاية العاهل المغربي، و احتضان الشعب المغربي.

إذا ما هي الغاية؟ و لماذا خص الوفد المغرب قبل غيره بالزيارة رغم المؤاخذات على الحزب الإسلامي المغربي و رميه بالتطبيع؟.

هذا الإستقبال و الحفاوة تعكس التزام المغرب بما تعهد به أثناء توقيع استئناف العلاقات   مع الجانب الإسرائيلي في عهد الإدارة الأمريكية السابقة برعاية كوشنير حيث حرصت المملكة على تحقيق التوزان المطلوب بين المصالح المغربية في إطار اتفاقيات “أبناء إبراهيم” وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، و عدم الميل كل الميل على حساب القضية الفلسطينية، الزيارة اليوم جاءت لتؤكد المعلن، و تعبر عن الإستمرارية بدل القطيعة، و هذا الموقف يجد بعده شعبيا، و ازداد مع العدوان على غزة التي فاجأت بصمودها القريب قبل البعيد، حيث نجحت في لجم اندفاع حكومة الليكود اليمينية و عرت بعض أساطير القوة الصهيونية و أظهرت الحاجة لتحيين قببها الحديدية. و كان لافتا الأداء السياسي للحركة بجانب العمل المقاوم حيث أهدت نصرها للعرب  جميعا ممانعيه، و مصالحيه فمن جهة خففت الضغط على الدول التي تصنف بالممانعة التي تلقت ضربات موجعة في عهد نتن ياهو، و من جانب آخر أعطى للدول التي انخرطت في الصلح الأوراق التي كانت تحتاجها لمفاوضة الإسرائيليين من موقع القوة، خاصة أن سلوك نتن ياهو في عهد ترامب تميز بالإبتزاز و الرعونة استفزت المشاعر العربية، فهذا النصر كانت تحتاجه الأمة العربية أو الجزء من العرب الذي راهن على “عملية السلام” لتحريك عدة مسارات، و هي حاجة افتقدها العرب اثناء أحداث القدس العنصرية. ولم يكن غريبا تصريح رئيس وزراء قطر الأسبق الشيخ حمد بن جاسم، الذي قال فيه بالحرف “إن السلام يحتاج إلى “أنياب”،  رغم تمييزه بين الحرب و السلم إلا ان حضور قادة الحركة في قطر طوال العدوان كان لافتا و التغطية الواسعة لقناة الجزيرة تعكس هذه الحاجة و إن كانت أفقها السلام و ميناء و مطار…

من ثوابت السياسية المغربية في التعامل مع الدولة العبرية منذ التسعينات فرملة الإندفاع الصهيوني  فكلما حاد عن خط السلام، إلا و اخذ مسافة من الساسة الإسرائيليين بل  إن أبواب المملكة المغربية ظلت موصدة دون نتن ياهو لدرجة إغلاق مكتب الإتصال بالرباط بسبب تجاوزاته في الأراضي المحتلة ، و ستلجأ لفرمة و ضبط إيقاع هذه العملية كلما دعت الضرورة، و هذه رسالة كذلك إلى مطبعي الداخل المندفعين لتشبيك أكثر للعلاقة من الكيان، لقد أدركوا أن الممكلة تسيير وفق ناظم يراعي اعتبارات عدة، مقام أميرية المؤمنين، و رعاية مصالح القدس و أهلها، و تطلعات الجمهور.
 هنا تبرز استقلالية المغرب عن الحلفاء خاصة الخليجيين رغم موقفهم المعروف من الإخوان و حماس على وجه التحديد إلا ان المغرب احترم المنهجية الديمقراطية في الولاية الثانية لإخوان المغرب، و لم يمانع في زيارة الحمساويين للمغرب رغم ان بعض الدول الخليجية تصنفهعم في خانة الإرهاب. فجملة هذه المواقف تجعل من المغرب ذلك الوسيط الذي يحتفظ بنفس المسافة مع الأطراف مع رعاية خاصة للفلسطينيين . فهل سيقوم المغرب بوساطة ما في مفصل من مفاصل المفاوضات الجارية ، بالإضافة لجهود إعادة الإعمار؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube