مستجداتمقالات الرأي

العدالة و التنمية و تجديد الخطاب التكفيري بالمغرب!


بقلم عبد المجيد موميروس

و كفَى؛ بِهَازم اللّذات واعظًا. ثمّ؛ كلَّا فَألفُ لا، كما لمْ و لن نستذكر أموات السياسة بِخَيْرٍ. بل؛ لَسوف نستحضر إِرادة الله بِخُشُوعٍ. كي نستنكر الإستغلال المُؤَدْلِج للمرجعية الإسلامية، في سبيل إحياء نَعْرَةِ التقاطُبية المذهَبية المصطنعة. أو أيضا؛ عند محاولات إعادة  تفكيك المجتمع الأهلي، إلى مِلَل و نِحَل عقائدية مُتَناحِرَة. 

أيْ لهكذا؛ هُم عُبّاد صنم العدالة و التنمية، قد شحذوا أقلامهم و أقوالهم، من أجل تصفية حسابات سياسوية دنيوية رخيصة مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش. حتى؛ أنهم شرعوا في تجديد الخطاب التكفيري، و صب زيت الحقد العقائدي على نار الفرقة المذهبية. فكان لزاما عليّ؛ تنبيه الغافل المُسْتَلَب بنكيران المُحْتَلَب، من مغبة التماهي مع كبائر الجدال الفارغ. و الذي؛ لا كما لن يخدم عدا أجندة أيديولوجية، عابرة فوق مصالح الوطن الآبي. أجندة تريد أن تجعل من جثة الحزب الميت، جيفة سياسوية بين يدي رعاة التدابز الإقليمي. فَهَا نحن؛ أَيْنَما وَلَّيْنَا وُجوهَنَا، لَتُلَاقِينَا عبارات طلب الثأر الإنتخابي على لسان بنكيران. و بين تلبيساتها الإبليسية، تشبيه لرئيس الحكومة المغربية بكفار غزوة أحد. تلكم؛ العبارات الصريحة، المدسوسة ضمن مرئيات “لَفْقَيَّهْ” بنكيران. و التي رثى من خلالها الإنكسار الكبير لمصباح البيجيدي عند محطة 8 شتنبر 2021.

و تحت شعار : مات العثماني، عاش بنكيران!. هكذا إذن؛ يريدها هُبَلُ الأمانة العامة. تماما؛ تراجيدية تصويرية، تخفي معالم طريق “الريمونتادا التكفيرية” عند زعيم الفرْقة الضالَّة. و كأن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قد صار من الكافرين المشركين الذين حق عليهم العذاب الأَليم. و الأدهى من ذلك؛ اعتماد بنكيران على مؤثرات الشحن الغوغائي، و الاسترزاق بموعظة الموت،  و الإنحراف نحو الإيحاء من جديد بالشهادة في سبيل الله.

لذا؛ طبعا قد استفزني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حين لجأ إلى تجديد الخطاب التكفيري السفيه. ثم اعتبر كل من يعارضه، أنه من جملة مناصري الكفر و الظلم و القهر و الاستبداد. بل تمادى “لَفْقَيَّهْ” بنكيران في غَيِّه، و جزم بأن الذين صوتوا ضد حزبه، لا يحق لهم الحديث مستقبلا عن مبادئ حقوق الإنسان و الديمقراطية.

ذلك؛ رغم أننا في المغرب الأقصى، قد عاينا عن قرب و بكل حسرة، فشل التنظيمات السياسوية المُؤَدْلِجَة للإسلام، في ممارسة السلطة بنفس ديمقراطي تنموي حقيقي. و ذلك؛ نابع من حقيقة ملموسة، تتلخص في كون عقيدتهم الحاكمية الجامدة الساعية للتمكين الإنتخابي الجديد، تنبني -زورا و بهتانا- على إدعاء الطهرانية العقائدية، و التَّمتْرس خلف ديماغوجية المظلومية. و لبئسها؛ عقيدة سياسوية باطلة، قد نشأت و ترعرعت على تكفير الديمقراطية كمنظومة قِيَم أولاً. 

ثم؛ سارعت إلى التسلل من الشُّق الانتخابي، لنفس العملية الديمقراطية. فذلك؛ كان بغرض تأمين وصولها إلى المشاركة في تسيير أمور الدولة. قبل أن تفشل في التمكن، من إستدامة تغلغلها في النظام السياسي الوطني. و ها هي اليوم؛ تعود إلى تجديد خطابها التكفيري المُفْتَرِس لباقي المكونات السياسية المدنية بإسم تفويض إلهي مزعوم. تماما؛ خدمة لأهداف و غايات عقيدتهم الخاطئة، و ليس بغرض إحقاق الديمقراطية التشاركية، و لا العدالة و لا التنمية، و لا أنتم تسعدون.

فأنها الصحوة التكفيرية المُجدّدة، التي قد عايَشْنا زمن شروع بَناتِها في خلع الحجاب، بعد انتهاء عِفَّةِ صلاحيتِه الإنتخابية. و ها هي؛ تعاود الكَرة، و تلبس لبوس غزوة حزبية إنتقامية. قد نجدُ فلولها المنكوبة دائخة تائهة بين تَثْمين عُشرية مصباح السياسات اللاشعبية، التي وطدت لمرحلة استهداف المعيش اليومي للشعب المغربي. بينما الإخوان المفلسون، قد تلذذوا في نعيم التعويضات، و المعاشات و الامتيازات من ميزانية الدولة المغربية.

و أنّه الصغْيُور بنكيران؛ حامي فساد عقيدة الإخوان، يتحدث في مرئياته الماكرة عن مبادئ الديمقراطية و حقوق الإنسان، التي راكمتها البشرية عبر قرون من النضالات المريرة. حيث أنها ليست فقط عبارات أو شعارات قد يتم رفعها، كلما كنا في حاجة إليها لدعم موقف سياسوي معين. بل؛ أنها قناعات راسخة و ممارسة منضبطة، لا تقبل التجزيء و لا الإنتقائية.

و لهكذا؛ بأسلوب تحريضي فَج، نجد الكهل المُتصابي ندَهَ إخوانَه المفلسين في المغرب. كي يعملوا بسعي حثيث خبيث، على تحريف مفهوم التأويل الديمقراطي عن مواضِعِه الدستورية. من خلال التكتيكات السياسوية الجديدة، التي دشَّنَتْها قيادات تنظيم العدالة و التنمية. ذلك بعد إنكشاف سراب العدالة و التنمية، ضمن عشرية البيجيدي النكراء. تلكم؛ الموسومة بالعبث الحكومي. و كذا؛ بعد إنفضاح كذب إخوان بنكيران، في أرقام وعودهم الإنتخابية الفاشلة. و التي بِمُوجَبِها و على أساسها؛ قد تصدَّر الذراع السياسي لجماعة التوحيد و الإصلاح، نتائج الإقتراع الانتخابي طيلة عشرية كاملة.

فلَا غَرَابَة؛ بعد جنازة الضمير العقدي، أن نجد الأمين العام  لتنظيم العدالة والتنمية، يزايد بالقول عندما يوحي بإمكانية تعرضه إلى القتل و الظلم و السجن  و القمع. ذلك؛ وفق لعبة مظلومية قذرة، تنبني على الحيل و الأفعال المنافية لفطرة الإسلام و المبادئ الدستورية الحامية لها. حيث ليست المذهبية الحاكمية، محدد قانونيا للاصطفاف السياسي.

لذا؛ أننا نقف مشدوهين مصدومين، أمام النكوصية الحزبية نحو الاصطفاف المنبني على التكفير السياسوي المُفْزِع. و الذي تنْهَجُهُ قيادات حزب العدالة و التنمية، من أجل تغيير موازين القوى السياسية. لا سيما؛ أن هذه الصحوة التكفيرية، المعارِضة للحقوق الدستورية، و الرافضة لكل الحريات الفردية. قد تمخضت؛ فأنجبت فأرة ردة تاريخية،  نحو جاهلية العنف التكفيري، عند تدبير النزاعات و الاختلافات داخل الفضاء السياسي المدني.

إن الإنزياح المُجَدَّد للأمين العام لحزب العدالة و التنمية، نحو أسلوب الشحن العقدي لكسب الرهان الانتخابي. قد يجسد بوضوح قوام العقيدة السياسوية الباطلة، عند جيفة الإخوان بالمغرب الأقصى. رغم أن المدافع الحقيقي عن الحق الديمقراطي، لا يجب أن يحتكر هذا الحق، لِذَوِيهِ و عشيرتِهِ من الإخوان المفلسين. كما؛ لا يجب التعامل مع نفس الحق بانتقائية مقيتة. فإنما هي الديمقراطية : حق مشاع لجميع الناس.

و أختم بالهمس في مسامع أكاسرة الظلام الحزبي : تالله واهِمٌ و مُتَوهم، ذاك الذي يعتقد أن الموت من أجل كرسي رئاسة الحكومة، هو استشهاد في سبيل الله.

عبد المجيد موميروس 
شاعر و كاتب الرأي
رئيس الإتحاد الجمعوي للشاوية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube