محمد بوبكريمستجدات

في تفوق القوات المسلحة الملكية المغربية

محمد بوبكري

يتباهى حكام الجزائر بأن جيشهم هو أقوى قوة عسكرية في المغرب الكبير وغرب أفريقيا، حيث يتغنون بآن قوتهم العسكرية تحتل المرتبة 27 عالميا، ويستندون في ذلك إلى موقع ” جلوبل فاير بابور Global Fire Power” الذي يقوم سنويا بترتيب جيوش العالم. ونظرا للثقافة البدوية لجنرالات الجزائر ونزعتهم الفروسية، فإنهم لا يتوقفون عن ترديد هذه الأغنية، حيث يمتدحون ذواتهم افتخارا بوهم إنجازاتهم في مجال التسلح. وتطرقي لهذا الموضوع هو مجرد توضيح يرفض إشعال فتيل الحرب بين الجارين الشقيقين..


يرى بعض المختصين في المجال أن هذا الموقع يعتمد تصنيفا مغلوطا، لأنه يهمل عوامل أساسية لا ينبغي إغفالها في عملية ترتيب الجيوش، ما يجعله غالبا ما يسقط في وضع ترتيب غير دقيق، لا يمكن اعتماده، لأنه لا يعكس حقيقة الأشياء. وللتدليل على ذلك، يقولون إنه يكفي أن نقرأ ترتيبها للجيوش. فلا جدال أن الولايات المتحدة الأمريكية تحتل الصف المرتبة الأولى، وتأتي بعدها روسيا، ثم الصين؛ فهذا أمر طبيعي لا يوجد اختلاف فيه. لكن عندما نستمر في قراءة الترتيب، نجد أن الهند تحتل المرتبة الخامسة عالميا، ما يثير نقاشا بين المختصين. وما هو غريب هو أن هذا الموقع قد صنف كوريا الجنوبية قبل فرنسا، التي تعد من أكبر البلدان تصنيعا في العالم، وأكثرها تصديرا للسلاح بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا…


ومن المضحك أيضا أن هذا الموقع قد قام بترتيب إسرائيل بعد العربية السعودية وإيران وباكستان وأندونيسيا ومصر… وهذا أمر يعارضه أغلب الخبراء، لأنه لا ينبني على معرفة حقيقية بالقوة العسكرية الضاربة لإسرائيل، حيث يتفوق جيش هذه الأخيرة، في الواقع، على جيوش هذه البلدان التي تم ترتيبها قبله. بالتالي، فهذا الموقع متجاوز، لأن المقاييس التي يعتمدها في ترتيبه للجيوش العالمية لا تنهض على أسس تمكنه من معرفة متينة يرتب على أساسها جيوش العالم.


وسيرا في الاتجاه المعاكس لترتيب هذا الموقع لجيش جنرالات الجزائر في الرتبة 27 عالميا، يرى بعض الخبراء أن القوات المسلحة الملكية المغربية تتفوق عسكريا على جيش جنرالات الجزائر، الذي يمتاز فقط بأن هؤلاء يقومون بتوظيفه لممارسة العنف ضد الشعب الجزائري، ضمانا لاستمرارهم في السلطة واستيلائهم على خيرات البلاد…
لكن، لماذا يقال إن الجيش المغربي متفوق عسكريا على جيش جنرالات الجزائر؟ هناك عوامل أساسية اعتمدها المختصون الذين يؤكدون ذلك، أولها هو أن المخابرات المغربية أكثر نجاعة من المخابرات الجزائرية، حيث تؤكد كل المعطيات الأخيرة تفوق المخابرات المغربية على نظيرتها الجزائرية، إذ قام مدير المخابرات الخارجية الجزائرية بالاتصال بالمرشح للانتخابات الرئاسية في دولة “النيجير” “محمد بازوم “، وقدم له أموالا لدعمه ماديا في حملته الانتخابية شريطة توجيه هذا الأخير دعوة إلى المدعو “إبراهيم غالي” لحضور مراسيم تنصيبه إلى جانب الرؤساء الذين سيحضرون هذا الاحتفال، لكن المخابرات المغربية اكتشفت ذلك، وكشفته في حينه، ما أدى إلى تقديم مدير المخابرات الخارجية الجزائرية لاستقالته. إضافة إلى ذلك، فقد قامت المخابرات الجزائرية بمنح جواز سفر مزور لـ” “إبراهيم الغالي” بهدف نقله إلى إسبانيا للعلاج هناك، حيث دبرت هذه المخابرات أمرها في تمام السرية، معتقدة أنها يمكن أن تسفره إلى إسبانيا وتفعل به ما تشاء بعيدا عن أعين العالم، لكن سرعان ما اكتشفت المخابرات المغربية ذلك، وفضحته، الأمر الذي انتشر في العالم انتشار النار في الهشيم، فنجمع عنه إدانة للتزوير، لأنه ليس مقبولا أخلاقيا، ولا سياسيا، ولا قانونيا ارتكاب ذلك، وتأكد للجميع أن ما يسمى بالكيان الوهمي الذي يدعي “إبراهيم غالي” أنه يمثله، لا يعترف به هو ذاته، ولا الجنرالات الذين صنعوه، لأنه قبل أن يحمل جواز سفر بلد آخر، ما يعني أنه لا يؤمن بذلك الكيان الوهمي الذي وضعوه على رأسه…


وعلى عكس التصرفات العنترية لجنرالات الجزائر، فإن المغرب يتمتع بذكاء كبير، جعله يسعى إلى التعاون بأخلاق عالية مع الجميع، دون التآمر على أحد، حيث يتصرف بحكمة كبيرة جعلته يمضي في تحقيق أهدافه بصمت، دون بهرج ولا تطبيل، ولا افتخار، لأنه يكره الممارسات البدوية، التي تنهض على الاستبداد والطغيان والتوسع، ما يتعارض مع روح العصر، التي تحترم الآخر المختلف، وتنبذ العنف والتوسع. وهذا ما جعل المغرب يحقق انتصارات في الدفاع عن قضاياه الحيوية، دون أن يعرف خصومه أي شيء عن كيفية إنجازه لذلك، فأصبحوا خارج التاريخ…


وهناك مقياس آخر للتفوق العسكري لم يأخذ به الموقع المشار إليه أعلاه وهو امتلاك التكنولوجيات الحديثة، حيث عمل المغرب على امتلاك القمرين الاصطناعين “أ” و “ب”، فاستطاع بذلك الحصول على كل المعلومات حول ذاته ومحيطه، لكنه لم يقم بالترويج لذلك، حيث لم يعرف الرأي العام بذلك، إلا بعد حصول المغرب على كل المعلومات حول محيطه الإقليمي، التي كان في حاجة إليها. هكذا، فإن التكنولوجيا الحديثة ضرورة عسكرية…
وإذا كان جنرالات الجزائر ينفقون 10 مليار في التسلح، حيث يقتنون أي شيء من روسيا وغيرها من الدول، فإن ذلك لا يعني أن هذا سيجعل منهم القوة العسكرية الأولى إقليميا، الأمر الذي لم يتحقق لهم؛ فهم ينفقون أموال الشعب الجزائري عبر صفقات تمكنهم من نهب الأموال وتهريبها إلى الخارج، ما جعلهم يجوعون الشعب الجزائري، الذي صار يعاني من ضائقة العيش، لأنه لم يعد قادرا على تغطية نفقات حاجياته اليومية، فأصبح شبابه يغامرون بركوب قوارب الموت، بحثا عن الكرامة ولقمة العيش في أوروبا، وذلك رغم أن الجزائر بلد مصدر للبترول والغاز.
وعلى عكس جنرالات الجزائر، فإن المغرب يقتني أسلحته حسب حاجياته، ما يفيد أنه يمارس التسلح الهادف، دون تبذير ينعكس على الحياة اليومية للشعب المغربي، حيث استطاع المغرب الشروع في الانخراط في الاهتمام بالقضايا الاجتماعية الأساسية لمستضعفي البلاد..
كما أن المغرب يعمل بالحفاظ على سرية صفقات التسلح التي يقوم بها، لأنه يعلم أن الدعاية لتلك العمليات سيفقدها قيمتها، وذلك على عكس جنرالات الجزائر، الذين جعلتهم عنتريتهم البدوية يفضحون أنفسهم بأنفسهم، فصار كل ما عندهم معلوما من قبل الرأي العام الدولي…
فضلا عن ذلك، فالمغرب يعطي أولوية لتكوين القوات المسلحة الملكية في جميع المجالات، حيث يحرس على تكوينها وتأطيرها العميقين، ويسهر على تكوينها المستمر، وقيادتها ذات كفاءة مهنية عالية لا تهتم إلا بمهنتها وقيامها بواجبها الوطني، وليست منخرطة في السياسة، كما يفعل جنرالات الجزائر، الذين غرقوا في أوحال السياسة، لأنهم صاروا يتدخلون في كل شيء، وتكوينهم العسكري بات متجاوزا، لا يؤهلهم لتدبير الجيش الجزائري، الذي لا يمكن تدبيره بالجهل والغباء ونهب أموال الشعب وتهريبها إلى الخارج…
فوق ذلك، لقد صار الرأي العام الدولي يعي أن النظام الجزائري نظام عسكري توسعي، فأصبحت الدول الغربية لا تثق فيه، ما جعلها ترفض أن تضع تحت تصرفه التكنولوجيات الحديثة، لأنها تدرك أنه سيستعملها ضد جيرانه، وضد الشعب الجزائري معا. وعلى العكس من ذلك، فالمغرب يحظى بثقة الدول الغربية، لأنها تعي أن قيمه الحضارية تحول دون اعتدائه على الآخرين. وعلى عكس ذلك، فإن جنرالات الجزائر يصنفون الدول الأخرى على أساس أن هذا حليف إستراتيجي، وذاك عدو تاريخي. وعلى النقيض من ذلك، فإنه ليس للمغرب أعداء، لأنه دولة تؤمن بالسلام وتدافع عنه… وإذا كان جنرالات الجزائر يعتبرون المغرب عدوا تقليديا، فإنهم يقومون بذلك لإلهاء الشعب الجزائري عن قضاياه السياسية والاجتماعية والثقافية.. كما أنهم يسعون من وراء ذلك إلى تصريف أزماتهم الداخلية نحو الخارج، متوهمين أن الشعب الجزائري الشقيق سيتحول ضد المغرب..|


وخلاصة القول، إن هذه الورقة القصيرة لا تروم إشعال فتيل حرب في المغرب الكبير، لأنني أرفض الحرب مع الجميع. لذلك، أتمنى للشعب الجزائري الاستقرار والنماء، حيث ينبغي آن يعود العسكر إلى ثكناتهم ويفسحوا المجال للشعب الجزائري ليتمكن من بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube