احمد رباصمستجدات

هل الكيف ضامن لمستقبل الريف؟ (7/7)

أحمد رباص حرة بريس

في نهاية المطاف، ساهمت صناعة القنب الهندي إلى حد كبير (دون أن تكون المسؤولة الوحيدة) في تدهور الغابات والتربة وطبقات المياه الجوفية في المنطقة من خلال إنتاج كميات هائلة من الحشيش الذي أدت جودته المنخفضة إلى الإضرار بسمعته وجاذبيته في السوق الدولية. وباعتراف الجميع، زادت جودة الحشيش المنتج في المغرب خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (زيادة النقاء ومستويات عالية من رباعي هيدروكانابينول) ولكن على حساب زيادة تدهور البيئة وخاصة الاستغلال المفرط للموارد المائية (زيادة عدد الآبار العميقة في سياق انخفاض هطول الأمطار (شوفي، أفساحي، 2014) بسبب الاستبدال الكبير للأصناف الهجينة الحديثة بصنف الكيف الريفي. كما أدى الهوس الهائل بهذه الأنواع الجديدة من القنب الهندي إلى خلق ظروف الإفراط في الإنتاج وانخفاض الأسعار مقارنةً بالراتنج من نوع الكيف الريفي الذي يباع الآن بأسعار أعلى بكثير (شوفي، 2016؛ شوفي، ماكفارلان، 2018 ؛ شوفي، 2019 ).
وإذا كان التقنين ضروريا حتى يتم أخيرا تنظيم صناعة القنب الهندي في الريف، بحيث يتم إقرار المعايير البيئية واحترامها، فهو أيضا أمر لا مفر منه نظرا للتطور السريع للسياق التشريعي الدولي، وعدد الدول التي قامت بإضفاء الشرعية على الإنتاج و يتزايد استهلاك القنب الطبي وحتى الترفيهي بسرعة كبيرة من سنة إلى أخرى، لا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأدنى (شوفي، 2019).
في سوق عالمية شديدة التنافسية بالفعل ومن المقرر أن تصبح أكثر من ذلك في السنوات القادمة، يمكن للمغرب ويجب عليه أن يلعب ورقة إضفاء الشرعية على القنب الهندي العلاجي، ولكن كذلك بالضرورة، على القنب الهندي الترفيهي (دون حد لنسب THC، عندما تكون هذه النسب مهمة من الناحية الترفيهية والعلاجية)، قبل أن توجه التقنينات التي لا مفر منها في نهاية المطاف داخل الاتحاد الأوروبي ( بعيدا عن سوق التصدير الرئيسية للحشيش المغربي) وفي البلدان الأخرى المنتجة للحشيش (أفغانستان، لبنان: منافسان جادان) ضربة قاتلة للصناعة المغربية، والاتجار العابر للقارات بمشتقات القنب الهندي الذي كان يميل في السنوات الأخيرة إلى استبداله بالواردات التبادلية وعمليات الاستبدال (ديكورت، بوتر، بوشار 2011؛ شوفي​، 2016).
إن المضبوطات الكبيرة من الراتينج المغربي في جزر الهند الغربية، حيث يتم تداول الحشيش والكوكايين على أساس الوزن المتساوي، تُظهر، مع ذلك، أن الحشيش، وهو منتوج نادر في بعض الأماكن، يمكن أن يشترك في سوق القنب الهندي مع الحشيش العشبي (الماريخوانا).
علاوة على ذلك، يجب على المغرب أن يكون مميزا على وجه التحديد لأن السوق العالمية مدعوة لأن تصبح أكثر وأكثر تنافسية، ليس من خلال منح تراخيص العمليات في التكتلات، كما هو الحال في كثير من الأحيان بالفعل في أماكن أخرى، ولكن من خلال تعزيز إنشاء الزراعة العضوية الصغيرة والموسومة (تسمية المنشإ المحمية، البيو، التجارة المشروعة) عبر الاعتماد على تعزيز الشهرة الدولية لمجموعة متنوعة من الأصناف “البلدية” للكيف ومنتوجيها اللذين هما الكيف المخصص للتدخين، وخاصة، الحشيش المغربي. لذلك يجب أن يتم تقنين القنب في المغرب بشكل مثالي لصالح القنب الهندي القصير وليس الطويل، بحيث يُشار الآن بشكل متكرر إلى المنتوجات الفلاحية الصغيرة والمنتوج الصناعي الكبير في صناعة القنب الهندي (سووا، 2008).
يناقش المغرب إمكانية إضفاء الشرعية على القنب الهندي منذ عام 2008. وفي هذا الإطار، يندرج نداء تكتل جمعوي هدفه الرئيس إضفاء الشرعية على الكيف للاستخدام الصيدلاني بقيادة شكيب الخياري، الرئيس السابق لجمعية الريف لحقوق الإنسان ورئيس مجموعة الاستخدام الطبي للقنب.
منذ ذلك الحين، كانت مسألة تقنين القنب الهندي في الريف موضع تنافس بين حزب الأصالة والمعاصرة (PAM)، ذي الجذور القوية في منطقة باب برد، وحزب الاستقلال، الأكثر حضوراً في منطقة كتامة، وكذلك بين مختلف الجمعيات المحلية المفتوحة أو المغلقة بشكل أو بآخر جماعيا أو ترابيا، مثل كونفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية التي أنشأها في عام 2014 عبد اللطيف أديبيبي، الذي يدافع عن قضية صنهاجة (منى، 2011، ص. 123-129).
بين عام 2009، واقتراح البام مناقشة مستقبل زراعة القنب الهندي في البلاد، و2019 ، عندما وعد مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة بإجراء دراسة حول استغلال خواص القنب في الأمور العلاجية والصيدلانية، مرورا بتقديم حزب الاستقلال في عام 2013 لمشروع قانون بشأن التقنين في البرلمان، فإن مقترحات التقنين في المغرب تتعلق فقط بالقنب الهندي العلاجي (وأيضا باستخدام ألياف القنب الهندي في الملابس والبناء).
قليلون هم أولئك الذين، مثل عبد اللطيف أديبيبي، يطالبون بإضفاء الشرعية الكاملة على القنب الهندي، وبالتالي الترفيهي كذلك. يؤكد أديبيبي أيضا على ثقافة قانونية “تقتصر على منطقة الإنتاج التاريخية في الريف حيث تتناسب مع نمط العيش”، وتتوافق بشكل جيد مع تعزيز “بلاد” القنب الهندي التي ستفيد أكثر من غيرها صغار مزراعي الكيف في الريف، وفي المغرب بصفة عامة.
ومن المؤكد أن إضفاء الشرعية على القنب في المغرب لن يشكل الترياق الشافي للاقتصاد، حيث لا يسمح القنب الهندي المقنن بالرفع من الموارد الضعيفة الطبيعية والمادية والاقتصادية لصالح الريف وساكنته، باستثناء الموارد السياحية التي يمكن لتقنين القنب الهندي وإبطال تجريمه ان يسمحا بها ويشجعاها، ( ميهان، روسكو، ستيفنسن، 2020). ولكن، في حالة عدم السماح بالتنمية السوسيوقتصادية للمنطقة، فإن إضفاء الشرعية على القنب الهندي سيكون من حسناته تحرير مزارعي القنب الهندي من اللاشرعية التي هي قدرهم ووضع حد لتهميشهم. مع التقنين، سوف يتناقص الفساد بالطبع، ولكن أيضا سيتم الحفاظ على البيئة (التربة،المياه) الذي، من خلال تشجيع الزراعة العضوية المقامة في “بلاد” هشة، سيكون موضع اهتمام جديد. أ
خيرا، سوف يسمح إضفاء الشرعية على القنب الهندي للريف بأن يكون أكثر اندماجا ترابيا واقتصاديا مع بقية مناطق المغرب وأن يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في المنطقة، وفي المغرب ككل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube