مستجداتمقالات الرأي

الشهيد بن بركة .. الموساد ومعنى اغتيال انعتاق المغرب

*كلمات*

.. في ذكرى مأساة وطن ومعانيها

—————————

*الشهيد بن بركة .. الموساد ومعنى اغتيال انعتاق المغرب*

أحمد ويحمان

× بعد أقل من أسبوع، وتحديدًا في 29 أكتوبر الجاري، تحل الذكرى الستون لاختطاف واغتيال القائد الوطني والأممي الكبير المهدي بن بركة، في واحدة من أبشع العمليات السياسية في التاريخ المعاصر. هذه الذكرى تأتي، هذه السنة مع مستجد نوعي هو صدور كتاب فرنسي مهم، يترقب المتتبعون نزوله للأكشاك في نفس يوم الذكرى، وهو بعنوان “قضية بن بركة: نهاية الأسرار”، من تأليف ستيفن سميث و رونين بيرغمان، عن دار غراسيه، والذي يعدّ كشفًا لوثائق ومراسلات سرية لم تُنشر من قبل تفضح أدوارًا للموساد الصهيوني و تنسيقاته مع أجهزة أمنية داخلية في تنفيذ الجريمة . لقد كان المهدي بن بركة أكثر من زعيم معارض، بل كان مشروعًا وميثاقًا لبناء مغربٍ مستقلٍ ديمقراطي عادل. انخرط منذ شبابه في صفوف التحّرك الوطني، وذاق السجون والمنافي، وعُيّن من بين مفاوضي الاستقلال، قبل أن يتبوّأ مواقع قيادية في بناء الدولة بعد 1956، حيث ترأس المجلس الوطني الاستشاري (البرلمان)، وكان من الرعيل الذين سعَوا إلى جعل الوحدة الوطنية ليست شعارات، بل واقعًا ملموسًا عبر مشروع طريق الوحدة. ولم يكن دوره محصورًا في المغرب، بل امتد إلى “العالمي”، إذ اختير لرئاسة اللجنة التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث، المشروع الأممي الذي دعا إلى مواجهة الإمبريالية والهيمنة الجديدة، فكان تهديدًا حقيقيًا للقوى التي تخشى تضامن شعوب العالم الثالث. وقد تأكد أن الموساد الإسرائيلي – كما أشرنا – انخرط في عهد الجنرالين الانقلابيين، أوفقير والدليمي، في التنسيق مع أجهزة هذين المسؤولين الاستخباريين الدمويين لتنفيذ الاختطاف والاغتيال. إن إصدار هذا الكتاب اليوم، يرتبط زمنياً برمزية الذكرى، ويذكّرنا بأن القصة لم تُروَ بعد، وأن الحقيقة ما تزال تُطاردُها المصالح والسرّية. فاغتيال بن بركة لم يكن نهاية رجل، بل استهداف مشروعٍ حضاريٍّ : مشروع انعتاق المجتمع المغربي، تحرير إرادته، بناء مؤسساته، وضمان سيادته في ظل الديمقراطية وحقوق الإنسان، بعكس المشروع التسلطي أو التبعي أو صهيوني الطابع الذي يسعى إلى تشويه التطلعات والتطبيع والتبعية. وإذا كان القتلة قد ظنّوا بأنهم باغتياله أزالوا خطرًا، فإن صدور هذا الكتاب في الذكرى الستين هو برهان على أن ذاكرته حيّة، وأن مشروعه مستمر في النضال ضد الاحتلال السياسي والإعلامي والاقتصادي، وأنه لا يزال من الملزمين بهؤلاء الذين آمنوا بأن التحرر الحقيقي لا يولد من صفقات ولا من تنازلات، بل من إرادة الشعب، ومقاومة المشروع الاستعماري الجديد تحت أي شعارات يختفي بها.

*آخر الكلام* إن الذكرى الستين لاختطاف واغتيال المهدي بن بركة، المصحوبة بإصدار هذا الكتاب الجديد، هي رسالة أجيال إلى أجيال: أن بن بركة لم يكن فردًا يُطوى بأقلام القتلة، بل كان رؤية لمغربٍ حرٍّ، مستقلٍّ، ديمقراطيٍّ، يُعزّز سيادته ويُكافح التبعية والتطبيع. إن محاولات اغتياله لم تنجح في اغتيال المشروع، بل زادته حضورًا في الضمائر، ودعوةً إلى الاستمرار في النضال من أجل تحقيق مغرب بن بركة، لا مغرب التبعية والتطبيع.رحم الله المهدي بن بركة وكل رفاقه .. المهدي الشهيد الحيّ ومشروع الانعتاق المستمر.-

———————

*ملحوظة* : بيرغمان هو صحفي إسرائيلي، مسؤول قسم التحقيقات في ” يديعوت أحرونوت ” ومتخصص في الموساد والقضايا الإستخبارية . له عدة مؤلفات ودراسات عن مخططات الموساد واغتيالاته . ويجب التعامل معه وروايته، على كل حال، بما يلزم من الحذر .

_________________

× رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID