كتاب حرة بريسمصطفى المنوزي

سرديات رمضانية / وقائع ومواقع ـ الحلقة الخامسة

توقيع مصطفى المنوزي

لن نمل ولن ينتابنا العياء في النفس والإصرار ، وسنظل نردد سؤالنا الأنطولوجي : لماذا نهرب من تخليذ ذكرى انعتاقنا من الإستعمار ، ومن مطلب تطهير ذاكرتنا من تداعيات الإنتروبولوجية الإستعمارية وترسباتها ؟
نعتذر لأصحاب ” المفهومية” إن لم يستوعبوا قصدنا ، فاليوم سابع أبريل تحل ذكرى إستقلال المناطق التي كانت ترزح تحت نير الإستعمار الإسباني ، ما عدا طرفاية وسيدي إيفني والصحراء المغربية والتي تحررت لاحقا وعلى التوالي 58 و 69 و75 ثم 79 .
أليس من حقنا تقييم مقتضيات وتداعيات نسخ عقد الحماية الإسبانية ، وربط كل ذلك بتفاقم “المسألة الصحراوية ” والتي تحملت فيها الدولة كثيرا من المسؤولية بتدبيرها الإنفرادي، والذي بسببه تم تدويل الملف وفرض علينا باسم الإستفتاء الإبتزاز والإستنزاف ، ولعل المحللين والمؤرخين قد عاينوا مدى تأثير ذلك على مطلب البناء الديموقراطي وتعثره ، فلا زالت اللحظات الوطنية تهيمن في المشهد وأولوياته على اللحظة التنموية والديمقراطية ، إنطلاقا من مطلب دمقرطة الدولة الى دمقرطة الثروة والقوة العمومية عبر دمقرطة المعرفة والمجتمع ، ولعل الذاكرة الوطنية الجريحة لازالت تلقي بظلالها ، على المواقع والوقائع وتساهم في الإسترجاع السلبي للفظائع ، المقترفة دولتيا او شبه دولتيا ، فلا احد يمكنه ان يتنكر لتحالف القصر والإستعمار والجوار في قضية تصفية اطر جيش التحرير والمقاومة ومهندسي المشروع التقدمي ، وقمع إنتفاضات الريف والأطلس ، لتبقى صور الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان عالقة كالوشم في النفوس والعقول ، ترسم خريطة وطن تحول الى موقع للضمير ، وقد شاءت الأقدار ان يوصمنا ، بسبب سوء تدبير القضايا المصيرية من طرف مهندسي الدولة على عهد سنوات الرصاص ، المنتظم الدولي بالمحتلين ويدرج مطلبنا العادل من أجل التسوية ضمن جدول عمل لجنة تصفية الإستعمار ، وبذلك يراد لنا نتماهى ، قسريا ، مع التوسعيين كما تتماهى ، لدى الغزاة الحقيقيين ، حركة المقاومة والتحرر مع عصابات الإرهاب .
ولأن المناسبة شرط فلا يسعنا ان إلا نعزف جميعا نشيد الإنفراج بتصفية البيئة الحقوقية والأجواء السياسية ، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وإطلاق الحريات وتنفيذ الإلتزامات السياسية و الحقوقية ، وبتمكين كافة الأحزاب الوطنية ، ودون تمييز من حق التنظيم والتعبئة في الأقاليم الجنوبية على مستوى مطلب التنمية والديمقراطية ، بإعتبار وإستحضار ما تعرف فيه القضية الوطنية الأولى من تحولات وتغيرات جوهرية إيجابية وحركية متسارعة في تعاطي المنتظم الدولي مع هذا الملف وكذا المساهمة في بلورة الاستراتيجية التي إعتمدتها الدولة لتغير ميكنيزمات هذا النزاع من خلال الدور المحوري الذي اصبح يلعبه المغرب داخل الإتحاد الإفريقي من جهة، ومن جهة أخرى وجوب إشراك المنتخبين بصفتهم الممثلين الشرعيين للصحراويين في هذا الملف تجسيدا للواقع الملموس ، بعيدا عن فخ إقحام التقدميين في دوامة الرباط المقدس بعلة تشكيل إجماع وطني وتقوية الجبهة الداخلية في سبيل القضية . إن ما يهمنا في استكمال مطلب تقرير المصير وفق مقاربتنا كسلالة للمقاومين وأعضاء التحرير ، هو ضرورة العمل على بفتح قنوات التواصل مع كافة التعبيرات الصحراوية، داخل الأقاليم المسترجعة ، على إختلاف مقارباتهم وعشائرهم ، بمن فيها عائلات دعاة الإنفصال المترددين في العلاقة مع مقترح الحكم الذاتي ، وبدعم وتأهيل ، ودمقرطة آليات الإستقبال وبنيتها . فقد حان الوقت لتنشيط الدبلوماسية الحزبية ، في سياق ربط عمليات التحرر والإنتقال في العلاقة مع رفع قلاقل الجوار وتصفية فلول الإستعمار ، عوض تأجيج نار التجزئة و دق طبول الحرب ( الصلبة أو السائلة ) ، في ظل محيط جيوستراتيجي تهيمن فيه النزعة الشعبوية والأصوليات الهوياتية والطائفية ، محيط لا يسمح بالإستقرار ولا بتكريس ضمانات عدم تكرار ماضي الإنتهاكات الجسيمة وغيرها من جرائم الإبادة وضد الإنسانية . صحيح أن الكلفة ستكون باهظة ولكن وجب الترشيد وعدم التعسف في إستعمال الحقوق وفي فرض الواجبات .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube