مقالات الرأي

ما الذي يريدونه من المغرب؟

نوفل البعمري

ما الذي يريدونه من المغرب؟
هو السؤال الذي أصبح لزاما علينا طرحه مع كل التهجم و الهجوم الذي يتعرض إليه المغرب بشكل سري و علني من طرف عدة أطراف و دول يبدو أنها متوجسة و متخوفة من التقدم الذي يحققه المغرب إقليميا حتى بات بوابة أروبا و باقي العالم لأفريقيا بفضل اختياراته التي وضع أساسها محمد السادس دبلوماسياً، اقتصاديا والتي حولت المغرب لقوة حقيقية يُصرب لها ألف حساب في المنطقة خاصة و أن العالم يعيش تحولات كبيرة ستتجه نحو إفراز نظام عالمي جديد، نظام عالمي لما بعد كورونا الذي باتت تتضح بعض معالمه حيث سيتمركز تقاطبه الكبير بين الولايات المتحدة الأمريكية، و الصين و روسيا في ظل تراجع الدور الأوبي أمميا و إقليميا، هذا التراجع هو الذي دفع على سبيل المثال مركزا استراتيجيا ألمانيا إلى أن يوجه تقريراً للحكومة الألمانية قبل أشهر من أجل وقف تقدم المغرب و التنبيه لصعوده المتنامي نحو مصاف الدول المؤثرة اقتصاديا و دبلوماسيا في المنطقة و في عدة نزاعات و قد يكون الدور الكبير و الايجابي الذي لعبه المغرب في الأزمة الليبية واحدا من الملفات التي أظهرت قدرة المغرب على التأثير الدبلوماسي في واحد من أعقد الملفات بحيث نجح المغرب حيث فشلت ألمانيا نفسها و معها الأمم المتحدة التي باتت تدعم كل المبادرات المغربية لإنهاء الأزمة الليبية، هذا الصعود الذي اعتبرته عدة دول خاصة الأوروبية تهديدا لمصالحها الجيوستراتيجية في المنطقة خاصة منها تلك التي مازالت لم تتخلص بعد من نظرتها الاستعمارية لدول الجنوب.
إلى جانب هذا التقرير، هناك للأسف ما تقوم به الجزائر على مستوى نظامها من دفع المنطقة للمزيد من الأزمة و التصعيد و رفع مستويات التوتر لأقصاه، كل ذلك ليس لوقف “شر قادم من المغرب” و هو غير موجود كما أكد على ذلك العاهل المغربي، بل لأن هذا النظام الذي التقت مصالحه مع مصالح عدة لوبيات يرون في أي صعود للمغرب ، هزيمة لهم ولااختياراتهم السياسية و الاقتصادية ببلدانهم وفي المنطقة ككل، النظام الجزائري الذي فشل في أن يقوم بنهضة حقيقية داخل الجزائر و بدل أن يستغل الثروات الطبيعية التي تزخر بها من أجل تنمية هذا البلد و تحقيق نسبة رفاه اجتماعي عالٍ للشعب الجزائري الشقيق، عمد إلى استغلال هذه الثروات لسباق نحو التسلح، نحو تسخير دبلوماسيتها بكل الإمكانيات المادية التي وفرتها والتي وصلت لملايير الدولارات للتعبئة ضد المغرب و معاكسة مصالحه الحيوية و دفع الإعلام الجزائري الرسمي لمهاجمة المغرب و التخصص في التهجم على الرموز المغربية و المس بالمشاعر الوطنية للشعب المغربي…
مع كل هذه التقارير السابق ذكرها، و الهجوم الجزائري على المغرب، و بعض اللوبيات التي تتحرك داخل إسبانيا، و غيرها…. هي كلها محاولات هدفها واضح، عرقلة المغرب ومنعه من إحداث ثورته الهادئة داخليا و خارجيا، و جره لمواجهات سياسية لإلهاءه عن مهمته الأساسية في تحصين هذا التقدم الذي يعكس ثورة ملك و شعب بروح تتجدد مع كل لحظة، و كل محطة تاريخية تتطلب تعبئة وطنية شاملة، هذه الروح هي التي مكنت المغرب من ألا يقف مكتوف الأيدي ،بحيث ذهب نحو اختيار دبلوماسي جديد فيه تنويع لشراكاته مع مختلف الدول، مع أمريكا التي انتهت إلى حسم موقفها من القضايا الحيوية للمغرب فاعترفت بمغربية الصحراء وأعلنت عن دعم مبادرة الحكم الذاتي في موقف سياسي شجاع، كما استطاع المغرب أن يحدث اختراقا حقيقي في إسرائيل لصالح دفع كل أطراف الصراع القائم بينها و بين فلسطين إلى التفكير مستقبلا في الدخول في مفاوضات لتحقيق السلام بين الشعب الفلسطيني و الاسرائيلي على أرضية حل الدولتين على حدود 67،و عدم التفريط في حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية منها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية مع الحفاظ عليها كمزار لمختلف الديانات السماوية، كما استطاع أن يعيد رسم علاقته مع شركائه إذ لا مجال لشراكة اقتصادية دون الحفاظ على المصالح الحيوية للمغرب، كل ذلك دون أن يقطع حبل الرد الدبلوماسي مع روسيا التي أعلنت عن دعم المسلسل السياسي الأممي لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء.
المغرب استطاع بالمتغيرات الإيجابية التي عاشها داخليا أن يعكس هذا التحول على المستوى الخارجي، دبلوماسيا بفضل الرؤية التي وضعها و يضعها الملك، وهي الرؤية التي أصبحت تُظهر المغرب كقوة حقيقية واصبح معها قادرا على أن يقف ندا للند مع دول كانت للأمس القريب لا تنظر في المغرب ودول الجنوب عموما إلا كبلدان وجدت لنهب ثرواتها و استغلالها اقتصاديا، لهذا اغلب هذه الدول لم تتقبل من المغرب أن يتقدم، و أن ينجز مهمته في التحرر، و القيام بدوره الريادي في أفريقيا.
ما الذي يريدونه من المغرب؟! نعيد طرح السؤال مع الملاحظات التالية:
هم يتسلحون ويشترون السلاح، و يريدون من المغرب ألا يعد العدة لتحقيق التوازن المطلوب في المنطقة.
هم يريدون اتفاقيات اقتصادية على مقاسهم، دون احترام الوحدة الوطنية للمغرب، و دون أن يفرض عليهم المغرب احترام كامل سيادته على ترابه.هم يضعون دبلوماسيتهم رهن إشارة المليشيات، ويريدون من المغرب أن تظل دباوماسيته عاجزة، و في موقف الشلل.
هم قاموا بتفويت جزءا من ترابهم للمليشيات، و سمحوا بتحركهت بالسلاح الذي وفره لهم النظام العسكري الجزائري، و يريدون من الجيش المغربي أن يظل في ثكناته و في حالة ارتخاء.
هم تحالفوا مع إيران، و فتحوا الباب أمام حزب الله لتدريب المليشيات على حرب العصابات و حفر الخنادق، و يريدون من المغرب ألا ينفتح على دول أخرى قادرة معهم على ردعهم.
المغرب من حقه أن ينفتح على أي بلد مادام أن الأمر يخدم و يحقق مصالحه، حتى لو تعلق الأمر باسرائيل، و هو في انفتاحه كان واضحا في وضع هذه العلاقة في إطارها الدبلوماسي الصحيح، علاقة تجعل المغرب و ملكه من موقع أمير المؤمنين قادرين على أن يضمنا حماية المقدسات الفلسطينية من التهويد و الطمس الديني لها.
المغرب ليس هو من تسبب في هزيمة 48 و ليس هو تسبب في هزيمة 67، بالمقابل كان له دور حاسم في صنع انتصار أكتوبر 1973.
المغرب ليس هو من سمح بتهويد القدس، لكن مساهمته العينية و المادية المباشرة للمقدسيين ساهمت في الحفاظ على الطابع المقدسي لها.
المغرب ليس هو من قام بتقسيم ما تبقى من فلسطين بين سلطة موازية في غزة و سلطة شرعية في رام الله، لكن مواقفه شاهدة على دعم وحدة الصف الوطني الفلسطيني.
المغرب ليس هو من قوض فرص السلام، بل مواقفه و دعواته ثابتة في إحياء السلام بين الجانبين.
المغرب يريدون منه أن يظل متقوقعا بينما هم يريدون العربدة في المنطقة كما شاؤوا خدمة لمصالحهم،و مصلحتهم الأولى اليوم هي أن يروا المغرب ضعيفا، منخورا، معزولا…!!
هذا الطموح المريض بشيئ اسمه المغرب، لم ولن يتحقق لهم بفضل القيادة الملكية وتلاحم الشعب معها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube