مقالات الرأي

التسليح التنموي‮ ‬والديبلوماسي‮ ‬والديموقراطي،‮ ‬لتأمين التحول التاريخي‮ ‬في‮ ‬قضيتنا الوطنية

الاعلامي القدير عبد الحميد جماهري المغرب

تلوح دول العداء بالعودة إلى سياسة التأزيم،‮ ‬la politique du pire،‮ ‬أمام أزمتها مع مجلس الأمن‮. ‬وقد بدا هذا التلويح كخيار بديل،‮ ‬بعد أن فشلت الضغوط كلها على مجلس الأمن وقبله الأمين العام ثم الأمم المتحدة،‮ ‬في‮ ‬تغيير معطيات الواقع وحقيقته الدولية من الآن فصاعدا‮.‬لهذا بدا للانفصاليين ومدعميهم أن التلويح بالتصعيد،‮ ‬خيار‮ ‬يمكنه أن‮ ‬يبعث الروح في‮ ‬أطروحة تتلاشي‮ ‬أمام أنظارهم‮.‬الواقع‮ ‬،‮ ‬أن خيار السلاح خيار توقف في‮ ‬1991،‮ ‬مع وقف إطلاق النار وبناء قوات المينورسو‮. ‬وإذا كان الشعور بالهيبة،‮ ‬قد جاء‮ ‬،‮ ‬أولا من تآكل المبدأ السياسي‮ ‬الذي‮ ‬جاءت من أجله المينورسو‮ ‬،‮ ‬وهو تنظيم الاستفتاء،‮ ‬فذلك تحول لفائدة وقف إطلاق النار والبحث عن أفق جديد‮.‬وقد عرفت المينورسو في‮ ‬تاريخها محطتين أساسيتين،‮ ‬عموما‭:‬‮- ‬استحالة تنظيم الاستفتاء‮ ‬،‮ ‬الذي‮ ‬أقيمت من أجله،‮ ‬إلى جانب أهداف أخرى،‮ ‬وهي‮ ‬استحالة ليس للمغرب‮ ‬يد فيها،‮ ‬فهو قَبِل الاستفتاء،‮ ‬ولو على خطأ،‮ ‬بمنظار الحق والشرعية الوطنية،‮ ‬ودخل في‮ ‬المسلسل إلى أن تبين للأمم المتحدة أنه لم‮ ‬يعد صالحا ولا ممكنا‮.‬إذن،‮ ‬فقرار تعليق الاستفتاء والبحث عن بدائل أخرى،‮ ‬لم‮ ‬يكن من المغرب الذي‮ ‬لا‮ ‬يرى إلا بديلا واحدا هو السيادة الوطنية وكل شيء تحت رايتها،‮ ‬قابلٌ‮ ‬للنِّقاش‮.‬المحطة الثانية،‮ ‬والتي‮ ‬نعيشها حاليا،‮ ‬هي‮ ‬في‮ ‬الواقع،‮ ‬استمرار منطقي‮ ‬لاستحالة تنفيذ الاستفتاء‮. ‬وعليه،فالمينورسو،‮ ‬التي‮ ‬يتعامل معها المغرب كقرار أممي‮ ‬أكثر مما هي‮ ‬حاجة سياسية أو ميدانية لتأمين ترابه،‮ ‬اليوم لها واقع جديد،‮ ‬هو الحرص على تطبيق‮ ‬الاتفاق العسكري‮ ‬رقم‮ ‬1‮ ‬،‮ ‬القاضي‮ ‬بوقف اطلاق النار وإطلاع الرأي‮ ‬العام الدولي‮ ‬على تفاصيله،‮ ‬لتحديد القناعات لدى كل طرف‮. ‬والطرف الذي‮ ‬يلوح بالتصعيد،‮ ‬يريد أن‮ ‬يؤزم المينورسو والأمم المتحدة وخلق ظروف جديدة،‮ ‬كما‮ ‬يخال ذلك في‮ ‬منطقة الكركارات‮..‬‮ ‬والحيز‮ ‬ضيق وهامش المناورة أضيق‮…‬الواضح،‮ ‬أن التلويح بالتصعيد،‮ ‬هو تلويح إعلامي‮ ‬سياسي‮ ‬،‮ ‬وربما اقتصادي،‮ ‬لكنه لن‮ ‬يكون أبدا خيارا ممكنا،‮ ‬بالنظر إلى معطيات الواقع،‮ ‬وأولها أن المغرب حسم عسكريا المعركة لفائدته منذ الجدار الأمني،‮ ‬وما تلاه من تحركات في‮ ‬الداخل وعلى الصعيد العالمي‮..‬والتأكيد على‭ ‬أن المغرب في‮ ‬صحرائه والصحراء في‮ ‬مغربها،‮ ‬لا معنى له سوى ذلك‮.‬يبقى أن الجدار الأمني‮ ‬الذي‮ ‬حسم المعركة ميدانيا وعلى الأرض،‮ ‬يحتاج إلى جدران،‮ ‬اثنان منها‮ ‬أساسيان،‮ ‬هما نوعان من التسليح على‮ ‬غرار الرد في‮ ‬مواجهة التلويح بالتصعيد‭.‬‮ …‬‮ ‬وهذان الجداران هما‭:‬‮ ‬اضافة الى الجدار الديبلوماسي،‮ ‬وقد قيل فيه ما‮ ‬يكفي‮ ‬،‮ ‬وما زال تدبيره‮ ‬يخضع لتموجات السياسة الدولية والمعطيات الخاصة بالجيواسراتيجية الدولية،‮ ‬إلى حد ما،‮ ‬وإلى الوضع الخاص لأطراف النزاع الإقليمي،‮ ‬الجزائر وموريطانيا تحديدا بشكل من الأشكال‮. ‬هناك‮ ‬الجدار التنموي‮ ‬والجدار الديموقراطي‮..‬بالنسبة لما نسميه الجدار التنموي،فنحن نعالجه‮ ‬في‮ ‬مرحلة‮ ‬متعددة الأبعاد،‮ ‬لما تفرضه الوضعية الوبائية علينا،‮ ‬في‮ ‬كل ترابنا،‮ ‬مع ضرورة مواصلة عملية بحدين‭:‬‮ ‬‮-‬عملية تأهيل الوطن ومؤسساته لمواجهة الوضع الحالي،‮ ‬‮-‬ومواصلة المجهود الوطني،‮ ‬بالنسبة لأقاليمنا من أجل زرع بذور أكبر وأكثر في‮ ‬رمالنا‮ ‬لأجل تأمين تنموي‮ ‬للمسلسل السياسي‮ ‬والديبلوماسي‮ ‬وتحصين مكتسباتنا‮.‬ولا نغفل أن جزءً‮ ‬من التاكتيك الانفصالي،‮ ‬بعد فشله في‭ ‬بئر لحلو وفي‮ ‬تيفاريتي،‮ ‬والآن الكركارات،‮ ‬هو محاولة التسلل عبر انفصاليي‮ ‬الداخل‮. ‬وهو طرح‮ ‬يتقوى،‮ ‬ويجد مستشارين ومرشدين في‮ ‬الأوساط الإعلامية‭ ‬والمخابراتية،‮ ‬بل‮ ‬يجد‮ ‬يدا عاملة‮ -‬عميلة بالأحرى‮ – ‬له‮.‬وسيكون الخيار الأمتن لمواجهته بالنسبة للمغرب،‮ ‬إضافة إلى الحق،‮ ‬هو تقوية المناعة الوطنية بالمناعة الاجتماعية وتنمية الإنسان في‮ ‬محيطه والرفع من إيقاع الرخاء والرفاه،‮ ‬لكيلا‮ ‬يتم استغلال الثغرات الاجتماعية،‮ ‬لخلق واقع انفصالي‮ ‬مهما قل شأنه،‮ ‬وانحسرت دائرته‮.‬و أماالتسليح الديموقراطي،‮ ‬ثالثا،‮ ‬فنقصد به التفوق في‮ ‬الجهوية،‮ ‬لا سيما في‮ ‬الجانب التمثيلي،‮ ‬و جانب التنخيب،‮ ‬وتوازن الجهة مع المركز،‮ ‬وتقريب‮ ‬الدولة من المواطنين،‮ ‬عبر حلقاتها التمثيلية والتدبيرية‮.‬‮ ‬ونحن أمام امتحان لا‮ ‬يمكن التأخر أو التردد فيه‮.‬قد‮ ‬يحتمل الكثير من الجهات‮ ‬،‮ ‬نوعا من التردد في‮ ‬هذا القدر أو ذاك،‮ ‬لكن لنقلها صراحةً،‮ ‬وبالرغم من أن جهاتنا كلها سواسية،‮ ‬فإن أمامنا مهمة وطنية في‮ ‬إنجاح الجهوية في‮ ‬الأقاليم الجنوبية‮. ‬وقد رأينا‮ ‬ذلك بالعين الديموقراطية المجردة عن المائدتين المستديرتين في‮ ‬2018‮ ‬و2019،‮ ‬عندما كان الوفد المغربي‮ ‬يضم ممثليه الجهويين،‮ ‬وكيف كانت الصورة وحدها قادرة على حمل ألف معنى‮..‬هذا التسليح الديموقراطي،‮ ‬هو بحد ذاته تجاوز،‮ ‬وتحول كبير،‮ ‬لمرحلة كان المغرب فيها‮ ‬يقاتل وحده وهو ما زال‮ ‬يحمل آثار ندوب لاديموقراطية،‮ ‬بدون التفصيل في‮ ‬ذلك‮.‬نحن اليوم،‮ ‬نطور وحدتنا بديموقراطيتنا،‮ ‬وبنجاعة تنميتنا ونباهة ديبلوماسيتنا‮..‬‮ ‬أما قرار التسليح الذي‮ ‬دعت إليه الجزائر وبعض الأفواه‭ ‬الجنوب‭ ‬افريقية،‮ ‬فهو إما دعوة إلى استرزاق سياسي‮ ‬باسم السلاح أو هروب إلى الأمام،‮ ‬لأن الدولة التي‮ ‬ستعطي‮ ‬أراضيها لشن الحرب على المغرب في‮ ‬جنوبه أو شرقه‮ ‬من الجدار،‮ ‬يجب أن تضرب ألف كف في‮ ‬ألف لذلك‭.‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube