أخبار دوليةمستجدات

عمر الشرقاوي: إهانة المؤسسات للمؤسسات

عمر الشرقاوي أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالمحمدية، كتب رأيه على صفحته بالفاسيبوك يتحدث فيه عن إهانة المؤسسات للمؤسسات.

ليس هناك من كلمات معبرة عن الطريقة التي أعاد بها مجلس المستشارين مقترح قانون إلغاء معاشات أعضاءه لمجلس النواب سوى ب”إهانة المؤسسات الدستورية”.

فما معنى أن تعيد الغرفة الثانية مقترح توزيع 12 مليار سنتيم من أموال المعاشات لمجلس النواب بنفس الصيغة التي سبق له عن صوت عليها ضده؟ و ما معنى أن تصوت الغرفة الأولى على نفس القانون بنفس المواد تارة بالرفض وتارة أخرى بالقبول؟.

نحن إذن أمام صورة تسيء لمؤسسات البلاد على مقربة أسابيع من الاستحقاقات الانتخابية و تحول البرلمانيين إلى حرفيين يفصلون القوانين على مصالحهم حتى تحولت البرلمان من مؤسسة تشريعية إلى مقاولة لصناعة التشريع على المقاس.

و بالرغم من كثرة ما شهده المغاربة خلال الولايتين السابقتين من غرائب التشريع سيما سكيزوفرينيا تصويت حزب العدالة والتنمية على مشاريع لحكومة يقودها، وفنون أبدع فيها برلمانيونا أيما إبداع في تحقيق المنافع والامتيازات دون حتى أن تدون في قانون كما يفعل برلمانات العالم، لكن لم يسبق أن جرت الأمور بهاته البشاعة والاستخفاف بالمؤسسات التمثيلية التي أولاها الدستور الدفاع عن حقوق المواطنين و ليس الدفاع عن امتيازات البرلمانيين.

و الأكيد أن النخبة البرلمانية تدرك أن مثل هاته التصرفات تسيء إلى المشهد السياسي وتبعث على الهروب الجماعي من صناديق الإقتراع، و بدل أن تنادي تلك النخبة المغاربة بالمشاركة في الانتخابات لتقوية المؤسسات، جدير بها كممثلة عن الأمة ان تستجوب نفسها أولا كي لا تلقي بلائمة التبخيس والاستخفاف بدولة المؤسسات على غيرها، وعليها أن تتساءل هل أدت ما عليها من مهام ومسؤوليات بالوجه الذي لا تحرض سلوكاتها وقراراتها على العزوف الإنتخابي؟.

و ما يدعو للحيرة حقا هو أن مجلس النواب يرضى طواعية بالإهانة و يقبل بتغيير تصويته مكرها تحت ضغط الابتزاز أو المجاملات دون حدوث أي تغيير يستوجب ذلك، حتى ليبدو المشهد أن المجلس يستحب الانغماس في الإهانة العلنية التي يريدها له مجلس المستشارين في الربع ساعة الأخيرة من نهاية الولاية، والمحير حقا أن تكون الغرفة الأولى موضعاً لمثل هذا الموقف المهين والمسيء دستوريا و سياسيا، رغم المكانة السامية والصلاحيات الواسعة والكلمة النهائية التي أصبح مجلس النواب يتمتع بها دستوريا مع دستور 2011.

و الأكثر من ذلك أن فرقا برلمانية ستضطر لتغيير مواقفها والانقلاب 180 درجة، ليس لأن مقترح القانون يهم الملايين من المغاربة و يفرض تعديل المواقف، و ليس لأن المقترح سيساعد على بناء النموذج التنموي أو من شانه أن يوسع قاعدة الحماية الإجتماعية أو سيطور من منظومة التعليم أو التشغيل، بل لأنه يهم حفنة من البرلمانيين يتشوقون لالتهام المال العام و استغلاله في الانتخابات وهذا هو أخطر ما في الأمر.

في الحقيقة كل ما أصبحنا نتطلع إليه مع هذين المجلسين هو فقط نهاية هاته الولاية التشريعية في أقرب الأوقات، قبل أن تزداد الأمور سوء بسبب جشع المنتخبين الذي قد يدفعهم إلى ارتكاب المزيد من الحماقات التشريعية التي لن تقود سوى إلى رفع من منسوب العزوف الانتخابي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube