حيمري البشير

هل فعلا إسرائيل سرطان زرع في الوطن العربي؟وما أسباب الكراهية التي ولدت في الوطن العربي اتجاههم

فضلت أن أطلق على دولة الإحتلال سرطان وهو المرض الخبيث الذي يصيب الإنسان،لكن في الحقيقة إذا راجعنا تاريخنا منذ قيام الدولة الإسلامية فاليهود عاشوا جنبا إلى جنب مع المسلمين في المدينة وفي كل بلاد المسلمين،ولما حاول المسيحيون في الأندلس إرغامهم على اعتناق المسيحية ،فضلوا الهجرة إلى الجنوب من الأندلس إلى المغرب ،فاستوطنوا في عدة مدن مغربية وانتشروا شمالا وجنوبا وعاشوا جنبا إلى جنب في سلام ووئام ،كان المسلم يأكل طعام اليهودي واليهودي يأكل طعام المسلم ولم يكن  شيئ محرم بينهما،عاش اليهود في المغرب لقرون عديدة وأدوا الجزية وهم صاغرون في  الوقت الذي أخرج المسلمون حق المال ألا وهو الزكاة.كان الحاكم المسلم حريص على الحفاظ على حقوق غير المسلم،وعرف اليهود عبر التاريخ بذكائهم لكن عرفوا كذلك بأنهم قوم ينتابهم الخوف والهلع من أبسط الأشياء،كنا ونحن صغار ،عندما نريد المزاح مع التجار اليهود وهم عرفوا بذلك،ونريد من حين لآخر الخروج عن الجدية في التعامل معهم والمزاح لنجرب ذكاءهم وفي نفس الوقت شجاعتهم وهلعهم من أبسط الأشياء ،وكان من الأشياء التي لا يريدون مسها والتقرب منها ليست الثعابين السامة ولا الفئران ولا  الجردان ،لكنه الحلزون،كنا ونحن صغار نأتي بالحلزون وندخل المحلات التجارية التي كان يملكها اليهود في المدينة التي كنا نسكنها فنضع الحلزون عند مدخل الدكان ونتركه قليلا حتى يحس بالأمان وعندما يبدأ في السير ،نصيح ماهذا ياشلومو ،وهو يهودي عاش في المدينة التي أنحدر منها ومات ودفن في المقبرة اليهودية ،كانت لدينا ذكريات معه ومع العديد من اليهود في المدينة الذين عرفوا بتعاطيهم للتجارة وبامتلاك المال .لا بد من الإشارة أن يهود المغرب ،تقلدوا مناصب عليا في الدولة المغربية فكانوا سفراء معتمدين في بلدان أجنبية ،وتحملوا مسؤوليات في الدولة (مستشار الملك الحالي أوندري أزولاي وأساتذة جامعيين إدمون عمران المليح ،كان أستاذا في الجامعة ورفض الهجرة إلى فلسطين وبقي هنا ومات ودفن في الدار البيضاء،لا ينسى الشعب المغرب مواقف المناضل أبرهام السرفاتي الذي رفض التنازل عن مبادئه ونضاله من أجل الكرامة والعدالة لكل الشعب المغربي ،بقي متشبثا بمغربيته ورفض التهجير قائلا أأنا مغربي  من أصول يهودية،وبقي متشبثا بمغتربينها ومات ودفن بمقبرة اليهود في الدار البيضاء

ومن الخصال القبيحة التي تربوا عليها عدم الثقة بالمسلم ولو كان جار له لسنين ويقتسم معه الأكل ،إلا أنه كان دائما حذرا منه لا يثق فيه،عاش المسلم بجانب اليهودي لسنين طويلةمن دون مشاكل ينطبق عليه ما ينطبق على المسلم من حقوق وواجبات وعشنا في سلام ووئام حتى سنة ألف وتسع مائةوخمسين وأواخر الستينات ،حيث بدأوا يفكرون في قيام وطن لليهود واختاروا الهجرة لأرض فلسطين وهم مهووسون ببناء الهيكل .عاش المسلم إلى جانب اليهودي في سلام ووئام من دون مشاكل ،حتى السنين الأخيرة ،حيث بدأ جيل يفكر في تأسيس الدولة اليهودية على حساب وطن إسمه فلسطين .الإستعمار البريطاني هو الذي حقق حلم اليهود بزرع دولة إسرائيل في وطن إسمه فلسطين ،وبريطانيا تتحمل المسؤولية فيما يعيشه الشعب الفلسطيني اليوم من تهجير من سنة ألف وتسع مائةوسبع وستين حيث بدأت موجة  هجرة اليهود من مختلف بقاع العالم ومن المغرب كذلك حيث كانوا يعيشون في سلام ومنحهم الملوك الذين حكموا المغرب كامل حقوقهم فكانوا  سفراء لدى السلطاني بلاد أجنبية وخدموا السلطان والملكية بتفان وإخلاص ،وتمتعوا بما تمتع به المغاربة عبر عصور ،فتقاسموا مع المسلمين الأكل والأفراح وكانت لهم قبورهم،حيث مازالت قائمة إلى يومنا هذا يزورها من غادروا إلى أرض فلسطين  من حين لآخر ،وقد بقوا محافظين على حقوقهم والعديد منهم يحمل جوازات سفر مغربية،والعديد منهم رفض الهجرة إلى أرض فلسطين وبقي في المغرب فكانوا مستشارين للملك وسفراء معتمدون للمملكة في الخارج ورجال أعمال ناجحون،وبقي ارتباطهم بالمملكة إلى يومنا هذا ،وحافظوا على لغة التواصل التي اكتسبها أجدادهم ونقلوها لأبنائهم بل العديد من اليهود الذين كانوا يمارسون مهنة التجارة وصناعة الحلي يتكلمون الأمازيغية بطلاقة،كانت والدتي رحمها الله تروي لي جزئ من التاريخ الذي عاشه اليهود في مدينة جرادة ،بحيث كانت علاقتهم بجيرانهم اليهود علاقة يطبعها الود والإحترام ،يتقاسمون الأفراح والأكل وحتى الأحزان،بخلاف ما يعيشه الفلسطينيون اليوم وما يمارس عليهم يهودأروبا الشرقية من انتهاكات جسيمة ولدت الكراهية لكل ما يرتبط بدولة إسرائيل ،

لا بد من الإشارة إلى أن علاقة اليهود المغاربة الذين غادروا المغرب إلى الخارج يزورون المغرب باستمرار ويحملون جوازات سفر مختلفة  ومنها المغربيةويفتخرون دائما بوطنيّتهم وانتمائهم للمغرب

لابد من الإشارة في الأخير  أن اليهود كانوا يفتخرون بانتمائهم و بارتباطهم  بالمغرب . قبل قيام دولة إسرائيل في عام 1948، كان هناك ما يقرب من 250.000 إلى 350.000 يهودي في البلاد، مما جعل المغرب صاحب أكبر جالية يهودية في العالم الإسلامي، ولكن بحلول عام 2017 لم يبق منهم سوى 2000 أو نحو ذلك.

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID