تعب كلها الحياة

سمعنا هذه الجملة من أساتذتنا الأفاضل في كل مراحل التعليم،وكنا باستمرار نطرح تساؤلات عن طبيعة هذه الجملة المفيدة المعبرة ،المحزنة في نفس الوقت ،لأنها بصراحة تعبر عن نفس مهزوزة ،تتألم بهدوء ،لكن الحياة التي عشناها ومع ازدياد في العمر بدأنا فعلا نحس بنفس إحساس أساتذتنا ومربينا وأضف إليهم والدينا ومن تعبوا لسنوات من أجلنا.أستسمح لأعبر بدوري بطريقة أخرى ،لقد بلغت من العمر عتيا ،وأصبحت بدون تركيز ولا قدرة على المقاومة ورفع التحدي لمواجهة كل مصاعب الحياة في هذا العصر .نبذل مجهودا ،نقاوم ليس بالمفهوم لدى الشعب الفلسطيني بل بمفهوم فقراء المغرب والعالم بصفة عامة لأننا نتقاسم ،جميعنا متاعب الحياة ومشاكلها المتعددة ،ونتوق جميعنا لمقاومتها وتجاوز تحديات العصر .لقد بلغت من العمر عتيا وامتلأ الرأس شيبا وكثرت الهموم ومتاعب الحياة ولم أعد أقوى على مواكبة الإكراهات الكبيرة التي أعاني منها ويعاني منها كل من بقي حيا يرزق في كل مكان وبالخصوص في بؤر التوتر والحروب فلسطين وشعبها معاناته أقوى وأشد ،لكننا معانتنا في الغرب أقوى وأشد لأننا أصبحنا معا هدفا للقوى الإمبريالية التي تقف ضد العدالة والإنصاف وحرية التعبير ،والتحرر .هم أقصد الشعب الذي يعاني من الإحتلال والحرمان مثلنا نحن كذلك الذي نعاني من أبشع أنواع التضييق والإستلاب الفكري ،والحرمان من الدفاع عن النفس عن الحرية عن الهوية المتجلية في العقيدة والدين ،أصبحنا فعلا جسدا منهكا لا يقوى على التفكير والإبتكار ،فاقد الشجاعة والروح القتالية حتى في التعبير ،أصبحنا لقمة صائغة في أفواه الكثير من المتربصين بنا .وأتساءل هل نحن في مستوى تطلعات شعوبنا ؟هل نحن قادرون على رفع التحدي والخروج إلى المواجهة؟هل نحن فعلا نجسد قوة ناعمة في الطريق لتفرض قوتها وفكرها وقيمها ؟أنا في بعض الأحيان أومن بذلك وأحيانا أخرى أفقد الأمل في مواجهة متاعب الحياة ومشاكلها ،ومادمنا مصرون على رفع سقف التحدي لمواجهة مشاكل الحياة ومتاعبها ،فإننا قادرون بحول الله وقدرته ،أن نتجاوز كل الحواجز مادمنا متشبثين بقيم الإسلام عن قناعة وإيمان راسخ .وهويتنا هي عنوان التحدي الذي نحمله ،ويبقى دائما القدر فوق الجميع ،فمع مرور الوقت تظهر إكراهات ومتاعب صحية وعيوب الشيخوخة كبيرة وإن كان البعض يعتقد أن الشيخوخة تبدأ من سن السبعين فما فوق ،لكن الشيخوخة ترتبط بأمراض العصر التي تصيب المرء وبالخصوص السكري وارتفاع الضغط ولا أحد يسلم منهما معا في العصر الحاضر خصوصا في الغرب .إن الضغوط التي نعاني منها في الحياة اليومية كبيرة وهي التي تولد المزيد من المشاكل اليومية وينضاف إليها تحمل مسؤولية التربية وتوفير لقمة العيش كلها تولد في جسد الإنسان المنهك مزيدا من الأمراض التي تبدو ظاهرة على وجه الجميع وبدون استثناء إلا من رحم ربك .شخصيا أصبحت لا أقوى على مواجهة كل متاعب الحياة ومشاكلها ولو أني مسلم متشبع بالحياة وبالقدر خيره وشره ماكنت متفائلا ،لكن في الغالب متشائما لأني لا أقوى على تحمل متابع الحياة ،أتوقف هنا وأسأل الله حسن الخاتمة ،لا لشيئ سوى أني أحس بأني منهك لاأستطيع التعبير عما بداخلي لأني أخشى العتاب منأقرب الناس حتى من أطفالي الذين تعبت لسنوات من أجلهم .يبدو على وجهي الحزن والألم وأحاول باستمرار أخفي ملامح وجهي حتى يعتقد الآخر أني فعلا إنسان متفائل وغير متشائم وأني دائما أتطلع للتغيير في كل شيئ.
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك