حيمري البشير

من يتحمل مسؤولية عدم اندماج المسلمين في أروبا؟

الخوض في الموضوع يتطلب الحديث بصراحة والإنطلاق من واقع البلد الذي نعيش فيه وينطبق نفس ماسنقوله على دول الجوار.مسؤولية فشل عدم اندماج الجيل الأول من المهاجرين متعددة ، ترجع بالأساس لأسباب الهجرة المتعددة وتختلف من بلد إلى آخر ،على سبيل المثال لا الحصر أسباب هجرة المغاربيين ،والأتراك تختلف عن أسباب هجرة المشارقة وأقصد بالدرجة الأولى الجالية الفلسطينية واللبنانية والعراقية والسورية في السنوات الأخيرة بسبب اضطهاد الأنظمةويمكن إضافة إلى هذه المجموعة الإيرانيون ،هجرة المغاربيين كانت بالخصوص إلى فرنسا التي عرفت خصوصا في اليد العاملة المنحدرة من المغرب والجزائر وتونس لإعادة بناء مادمرته الحرب العالمية الثانية وقد اختارت فرنسا جلب اليد العاملة وتسهيل إقامتها من مستعمراتها السابقة ،دول المغرب العربي ،وغالبية المهاجرين المغاربيين كانوا من الجيل الذي ثقافته محدودة أومنعدمة ،هذا الجيل من المهاجرين تكلف بإعادة بناء مادمرته الحرب ،لم يهتم بالسياسة ولا بأي نشاط ثقافي ،كان همه الوحيد جمع المال ،وبناء المستقبل في البلدان التي جاء منها وقد بدأت هجرة المغاربيين إلى الدنمارك والدول الإسكندنافية أواخر الستينات ،وقد تميزت بصعوبة الإندماج في المجتمع الدنماركي بسبب عائق اللغة والإختلاف الثقافي والديني .لكن أن ينتقل صعوبة الإندماج بعد استقرار هذا الجيل أواخر الستينات وسياسة الهجرة آنذاك التي لم تكن متشددة ولم تكن معادية لليد العاملة المهاجرة من الدول الإسلامية بصفة عامة تركيا باكستان ودول شمال إفريقيا ،إن ظاهرة عدم الإندماج للجيل الأول ترجع لغياب الثقافة التي كان يحملها هذا الجيل ،والذي لم يفكر مطلقا بالعيش الدائم في البلدان التي هاجر إليها من أجل لقمة العيش والعودة إلى البلدان التي هاجر منها ،لكن مع مرور الوقت الكثير اكتسب القليل من لغة التواصل وانخرط في الحياة الإجتماعية والكثير منهم تزوج بدنماركيات وخلف جيل يختلف مزدوج الثقافة،،ولعل موجة الهجرة في السبعينات مختلفة عن هجرة الجيل الأول ،والقاسم المشترك بينهما هو صعوبة الإندماج في المجتمعات الإسكندنافية.إن غياب الثقافة السياسية وازدياد رفض المجتمعات الإسكندنافية للمهاجرين الوافدين من الدول الإسلامية بالخصوص لتشبث المهاجرين بثقافتهم وعندما نقول الثقافة يجب ربطها بالإسلام الذي تمسكوا به وهذا جوهر مشكل عدم الإندماج فالإختلاف الديني وغياب الثقافة السياسية خلقت مايسمى بظاهرة الإسلاموفوبيا في السنين الأخيرة والعزلة التي عانى منها المهاجرون في السنين الأخيرة وارتفاع مايسمى بالكراهية للإسلام والمسلمين في المجتمعات الغربية بصفة عامة يتحمل فيها المسؤولية بلدان الإقامة والمهاجرون كذلك وبالتالي فإذا كانت عوامل عدم اندماج الجيل الأول ترجع لمحدودية الثقافة التي يحملها هذا الجيل فإن عدم اندماج الجيل المزداد في الدول الأروبية بصفة عامة والدول الإسكندنافية بالخصوص ترجع لظاهرة الكراهية والإسلاموفوبيا ،وهي من العوامل التي جعلت الإندماج صعبة بل وتبدو مستحيلة ،ويتحمل المسؤولية هنا الطرفان دول الإستقبال والمهاجرون معا.إن ازدياد الكراهية في المجتمعات الإسكندنافية بصفة عامةسببه الإختلاف الديني وازدياد ظاهرة التطرف الإسلامي يعود بالأساس للكراهية التي ازدادت حدتها في غياب سياسة الإندماج وقبول التعدد الثقافي .إن ازدياد الكراهية يقابله انتشار ظاهرة التطرف والغلو ،وهو في حد ذاته عامل يعقد مسألة الإندماج في المجتمع ،إن غياب الإنخراط في العمل السياسي ،والحوار الذي غيبته معظم الأحزاب التي تعاقبت على تدبير سياسة البلاد ،لم تخدم مطلقا ،الحوار الحضاري لتجاوز الإختلاف الثقافي والديني ،وإذا كان الجيل الأول الذي ثقافته منعدمة ومحدودة ،كانت سببا في عدم اندماجه فإن استمرار الكراهية والإسلاموفوبيا حتى اتجاه الأجيال المزدادة هنا في الدنمارك أوغيرها من البلدان الإسكندنافية.إن غياب الإرادة السياسية في الحوار من أجل الإندماج الحقيقي ،يتم عن طريق قناعة جميع الأطراف بما يسمى بقبول الآخر والذي يعني قبول التعدد الثقافي والإنخراط في بناء المجتمع على أسس سليمة .وهذا لن يتأتى ولن يسود في المجتمعات الغربية والدنمارك واحد من هذه الدول إلا نبذ العنصرية والكراهية وتربية الأجيال من أصول إسلامية على الإخلاص للوطن الذي ازدادت فيه والذي يضمن لك كل الظروف الحسنة لكي تعيش وتبني مستقبلك كباقي المواطنين .يجب أن يتحمل الجميع المسؤولية دول الإقامة والمهاجرون من أصول عربية أوإسلامية بصفة عامة أتراك باكستانيون أفغان صوماليون وجاليات أخرى.إن أزمة الإندماج في المجتمع الدنماركي موجودة لكن المحزن هو أن تعاني الأجيال المزدادة بالدنمارك بعدم الإندماج الناتجة لسياسات الحكومات المتعاقبة على تدبير شؤون البلاد ،وإذا كان خطاب الكراهية والعنصرية والإسلاموفوبيا من العوامل التي تعرقل عملية الإندماج في المجتمع وهذا تتحمله الأحزاب السياسية بخطابها العنصري فيجب كذلك على الطرف الآخر أن يقتنع بضرورة الإنخراط في العمل السياسي الذي هو السبيل والطريق لإقناع المجتمع بطبيعة الإختلاف وإقناعهم كذلك بأن الإسلام دين حث على التعايش والتسامح عبر التاريخ.إن رفض الإسلاموفوبيا من طرف المهاجرين يقابله قبول التعدد الثقافي من الطرف الآخر وعندما تقتنع الأحزاب السياسية بتجاوز الخلافات الموجودة فسوف نساهم جميعا في مجتمع متجانس يشتغل معا على بناء مجتمع متين مبني على أسس متينة يغيب فيها العنف والكراهية وينتشر فيها السلم والحب والرغبة في الحياة .يبقى في الأخير أن أشير لنقطة مهمة يجب الإشارة إليها وهي دور الإعلام الموجه للجاليات المسلمة في لعب دورا لإقناع الجاليات المسلمة بأهمية الإندماج في المجتمع وهي الوسيلة والورقة الأخيرة التي يمكن من خلالها إقناع أكبر عدد من الدنماركيين من أصول عربية أودنماركيين المزدادين هنا للإنخراط في الأحزاب السياسية وهو الباب الذي من خلاله نعبر عن اندماجنا في المجتمع الدنماركي والدفاع عن حقوقنا التي يضمنها لنا الدستور الدنماركي.هذه رسالتي الأخيرة للجميع ويجب أن يالتقطها الجميع بإيجابية.

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID