سياسةمستجدات

قراءة.. فرصة تاريخية لحل نزاع الصحراء: دي ميستورا يشيد بالزخم والمغرب يتقدّم دبلوماسيًا بثقة

زخم دولي غير مسبوق وموقف أمريكي داعم يُعيد الملف إلى الواجهة العالمية

عثمان بنطالب

في إحاطة وُصفت بأنها الأكثر دقة منذ تعيينه، أعلن المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا أمام مجلس الأمن الدولي أن الأشهر الثلاثة المقبلة تمثل “فرصة استراتيجية غير مسبوقة” لإنهاء نزاع الصحراء المغربية بشكل نهائي.

تعتبر رسالة واضحة تعكس تبلور توافق دولي غير معلن، وتُظهر في الوقت ذاته أن الملف بات على أبواب تحول تاريخي.. شرط أن تُلتقط اللحظة قبل ضياعها.

في لحظة نادرة في تاريخ هذا الملف الإقليمي المفتعل المعقّد، قال دي ميستورا، بلغة غير مسبوقة داخل أروقة المجلس، إن المرحلة المقبلة توفر شروطاً موضوعية وسياسية لم تتحقق منذ عقود. ورغم أنه لم يكشف التفاصيل، فإن مصادر دبلوماسية أممية تتحدث عن “استعداد أمريكي فعلي” للضغط في اتجاه حل نهائي يُنهي الجمود، ويُخرج النزاع من دائرة التوظيف الإيديولوجي والسياسي.

المغرب في موقع قوة دبلوماسية

المملكة المغربية تدخل هذه المرحلة الحاسمة من موقع قوة دبلوماسية متقدمة. فقد استطاعت الرباط، خلال السنوات الأخيرة، أن تُراكم اعترافات دولية وازنة بسيادتها على أقاليمها الجنوبية، من واشنطن إلى مدريد، ومن باريس إلى لاهاي..، بينما يتسع نطاق التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الواقعي الوحيد الممكن.

أكثر من 85 دولة لم تعد تعتبر الصحراء “منطقة متنازع عليها”، بل جزءاً لا يتجزأ من التراب المغربي، ويجب تسوية وضعها في إطار السيادة المغربية. هذا التحول تعكسه أيضاً قرارات مجلس الأمن التي باتت تُقصي بشكل صريح ونهائي خيار “الاستفتاء”، وتكرّس مبادرة المغرب كأرضية جدية وذات مصداقية.

أمريكا.. مفتاح الحل لنهاية نزاع عمره نصف قرن

المثير في تقدير دي ميستورا لا يكمن في فحواه فقط، بل في ما يُقرأ بين سطوره: رغبة أمريكية أكيدة في طي هذا الملف الشائك خلال الظرف الجيوسياسي الراهن، لتكريس الاستقرار في شمال أفريقيا وجنوبها، ودعم الشريك المغربي في قضايا حيوية مثل الطاقة، والهجرة، والأمن الإقليمي.

الولايات المتحدة، التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء منذ ديسمبر 2020، لم تتراجع عن موقفها، بل عززته عبر شراكات عسكرية واستراتيجية، وتصريحات مسؤولي الخارجية الأمريكية لا تزال تُؤكد أن الحل يجب أن يكون “سياسياً دائماً ومبنيًا على مبادرة الحكم الذاتي”.

وجدير بالذكر، الرباط تتحدث اليوم بلغة هادئة وواثقة، وتدعو الأطراف الأخرى للواقعية والتعقل، بينما تواصل الجزائر وجبهة البوليساريو اعتماد خطاب متخشب لا يجد صداه في دوائر القرار العالمي.

وفي ختام مداخلته، لوّح المبعوث الأممي دي ميستورا إلى أنه في حال عدم استثمار هذه الفرصة الفريدة، فقد تضطر الأمم المتحدة إلى “إعادة تقييم شكل تدخلها في الملف”… وهي لهجة غير معهودة قد تعني أننا نقترب من نهاية مرحلة طويلة، وبداية أخرى قد تحمل معها تسوية تاريخية غير مسبوقة.

السؤال العريض: هل سنشهد أخيرًا نهاية نزاع عمره نصف قرن؟ فإن الأشهر الثلاثة القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID