هل نجح المسلمون في الدول الإسكندنافية بالدفاع عن الإسلام ،ومواجهة الكراهية؟

لتوضيح واقع الإسلام والمسلمين أكثر في الدول الإسكندنافية لابد من إعطاء صورة عن التواجد الإسلامي في البلدان الإسكندنافية والذي يرجع للستينات ،فأسباب الهجرة من الجنوب إلى الشمال كانت بسبب البحث عن أفق أفضل ،من خلال فرص عمل وحاجة الدول الأروربية إلى يد عاملة لإعادة بناء مادمرته الحرب العالمية الثانية و اقتصر ت الهجرة في بادئ الأمر على جنسيات معينة أتراك ،باكستانيين ومواطني شمال إفريقيا مغاربة وجزائريين وتونسيين ،لكن بسب الحروب والإنقلابات وغياب الديمقراطية وحقوق الإنسان ، في العديد من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية وتزايد القمع وغياب الديمقراطية ،توافدت جنسيات أخرى واستقرت في الدول الإسكندنافية .هذه الهجرة من الجنوب إلى الشمال ومن جهات متعددة في آسيا ، حملت ثقافات مختلفة ،أغنت المجتمعات الإسكندنافية التي كانت في حاجة ماسة ليد عاملة ،لكن في نفس الوقت أصبحت ظاهرة التعدد الثقافي التي برزت بوضوح في المجتمعات الإسكندنافية تشكل مع مرور الوقت مايسمى برفض هذه الحمولة الثقافية الدخيلة ،وعندما نقول الثقافة ،نركز بالخصوص على تمسك المهاجرين المسلمين من أصول متعددة باكستانيين أفغانيين وإيرانيين وعرب من شمال إفريقيا ثم عراقيين وفلسطينيين ،وباقي الجنسيات الأخرى الذين تم قبولهم كلاجئين أوكمهاجرين باحثين على الإستقرار في المجتمعات الغربية بصفة عامة .هل نجح المسلمون الوافدون على الدول الإسكندنافية في الإستقرار والإندماج في المجتمعات الإسكندنافية ؟وهل استطاعوا التمسك بدينهم من خلال ممارسة طقوسهم الدينية في ظروف تليق بهم . إن تمسك الجاليات المسلمة بدينها دفعهم بالتضامن فيما بينهم لشراء دور العبادة من أجل ممارسة شؤونهم الدينية بكل حرية .وبناء مساجد تليق بهم .وظهور مساجد بمنارات عالية ،ولد مع مرور الوقت كراهية لهذا الدين أشعلته تيارات وأحزاب عنصرية بدأت تنظر نظرة سلبية للمسلمين وارتفعت أصوات من داخل بعض الأحزاب العنصرية التي أصبحت ترفض تواجد المسلمين بالمجتمعات الإسكندنافية ،وازدادت الإعتداءات العنصرية التي غذتها مواقف الأحزاب العنصرية ،وظهرت في السنين الأخيرة تياراتعنصرية يقودها أشخاص وبعض الأحزاب التي لا تخفي عداءها للإسلام والمسلمين في الدنمارك والسويد والتي كانت تدعو لتغيير قانون الهجرة ووقف سياسة اللجوء .بحيث أن الحروب التي عرفتها دول في الشرق الأوسط حروب وغياب للديمقراطية، دفعت موجات متعددة من المهاجرين للبحث عن دول تقبل بمهاجرين بحثا عن الإستقرار وعن أفق أفضل .إن ظهور تيارات وأحزاب سياسية في الدول الإسكندنافية كان بسبب التزايد الكثيف للاجئين من الدول الإسلامية،والذي ولد كراهية للإسلام وللمسلمين .ولعل واقع المسلمين اليوم في المجتمعات الإسكندنافية يبين بوضوح ازدياد العداء والكراهية للمسلمين والمطالبة بتشديد قوانين الهجرة واللجوء ،ومما زاد من حدة الصراع في المجتمعات الإسكندنافية قيام متطرفين بحرق القرآن وحرق مساجد وازدادت الإعتداءات على النساء المحتجبات في الشارع العام وازدادت نظرة العداء للإسلام والمسلمين.من خلال مواقف بعض الأشخاص ،على سبيل المثال لا الحصر الرسوم المسيئة للرسول والتي أشعلت مظاهرات عارمة في العالم الإسلامي واتخذت العديد من الدول الإسلامية والتي لها وزن في الساحة بمقاطعة المنتجات الدنماركية وفرض حصار على الدنمارك كان له تأثير كبير ،وحتى لا يتجدد الصراع بين الدنمارك والعالم الإسلامي صوت السياسيون في البرلمان الدنماركيين بمنع حرق القرآن الكريم.وحتى لا تكرر الأحداث والمواقف التي تسيئ للرسول (ص) وللإسلام كدين ،علينا كمسلمين الإنخراط في الأحزاب السياسية والدفاع عن صورة الإسلام من داخل المؤسسات الرسمية كالمجالس البلدية والبرلمان ،وإبراز الوجه الحقيقي لهذا الدين .إن تصويت البرلمان الدنماركي على منع حرق القرآن لم يأتي من عبث وإنما جاء بعد صحوة داخل المسلمين في الدنمارك ونجاحهم في تدبير هذا الصراع الديني من خلال حوار حضاري بناء وتقديم الإسلام كدين له قيم مشتركة مع أتباع الديانات السماوية الأخرى وتبني ثقافة الحوار يخفف من حدة الصراع وحدة العداء للإسلام .ولابد من الإشارة كذلك أن سلاح المقاطعة الإقتصادية والذي مارسته الدول الإسلامية في الشرق الأوسط كان له تأثير كذلك في تغيير مواقف الدول اتجاه الإسلام وأتباعه في المجتمعات الغربية بصفة عامة.إن حماية الدين الإسلامي وإقناع شعوب الدول الإسكندنافية به يفرض التمسك بالحوار كأداة لتغيير الصورة النمطية التي تحملها الشعوب عن الإسلام كدين ،وعندما تحصل قناعة لدى السياسيين ويخشون من تأثير المقاطعة الإقتصادية يضطرون لمنع أي استفزاز وإعتداء على المساجد ولكن في اعتقادي هذا غير كافي بل يجب تبني فكرة الحوار الحضاري وأسلوب الإقناع لإنهاء الصراع في المجتمعات الغربية،والقضاء على التطرف والإرهاب الذي يظهر ويختفي بفعل القوانين الرادعة التي يصادق عليها النخب السياسية في المؤسسات المنتخبة.
حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك