
بقلم: عمر بنشقرون
بعد أكثر من سنة كاملة، أي بعد وفاة والدي رحمه الله، يتجدد لقائي بهواية القراءة والتحليل والكتابة في السياسة والمال والأعمال. لا أنكر أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض يعطيني أملا في استشراف مستقبل واعد سياسيا واقتصاديا لمغربنا الحبيب. ويبقى أملي كمواطن مغربي دعم سياستنا الدولية لاستراتيجياته والتعاون مع إدارته قصد إكمال مسلسل اعترافه باقاليمنا الجنوبية و تأثير استقطابه لدول أخرى من أجل طي الملف نهائيا و للأبد.فانطلاقا من ما لاحظناه وعايناه في ولايته السابقة، أعتقد أنه يتعين علينا أولا قراءة شخصية الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ورؤيته الصناعية والتجارية الدولية المنطوية على ايديولوجية مبدأ الولايات المتحدة الأميركية أولا ومبدأ الرجل الأعمال الناجح.لقد أوضح خلال حفل تنصيبه في الكابيتول للرأي العام الدولي أهدافه و أن ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة دستوريا ستكون فترة مجد لدولته. فبتكليفه لرجال الصناعة الأمريكية مثل إيلون ماسك، وجيف بيزوس، وتيم كوك، وسيرجي برين، يريد السيد ترامب هيمنة اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية على اقتصادات العالم. و يبقى السؤال، ما الذي يمكن أن يساهم به المغرب في هذا الطموح الأمريكي، بحيث يظل شريكا مميزا وأساسيا لهذه القوة العالمية الكبرى؟للإجابة، أعتقد أنه يجب علينا أيضًا أن نفهم فلسفة ترامب التي تهدف إلى دفع الاقتصاد الأمريكي إلى واجهة المشهد الدولي: فبالنسبة له، نمو البلاد ينطوي حتماً على تنمية اقتصادية على المستويين الوطني والدولي. وعلى هذا المستوى، فإن الاستثمارات مثل الصادرات الأمريكية لا يمكن أن تتزايد إلا في مناخ من الاستقرار والاستدامة داخل البلدان الشريكة للولايات المتحدة الامريكية. وهذا يتناقض تماماً مع السياسة الأميركية القديمة، تحت تأثير الصناعيين العسكريين، الذين فضلوا التوترات الإقليمية لتصدير الأسلحة الأميركية. فرؤيته الثاقبة لاستقرار منطقة ما سيجعلها قادرة على تطوير قدراتها المالية، ليس فقط لاستيراد المنتجات الصناعية المدنية ولكن أيضًا العسكرية، بهدف الحفاظ على أمنها. في حين أن البلدان التي دمرتها الصراعات محكوم عليها باستيراد الأسلحة فقط لكسب الحرب والمنتجات الأساسية لضمان الحد الأدنى من مستوى الكفاف لسكانها. و مملكتنا الشريفة ليست فقط بلدًا صديقًا وموثوقًا وشريكًا منذ أمد طويل للولايات المتحدة الامريكية بل أيضًا دولة تؤثر على البلدان الأفريقية. كيف؟ فمغربنا الحبيب يحكمه نظام ملكي يعود تاريخه إلى عدة قرون، واستطاع أن يبسط نفوذه في عدة دول إفريقية حيث نشر دين الإسلام والثقافة والفن و تمكن من الحفاظ على حياده تجاه المجمعات العرقية والدينية المختلفة في البلدان الافريقية، العربية أو الإسلامية الأخرى. و نظامنا الاقتصادي الليبرالي رفع أرقام تجارتنا مع العديد من تلك البلدان الإفريقية. علاوة، على أن الإجراءات الدبلوماسية والأمنية لعبت دورا حيويا في الحفاظ على أمن واستقرار عدة بلدان إفريقية صديقة وشريكة لمملكتنا. و بفضل قوة إمارة المؤمنين، استطاعت مملكتنا الشريفة التأثير وخلق تعاون مع مختلف الطرق الصوفية (التيجانية، القادرية، الكركارية) في نشر تعاليم ديننا الحنيف ومذهبنا المالكي وعقيدتنا الأشعرية حيث انتشرت في جميع أنحاء إفريقيا.واليوم، يثبت المغرب أنه بلد يجلب السلام والأمن إلى أفريقيا. و تتقارب سياستنا مع سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة التي تجد نفسها الآن مضطرة إلى تعزيز وحدتنا الترابية وأمننا واستقرارنا وتشجيع وتطوير الاستثمارات والصادرات الأمريكية من خلال مغربنا الحبيب في إفريقيا. وبالتالي، فإن نظام العالم الآخر المخرّب والعبثي يستطيع الآن أن يحصي أيامه، خاصة بعد أن تخلت عنه فرنسا و اسبانيا و أدانته بشدة دول مجاورة له سواء دول الساحل أو أخرى. فهل ولوج ترامب إلى البيت الأبيض للمرة الثانية فال خير على بلادنا؟ وهل يمكننا التطلع مستقبلا إلى تغيير في الدستور الأمريكي يمنح ولاية ثالثة لترامب؟ نعم، نأمل ذلك بشرط واضح ووحيد: أن يساهم السيد ترامب في ازدهار الاستثمارات في اقاليمنا الجنوبية و مساعدة مغربنا الحبيب في تنمية مستدامة دوليا.