مستجداتمقالات الرأي

*كلمات* .. في تهويد وصهينة المغرب

*من الأرض .. إلى المَلِك* !!!

د أحمد ويحمان

*مشروع صهيوني لإعادة تركيب المغرب*

لم يعد الحديث عن التطبيع مع الكيان الصهيوني مجرد اتفاقيات اقتصادية أو تبادل للزيارات الرسمية، بل أصبح يتجسد في مشروع أعمق، يُعيد رسم معالم المغرب ديموغرافيًا وثقافيًا وسياسيًا، وفقًا لأجندة استعمارية تستنسخ نفس الأساليب التي استُخدمت في احتلال فلسطين. إن ما نراه اليوم من حملات تهويد وصهينة، بدءًا من الأرض وصولًا إلى الملك، ليس مجرد ممارسات متفرقة، بل هو مسلسل متكامل يسير وفق مخطط واضح، هدفه تحويل المغرب إلى “إقليم توراتي”، وتبرير احتلاله بمزاعم تاريخية مزيفة، تمامًا كما حصل في فلسطين.

*تهويد الأرض: الترامي على الأراضي وتغيير الأسماء*

من الجنوب الشرقي إلى الأقاليم الصحراوية، تتسارع محاولات تهويد الأرض من خلال الترامي على أراضي القبائل بطرق مشبوهة، وتغيير أسمائها لإضفاء طابع عبري عليها، كما حدث مع منطقة “تين إرحالن” التي أُعيدت تسميتها إلى “بوروك تافيلالت”. الأمر لم يقتصر على تغيير الأسماء، بل امتد إلى انتزاع أراضٍ من قبائل آيت حديدو، آيت مرغاد، آيت يحيى، آيت إزدݣ، آيت عطا وآيت سغروشن، ومنحها لمستثمرين يهود صهاينة، تحت غطاء الاستثمار وتشجيع الاقتصاد، كما هو الحال في إقليم الرشيدية بالصحراء الشرقية، علما أن هذه القبائل هي التي حررتها في ملاحم بطولية سالت فيها شلالات الدماء مثل ملحمة بوغافر بقيادة عسو بسلام وبادو بقيادة القادة علي أوطرمون وزايد اوسكنتي وموحى أوعرجي وأين آيت يعقوب بقيادة القائد الشهيد اوبغزديس وقبلها كلها تين بوذنيب بقيادة كوكبة من الاستشهاديين يتقدمهم القائد الاستشهادي الحسين بنحمو نايت الحسين… الخ . أما في الأقاليم الصحراوية الغربية، فقد كشفت فاطمة كريم، التي اعتنقت اليهودية بعد عودتها من تل أبيب، عن مشاريع إسرائيلية اقتصادية وثقافية في العيون والداخلة، مؤكدةً أن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، هو الداعم الرئيسي لهذه المشاريع، خلافًا لبعض السلطات الأخرى التي أبدت تحفظها. تصريحات فاطمة كريم، قبل إيداعها السجن بسبب تصريحات لها، كشفت المستور حول الاكتساح الغامض لعشرات الآلاف من الهكتارات بالأقاليم الصحراوية تحت ذريعة “تشجيع الاستثمار”، وهو نفس السيناريو الذي يُعاد تنفيذه اليوم في مدن الشمال (طنجة وأصيلا) وفي أحياء العاصمة الرباط، حيث يتم التكتم على المشترين، والجهات المحددة للأثمنة، وسط تغييب السكان المعنيين !

*اختلاق الأرض المقدسة: من أورشليم الصغيرة إلى قبور الأنبياء المزعومة*

وكما تم الادعاء في فلسطين أنها “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، وأن الله منحها لو” شعبه المختار ” ( اليهود) ! نرى اليوم نفس الأسلوب يُطبق على المغرب، حيث يُروج لمزاعم “اكتشاف” معالم توراتية، مثل :- قبور مزعومة لأنبياء بني إسرائيل: سيدي والكناس، سيدي دانيال، وسيدي حزقائيل في جنوب المغرب.- أورشليم الصغيرة: ادعاء أن مدينة إفران الأطلس الصغير هي أورشليم ثانية.- عاصمة نبي الله صامويل: الترويج لأطلال قرية تامدولت على أنها بقايا عاصمة النبي اليهودي صامويل، كما يروج لذلك “الباحث” المدعو كلاب، الذي يشغل منصبًا في اليونسكو تحت إدارة ابنة المستشار الملكي اليهودي أندري أزولاي!!! هذه العمليات ليست عشوائية، بل تأتي ضمن ما أسماه المؤرخ الفرنسي هنري لورانس في كتابه الشهير: *”اختلاق الأرض المقدسة” = L’invention de la Terre Sainte* ، وهو المخطط ذاته الذي استُخدم في فلسطين لتبرير الاستيطان والاحتلال.

*من محاولات تهويد الأرض إلى محاولات تهويد الدولة والمؤسسة الملكية ذاتها*

إذا كانت الخطوة الأولى تتمثل في العمل على تهويد الأرض، فإن الخطوة الثانية هي تهويد الدولة ومؤسساتها، وعلى رأسها المؤسسة الملكية. وهذا ما تمثل في :

*1. منتدى الدار البيضاء لتوحيد الهياكل بين المغرب وكيان الاحتلال*

المنتدى الذي أشرف عليه المستشار الملكي أندري أزولاي، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى دمج المؤسسات المغربية والصهيونية في منظومة واحدة. وهي المناسبة التي جمعت وزراء الاقتصاد المغاربة مع نظرائهم الصهاينة والمستثمرين الإسرائيليين، حيث خاطبهم رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ بالفيديو كونفرانس، قبل أن يقوم لاحقًا بتكريم أزولاي بوسام الشرف الرئاسي الإسرائيلي !

*2. تصريحات خطيرة حول يهودية الملك*

ظهر فيديو للمدعو محمد وحساين يزعم فيه أن الملك وأسرته من أصول يهودية، وليس لهم أي علاقة بآل البيت! هذه التصريحات تأتي ضمن حملة مدروسة لإعادة تشكيل صورة الملكية وربطها بالمشروع الصهيوني.

*3. يوسف أزهري و”النبي الصهيوني”*

رئيس جمعية شراكة المغرب، فرع المنظمة التي يرأسها رئيس الكيان الصهيوني إسحاق هرتسوغ، صرح بأن “رسول الله محمد (ﷺ) كان صهيونيًا”، وزعم أنه يقول ذلك بعلم ومباركة الملك! وهو ما أكده أيضًا مسؤول الطائفة اليهودية في مراكش، جاكي كادوش، خلال زيارته للكيان الصهيوني ضمن نفس الوفد.

*4. معهد “إمارة المؤمنين بالقدس”*

المدعو فيصل مرجاني، بعد تصريحاته بأن “فلسطين أرض يهودية”! وأن “من حق إسرائيل محاربة الإرهاب الفلسطيني”!، أعلن عن تأسيس “معهد إمارة المؤمنين بالقدس”، في خطوة خطيرة تهدف إلى شرعنة الاحتلال الصهيوني تحت غطاء ديني !

*5 – أحمد الشرعي : كلنا إسرائيليون*

تأتي كل هذه الخطوات في سياق عنوان أشمل في في عز مذابح جيش الإرهاب الصهيوني في عشرات الآلاف من الشهداء الفلسطينيين الذين هزت صور الكلاب تأكل جثامينهم كل العالم ؛ أما عنوان العار والإجرام الأشمل في فهو عنوان المدعو أحمد الشرعي وعصابته : كلنا إسرائيليون !!!

*التلاعب بأعداد اليهود المغاربة في الكيان الصهيوني*

وسط هذا المشروع الخطير، أثار المراقبون الجدل حول عدد اليهود من أصل مغربي في كيان الاحتلال، ومنهم وزراء وقادة في جيش الإبادة الصهيوني.بدأ الترويج لرقم مليون يهودي مغربي، رغم أن الرقم الرسمي الذي قدمه مدير مكتب الاتصال الإسرائيلي السابق، المجرم دافيد غوفرين، هو 500 ألف فقط.ثم جاء منار السليمي ليزعم أن العدد يزيد عن مليونين !ثم دُفعت فاطمة كريم لتقول إنهم خمسة ملايين!وأخيرًا، جاء وزير الخارجية ناصر بوريطة ل”يحسم” الجدل بتصريحه الأخطر : *”في عروق كل إسرائيلي تجري دماء مغربية”!* وهذا التصريح يعني أن جميع الصهاينة، بغض النظر عن أصولهم، مرحب بهم في المغرب، بدعوى “البيزنس”، في الوقت الذي نرى فيه بشائر هذا البيزنس في التشريد والتهجير ومزيد من الإملاءات الصهيونية .. والقادم أخطر !

*آخر الكلام:*

أسئلة مشروعة ومصير مجهول !كل هذه الأحداث المتسارعة تطرح أسئلة ملحة :من يقف وراء هذه الحملة المنسقة التي تدعي أن المغرب “أرض يهودية”؟لماذا يتم إضفاء الشرعية على المشروع الصهيوني في المغرب؟أين الأجهزة السيادية من هذا الاختراق الصهيوني الخطير؟لماذا تتحرك السلطات الأمنية والقضائية بسرعة في قضايا أقل شأنًا، بينما تصمت عن مشروع يهدد مستقبل المغرب وهويته .. ويتوقح على رأس الدولة؛ أي على هيبتها، فيه ؟ إذا لم يتصدّ المغاربة لهذا المشروع الآن، فقد نجد أنفسنا أمام واقع لا رجعة فيه، حيث يتحول المغرب إلى “إسرائيل الثانية” تحت شعارات الاستثمار والتعايش والتاريخ المشترك! ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد !

———————–

× باحث في علم الاجتماع السياسي، ورئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID