أخبارمستجدات

صحيفة التاتس الألمانية: الفائز في التحريض: حزب البديل من أجل ألمانيا

برلين: محمد نبيل

نشرت صحيفة “التاتس” الألمانية مقالًا مميزًا وقعه كل من جاريث جوسويج وديفيد موشينيتش، حيث أكد الكاتبان أن حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) حقق نجاحًا غير مسبوق في الانتخابات الأخيرة. فقد ازدادت قوة كتلته البرلمانية في البرلمان الألماني “البوندستاغ”، لكنها في ذات الوقت أصبحت أكثر تطرفًا بشكل ملحوظ.

الحديث عن “التعاون” والتهرب من الإجابات

وأضاف الكاتبان أن الحزب القومي الشعبوي المتسلط في ألمانيا، أصبح يواصل حملته الانتخابية بعد الانتخابات كما لو كانت مجرد بداية لحملة جديدة. ففي ليلة الانتخابات، ظلت زعيمة الحزب، أليس فايدل، تؤكد على أنها تمد يدها نحو حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU)، لكن كما هو المعتاد، لم تجب على السؤال الجوهري حول كيفية تسوية الخلافات السياسية بين الحزبين. على سبيل المثال، هل ستدعم فكرة إنشاء صندوق خاص لتعزيز تسليح الجيش الألماني؟

الهروب من الإجابات والتوجهات الشعبوية

بدلاً من الإجابة على السؤال، لجأت فايدل إلى الابتعاد عن الموضوع وبدأت الحديث عن قضايا خارج السياق مثل ضرورة تقليل الديون الحكومية، ثم انتقلت بسرعة للحديث عن “الحدود المفتوحة” و”حكم اللاعدالة”، بالإضافة إلى “الحدود الزائفة” التي قد تظهر تحت حكم الاتحاد المسيحي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD). ووصفت سياسة الحزب بأنها “تنظيف الأمور بمكنسة حديدية”. ويظهر أنه بعد الانتخابات تظل المعارضة الشديدة من جانب الحزب ثابتة كما كانت.

حتى عندما سُئلت فايدل عن كيفية الاحتفاظ بدعم ناخبي حزب AfD دون تحمل مسؤولية الحكم، كان ردها بالهجوم على وسائل الإعلام، متهمة إياها بحملات إعلامية من “اليسار” و”الصحافة السائدة الممولة من الضرائب”.

مشروع “تدمير الاتحاد المسيحي واستمرار الهجوم على التحالف السياسي

واصل حزب البديل من أجل ألمانيا تنفيذ مشروعه الهادف إلى “تدمير الاتحاد المسيحي الديمقراطي”، حيث لا يتوقف المتحدثون باسم الحزب عن مهاجمة التحالف السياسي الحاكم. في الوقت نفسه، يتجاهلون نتائج استطلاعات الرأي التي تُظهر أن غالبية الناخبين في الشرق الألماني يرفضون أي فكرة للمشاركة في حكومة مع حزب البديل.

ورغم أن الحزب بعيد عن تحمل مسؤولية الحكم، فقد حقق قفزة كبيرة في نتائج الانتخابات الأخيرة، حيث ضاعف عدد الأصوات ليصل إلى 20.8 في المائة، وهو ما يعتبر نتيجة قياسية بالنسبة للحزب. في المجمل، حصل الحزب على 10.3 مليون صوت من الناخبين الألمان.

نتائج مؤلمة للديمقراطيين في الشرق الألماني

النتائج كانت مؤلمة بشكل خاص بالنسبة للديمقراطيين في شرق ألمانيا، حيث أصبح للتيارات القومية المتطرفة هيمنة واسعة في العديد من المناطق. فقد حصل الحزب في ولاية تورينغن على 38.6 في المائة من الأصوات، وفي سكسونيا 37.3 في المائة، وفي ساكسونيا أنهالت 37.1 في المائة، وفي ميكلنبورغ فوربومرن 35 في المائة، وفي براندنبورغ 32.1 في المائة. وقد فاز الحزب بمقاعد مباشرة في 46 دائرة انتخابية، منها 45 في شرق ألمانيا ودائرة واحدة في شرق برلين. أما في انتخابات 2021، فكان الحزب قد فاز بـ16 دائرة فقط.

الحزب يحقق انتصارات في غرب ألمانيا

على الرغم من هيمنة الحزب في الشرق، إلا أن حزب البديل نجح أيضًا في تحقيق انتصارات غير مسبوقة في غرب ألمانيا. في جيلزينكيرشن، تفوق الحزب على الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) بنسبة 24.7 في المائة، بينما في كايزرسلاوترن فاز بنسبة 25.9 في المائة متفوقًا على الاتحاد المسيحي (CDU).

وتُظهر نتائج مجموعة البحوث الانتخابية أن 68 في المائة من الناخبين اختاروا حزب البديل بسبب برنامجه المتطرف، والذي كان أكثر تطرفًا من أي وقت مضى، خصوصًا في ما يتعلق بسياسات “إعادة الترحيل” للاجئين والمهاجرين.

الأزمة الاقتصادية والنقاش المضلل حول الهجرة

استفاد حزب البديل من حالة عدم اليقين العامة التي تمر بها البلاد، مثل الأزمة الاقتصادية، والانهيار المحتمل لحكومة التحالف الثلاثي، والنقاش المضلل حول الهجرة. هذه العوامل جعلت العنصرية المجتمعية العامل الحاسم في الانتخابات، حيث تمكّن الحزب من جذب الناخبين غير المعتادين على التصويت له، فضلاً عن جذب أصوات من الاتحاد المسيحي (CDU)، الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD).

أزمة الديمقراطية الألمانية

في المجمل، يعكس الوضع الراهن أزمة حقيقية في الديمقراطية الألمانية، حيث يشهد البرلمان الألماني تصاعدًا ملحوظًا للجناح اليميني المتطرف، الذي سيواصل العمل على تعزيز التوجهات السلطوية في البلاد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID