السعودية و إيران : مُصَالحَةٌ غَانِمَة أَمْ هُدْنَةٌ عَادِمَة؟!
بقلم عبد المجيد موميروس
كثر الحديث؛ عن مخرجات ما سمي باتفاق المصالحة الإيرانية-السعودية. و الذي تم التوقيع على بنوده، تحت رعاية دولة الصين. بل؛ إن العديد من روايات جارتنا الناقمة، قد غرقت في وديان الأماني الحالمة. ذلك؛ عند توصيفها لتداعيات الهدنة المؤقتة على الوضع الجيو-سياسي بفضاء شمال أفريقيا. و كأني بهم يمدحون “الحدث الديبلوماسي”، الذي سيقلب موازين القوى قلْبا، بغرب آسيا و العالم برمته. أو؛ كما لو أننا لم نسمع ذات مرات متوالية، عن النتائج الكارثية لمثل هذه الاتفاقات الهشة. و التي لطالما وقعت عليها جمهورية “قم”، دون أن تفي بعهودها المنكوتة في الإلتزام بالعيش في سلام، إلى جوار أحبتنا في الخليج العربي. و على رأسهم المملكة العربية السعودية، كما سائر شعوب غرب آسيا و شمال أفريقيا.
من تم؛ قد جاز لي الإنطلاق من التنبيه، إلى أن تطبيع المملكة العربية السعودية، لعلائقها الدبلوماسية الثنائية مع جمهورية “قم”، بعد قطيعة بين الدولتين. سيدفعني؛ إلى سبر أغوار الوئام المفقود بين الرياض و طهران. لَحتى ندرك جميعنا؛ أن الحدث المعلوم، ليس مثلما يتخيله الجار الموهوم، و لا يتعلق بتحول جذري في النظام الأمني الإقليمي بالمنطقة. ذلك من حيث أن القواعد الأميركية، لَمَاكِثَة في مواقعها الإستراتيجية المعتادة. ترقب ساعة الصفر، حين ترمق كل إنزياح قد يهدد مصالح البيت الأبيض. و بالأخص؛ كل ما من شأنه أن يفسح في المجال، أمام هيمنة التنين الصيني. أي: كل ما يؤدي إلى انحسار دور النسر الأميركي، في ضبط حركة مضيق هرمز و موانئ دول الخليج.
ثم من هنا؛ يحق لي التذكير بأن الولايات المتحدة الأمريكية، منذ ولاية الرئيس الأسبق أوباما. قد أوحت بخفض حضورها الإستراتيجي، داخل ما يسمى بفضاء الشرق الأوسط. مقابل نقل مربع الضغط المتقدم، إلى المجال الجيو-سياسي المتوغل في بحر الصين. و كذا من خلال المقاربة الحالية لإدارة بايدن؛ التي تمكنت من توسيع دائرة الحروب، حتى بلغت الحدود المتاخمة للاتحاد الروسي. كي يكون الإستنزاف الكبير، عند جبهات التماس المشتعلة. أي: كما الحال بأوكرانيا!.
و مع شديد تحفظي؛ على التماهي مع أماني الهدنة المصطنعة، أسترسل بتقديم الرأيِ المُغَايِر. و مفاده أن الوضع الجيو-سياسي للوطن المغربي، لا يتوافق مع حلول التطبيع مع نظام جمهورية “قم”. ذلك لأن إتفاق المصالحة بين الرياض و بين طهران، تحت رعاية بكين. قد كان بالإمكان؛ اعتباره إنبثاقة وئام حضاري. لو مثلا؛ قامت جمهورية “ولاية الفقيه”، باعلان التوبة من تأصيلات الفتنة النائمة. كَتِلْكم؛ العقيدة الباطلة الطامعة في الإستيلاء على أراضي الحرمين. أو مثلا؛ لو تخلت جمهورية “قم”، عن دسترتها لتصدير “الثورة المصطنعة” من غرب آسيا إلى شمال أفريقيا. بل؛ قبل ذلك كله، لو أن حوزة “قم” إستغفرت ربها لذنبها المتوحش، المتمثل في تحريف العقيدة المحمدية الزكية.
إيْ وَ رَبِّي؛ حينذاك ستكون المصالحة المكينة، مؤسسةً على أوتاد الخلاص الجماعي المتين، لشعوب غرب آسيا و شمال أفريقيا. أمّا لِينُ مَلَالِي ولايةِ الفقيه؛ فَلَطارِئٌ مستجدٌ، قد ينقلب إلى غَدْرَةٍ، لا و لن تحمد عواقبها. تماما؛ و لَقَبل إنقضاء أجل الشهرين المحددين لإعادة فتح السفارتين. أي: قبل أن يجف حبر حروف الاتفاق الموقع، على لوحة الواقع الذكية.
لكن؛ أعذروني مرة أخيرة!. فهل جمهورية حوزة “قم”، على استعداد عَقَدِي أولا؛ لكبح جماح غرورها التوسعي اللامحدود؟!. و هل حوزتهم؛ على أتم الاستعداد، للتراجع الفوري عن مظلمة احتلال الأراضي و الجزر العربية؟!. أم هل بحوزتهم؛ الإرادة الصالحة لتفكيك شبكات الأعمال الإيرانية، العاملة على إشاعة فواحش المذهب الضال و العدواني. و الذي يهدد الأمن الروحي للشعوب المسلمة، مثلما يسفك بأمن الدول و استقرارها و وحدتها الترابية.
هكذ إذن؛ فليس الاتفاق السعودي الإيراني جديدً و لا مُجَدِّدً. بل؛ قد كان “الأخ الأكبر” مضطرا، و نجد له واسع العذر في ظل الظرفية الدولية المعقدة. و على النقيض؛ مما يعتقده الكثير من أقلام الجارة الغاوية. فإن ما يسمى بالشرق الأوسط، قد كان -و لم يزل- مجال إصطدام بين الأقطاب الكبرى. و أن طبيعة الإصطدام القادم، تحد من فرص إستدامة الهدنة الإيرانية-السعودية الهشة.
و حتى لو كان بين ظهرانينا، من يظنون أن لهبَ التنين الصيني، قد يستعمل لإنارة طريق البترول و الغاز. فإني أعتقد أن خرافة المهدي الشيعي، قد استدرجت التنين الصيني، إلى كمين النهاية: محرقة الأرض و من و ما عليها!. إذ؛ هكذا عند إستبطان المعنى بين عقائد حوزة “قم”، التي تواترت عندها أساطير ملاحم المهدي المحرفة.
هكذا كان؛ و في ظل الظرفية الدولية المعقدة.قد صار الإتفاق المأزوم، دلالة لنا على بدء مرحلة مُغايِرة. تروم اعتماد الواقعية الجديدة، مع تفادي الإفراط في تصديق السرديات المتقادمة. إي نعم؛ فيَحِق على أتباع العقيدة المحمدية الزكية، أن يجنحوا إلى السلم. عدا أنه غافل؛ من يصدق أننا بتعميم التطبيع مع عقيدة جمهورية “قم”، سنصل إلى بلوغ جنة الوئام الحضاري.
إذ؛ ها فيالق جمهورية “قم”. لَا و لم تعتذر، عن خطايا مجازرها الشيطانية. و هي التي قد قتلت الملايين من المسلمين و المسلمات، و شردت الملايين من البريئات الأبرياء. بل؛ ها جمهورية “قم”، لا و لم تعتذر عن كبائر احتلالها لعواصم سوريا و لبنان و اليمن و العراق. ثم؛ كيف يا ترى هذه العقول الرافضة؛ ستكف قلوبها عن إشعال الفتن الطائفية، المُتَشايعة في غرب آسيا و شمال أفريقيا؟!. أو؛ متى نلامس قناعة مرشد “الثورة “، بحدود إيران الصغرى، و بما تم التوقيع عليه مع المملكة العربية الشقيقة؟!. أي: هل ستتغير جمهورية “قم” فعلا؟!، كي تصير على صراط مستقيم. عبر تأمين حسن جوارها بلا تهديد، أو سعي مجنون للتوسع و السيطرة. و كذلك حتى تنخرط في مشروع صناعة مصالحات المروءة، و الاعتدال، و العقلانية. وَ مَا ذَٰلِكَ عَلَى الله بِعَزِيزٍ!.
عبد المجيد موميروس
رئيس اللجنة التحضيرية لحزب الإختيار و الإنتصار
Abdulmajid Moumĕrõs