ثقافة وفنون

ذ حسن برما قصة قصيرة: هروب


ذ حسن برما
من مقصلة الغياب أعلن الطيف الهارب أوان الخروج من دائرة الشر الأسود، فقد القدرة على تحمل الأذى والسخرية من انتظاراته الغبية، وخرج يطلب الانفصال عن وكر عششت فيه عناكب تكره الحديث عن ذكرى الشهيد.

في البيت المهجور
أعشاش احتلها الخواء
وأطلال الوهم خانتها سلالة الخذلان
وبقايا رماد وندم

قلت لجلادي: ” لا تطلب مني الحضور في وليمة حلم وجدت نفسك فيها مدفوعا بصدفة كئيبة، عند مرسى الصحو، عدت لروتينك اليومي، وتركت للحلم لعنة انتظار المستحيل!”

مزقتُ الرسالة وارتحت في صمتي
مسحت بممحاة الألم دمعة المستباح
لك دوخة الغباء المغتصب
ولي بلاغة الإفصاح

تجاهلت الغيمة العاقر ماء الحياة، أغرت الأرض العطشانة، لم تمطر، لكنها عادت لمائها المالح منتشية بأوهام من رفعوا أعينهم نحو سماء بلا لون ولا ذاكرة.

لم يملك أشقياء الوقت المغدور وقتا لتصنيع الفرح وما بالجسد سوى أوشام غدر مشاع، وفي الرحيل عن عش الحرمان لم ألتفت للخلف، مضيت نحو سراب الجفاء، ووجدتني أغرس كلماتي في مستنقع الفناء!

تجاوزت فزاعات الحقول البئيسة عند قدم الجبل الحزين، كنت مأخوذا بعطر التربة السخية في سهل الحب الوفي، مشيت واثقا نحو مزار عهد لا يموت.. مات حلم وعشت لحلم آخر.

وضد منطق الخيانة الكريهة، نبتت زهرة العناد من أوحال الأحقاد الموروثة، سرقت الأمل في الغد، وانتصبت مزهوة ببقائها على قيد الحياة قريبا من ضريح النسيان.

اقتربت من ظل النبتة الأسطورية، لم أبال بدوخة الأحاسيس وضباب الرؤية، شدني نواح بومة تخصصت في نشيد التشفي في من سلك طريق الهروب بجلده من فخاخ اليأس وقتل الأمل في رعشة الاشتهاء.

محت الريح الرعناء آثار من عبروا نبض الخديعة بأقل الأضرار، هاجمتني البومة الكئيبة، شرعت تصفع وجهي بجناحيها، تحاشيت صفعاتها الحاقدة، وفي الأفق القريب، قمر مصدوم راقب المعركة بحياد غامض.

أفلتت من رعب المنذورة للشؤم والنحس، ابتعدت عن خرائبها المسكونة بجنيات الوقت الموبوء، كتبت بأصبع الشهادة في زرقة الفراغ الميت:” دعني وشأني يا زمان البؤس الموروث عن عشائر الضحك في مناحات الحزن المعدي ومراثي السلالات البائدة!”.

ابتعدت عن عسس الأطلال المهجورة، عاد النبض لإيقاعه المعتاد، هدأت أنفاسي، واصلت خطواتي الحكيمة اتجاه واحة الأمان، وحدس العاشق الذي لا يخيب قادني لسبيل الفرح المؤكد والابتعاد عن مصدر الهلاك.

آمنت بالفكرة، وثقت في الوعود، عاهدتني بعالم لا جلاد فيه، حلمت بالحب والعدل والكرامة، ومع الوقت أدركت سذاجتي، صار العش وكرا للثعابين والأفاعي والتماسيح، وصرت المطارد ممن توسمت فيهم نبل الشهادة.

قالت لي دون أن يرمش لها جفن: “خلينا من خرافات الأزليات، اليوم وقت مغاير، والميت من يبقى مصلوبا على مشنقة الوفاء لفكرة مستحيلة!”، صدمني الاعتراف الحربائي، ولعنت حقارة الخيانة.

وفي عين الخيانة اعتراف لا يبالي بحجم آلام من أحبوا سهوا قناع فكرة اغتالتها اغتصابات مخبرين دخلوا هودجها لتخريب المقام، قالت: “عجبا، أنت الوحيد الذي تشبتت بي وكل من اقترب مني عجز عن تحمل طعنات الغدر “، قلت: ” لا عجب ولا هم يحزنون، غبائي البرئ هو الذي جعلني أتوهم خلاصي في حسناء اتفق الأوغاد على اغتصابها سرا وعلانية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube