حواراتمستجدات

المجتمع الإسرائيلي منقسم بسبب الصراع مع الفلسطينيين: إجابات صحيفة “لوموند” على أسئلة قرائها

أحمد رباص -حرة بريس

لإعطاء هذا الموضوع حقه، نسقت صحيفة “لوموند” الفرنسية مع الأستاذ دينيس شاربيت في جامعة إسرائيل المفتوحة ان يجيب على أسئلة يطرحها عموم القراء كل يوم ابتداء من الساعة الحادية عشر صباحا حول الانقسامات في المجتمع الإسرائيلي، التي جعله الصراع الأخير مع غزة يطفو للسطح مرة أخرى، على أن تنشر الجريدة إجاباته على كل الأسئلة المطروحة.
من الواضح جدا أن الخلفية المؤطرة لهذا الحوار تتمثل في انسياق إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة، بقيادة حركة حماس الإسلامية التي تتولى السلطة في قطاع غزة، منذ 10 ماي، إلى تصعيد عسكري غير مسبوق منذ صيف 2014.
وحتى أتيح لإخواني الناطقين بالعربية الاطلاع على هذه المبادرة الإعلامية الباذخة، سأحاول أن أنقل لهم ما قاله اليوم الأستاذ دينيس شاربين في إجاباته عن مجموعة من الأسئلة الدائرة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
س: هل يمكن أن نعتبر أن الاستراتيجية الإسرائيلية المتبعة على مدى عدة عقود آلت إلى فشل مرير؟ ومع الأزمة الحالية، هل من الممكن أن نشهد اندلاع حرب أهلية في إسرائيل؟
ج: الوضع معقد. يجب أن نعترف بأن الطرفين لا يكسبان شيئا بإطالة أمد العنف – بل على العكس من ذلك، كلاهما خاسر بسببه. وتجدر الإشارة إلى أنه كان هناك القليل جدا من العنف منذ عام 2014. لسنا بعد في حالة حرب أهلية، حتى لو كانت هذه الشرارة الأولى تثير قلقنا.
س: ما هو تأثير الانتخابات التشريعية الأربع غير الحاسمة في عامين على السياسة الداخلية الإسرائيلية؟
ج: هذا رهيب: أزمة ثقة كبيرة في المؤسسات. الضرر كبير. الحملات الانتخابية تثير الانقسامات. وليست الوحدة حول الصراع هي التي ستستمر بعد انتهاء العنف.
س: ما هي برأيك الإجراءات التي يجب أن تتخذها الحكومة الإسرائيلية لتخفيف التوترات الداخلية من جهة والعلاقات مع جيرانها الفلسطينيين بقيادة حماس من جهة أخرى؟
ج: لا أرى كيف يمكن لنتنياهو أن يفعل ذلك. وحده تحالف من أجل التغيير يجمع الأحزاب العربية واليسارية واليمين المعتدل يمكن أن يحقق ذلك. أما بالنسبة لحماس، فلا أرى حلاً آخر سوى العودة إلى المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، التي برأيي ستخرج من المحنة في حالة ضعف.
يبدو لي صعود ورجحان الأحزاب الدينية المتطرفة كان كارثيا على مستقبل إسرائيل ويقودني إلى الخوف من دولة ثيوقراطية مثل إيران …
هذا دون الاكتراث بالسكان العلمانيين وحتى التقليديين، الذين لا يريدون بأي حال دولة ثيوقراطية. ومع ذلك، فإن هذه الأحزاب الدينية لها وزن لا يمكن الاستهانة به. يجب محاولة الاستناد على براغماتيتها.
س: هل يخرج نتنياهو من هذا الوضع أكثرية قوة لتشكيل الحكومة؟
ج: من الصعب معرفة ذلك. ما هو مؤكد أنه قبل عشرة أيام، كانت حكومة التغيير على وشك تشكيلها، بدعم من القائمة الإسلامية المعتدلة، وبتغييب القائمة العربية الموحدة. لهذا يمكن القول ان حماس خدمت مصالح نتنياهو. مثل هذه المفارقات كثيرة.
س: وجدت في “وقت معين” لم يعد بإمكاني تحديده، حركات من أجل السلام في إسرائيل. من المؤكد أنه في أوقات الحرب يصعب إسماع صوتك. لكن بشكل عام، قبل الفترة الحالية ، ماذا حدث لهذه الحركات؟ س: ما هل ما زالت موجودة؟ هل ثمة دعم من الشباب الإسرائيلي؟
ج: لها تأثير أقل مما كانت عليه في الماضي. لقد أدى فشل عملية أوسلو للسلام إلى تقليص شعبيتها بشكل كبير، لكنها موجودة وتشدد على حل الدولتين وانتقاد الاحتلال. إنها لا تيأس من الوصول إلى الرأي العام.
س: يعيش حاليا مئات الآلاف من العرب في إسرائيل بسلام إلى حد ما، فهم مواطنون، منهم عمال ونواب، إلخ.. هل من الممكن أن نتخيل أن يعد المستوطنون في يوم من الأيام مواطنين في دولة فلسطينية؟ هل يمكن أن يبقوا في مستوطناتهم لكنهم لن يعودوا إسرائيليين بل يهودا فلسطينيين؟ هل هذا أحد الحلول لهذا الصراع الطويل أم أنا واهم؟
ج: سيكون هذا بلا شك حلاً يتم تبنيه لأن فلسطين ستعيش فيها بالتالي أقلية يهودية، تماما كما يوجد في إسرائيل أقلية عربية. هذه المعاملة بالمثل ستكون عامل استقرار. لسوء الحظ، يبدو من غير المحتمل أن يوافق الإسرائيليون، في فلسطين المستقلة، على البقاء فيها، بسبب انعدام الإحساس بالأمن.
س: هل “تيمين” (من اليمين) الجالية اليهودية في فرنسا له صدى لما يحدث في إسرائيل؟ الى جانب ذلك، هل ما زال هناك يسار في اسرائيل؟
ج: يتضامن المجتمع اليهودي مع إسرائيل بشكل أقل من خلال الأيديولوجيا بل لأن لديهم في الغالب عائلة وأصدقاء في إسرائيل. كما أنهم يستنكرون حقيقة أن الصراع يتم التعامل معه، بعد أسبوع، كما لو كان مستمراً منذ سنوات، مثل الصراع في سوريا أو أفغانستان.: هناك يسار إسرائيلي يمثل حوالي 15٪ من الناخبين. بإضافة الأحزاب العربية والوسطيين نصل إلى نسبة 45٪. على الرغم من قبضة نتنياهو الخانقة على الحكومة لمدة اثني عشر عاما، إلا أن هناك معارضة شديدة من اليمين. منذ عام وهي تتظاهر في شوارع القدس وعلى جميع جسور البلاد.
س: هل الاشتباكات العنيفة بين اليهود الإسرائيليين والعرب الإسرائيليين إحدى “خصوصيات” الصراع الحالي؟
ج: نعم. لسوء الحظ، هذه هي (الحالة) الأولى، لأنه في عام 2000، خلال الانتفاضة الثانية، كانت هناك اشتباكات بين المتظاهرين العرب والشرطة. هذه المرة، نلاحظ اشتباكات بين اليهود والعرب من “التجمعات المختلطة”. في الوقت نفسه، تتعدد المبادرات لإعادة الروابط الاجتماعية والعيش معا في القطاعات التعليمية والصحية والثقافية، وفي ما بين الجيران. ومن المقرر تنظيم مظاهرة كبيرة في هذا الاتجاه مساء السبت في تل أبيب.
س: تل أبيب مدينة منفصلة في قلب إسرائيل. كيف يتفاعل سكان “الفقاعة” مع هذا الصراع؟
ج” كانت السمة المميزة لهذا الصراع الجديد هي استهداف تل أبيب أيضا. لم يحدث هذا منذ عام 2014. ونتيجة لذلك، أصبح أكثر من مليوني إسرائيلي هدفا لصواريخ حماس. تلقت الفقاعة ضربة، لكنها صامدة، وستستعيد موطئ قدمها بسرعة، مثل كل الإسرائيليين، بمجرد إعلان وقف إطلاق النار المتوقع واحترامه.
س: هل هناك جزء من الشعب الإسرائيلي يعارض سياسة الحكومة الحالية تجاه الفلسطينيين؟ هل ما زال صوته مسموعا بعد شحنات الصواريخ القاتلة من حماس؟
في زمن الحرب، هناك ضغط باتجاه الإجماع لأن الصواريخ لا تميز بين اليهود والعرب، بين اليسار واليمين، بين العلماني والديني. عندما يهدأ التوتر، سيستأنف الجدل السياسي الداخلي. وهذا لا يمنع قادة المعارضة من التنديد بالتواطؤ بين نتنياهو وحماس لمنع المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. تذكر أن الحكومة الحالية حكومة انتقالية. وأن الحكومة الجديدة لم يتم تشكيلها بعد، إما بأغلبية يسار الوسط أو يمين.
س: يُقيم المجتمع الإسرائيلي فرقا بين عرب إسرائيل والفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية أو غزة. ما هي احتمالاته لكليهما؟
ج: طبعا ! بما أن البعض مواطنون والبعض الآخر (في الضفة الغربية) ما زالوا أعداء. هناك أصوات واتجاهات تتحدى ولاءهم. في أوقات التوتر ، يزداد هذا الاتجاه سوءا للأسف. يجب أيضا مراعاة وضع الفلسطينيين في القدس الشرقية، الذين يتمتعون بمكانة مقيمين ولكن ليسوا مواطنين. هذا بالطبع يعقد العلاقات بين الجماعات.
س: هل يريد الفلسطينيون من حاملي الجنسية الإسرائيلية حل الدولتين؟
ج: نعم ! هناك إجماع تام بينهم على هذا الحل، ما يسمح لهم بتقليل التناقض المتأصل في حالتهم بين جنسيتهم الإسرائيلية وانتمائهم العرقي – القومي إلى الشعب الفلسطيني.
ش: لماذا لا تملك إسرائيل دستورا؟ هل يؤدي ذلك إلى فراغ قانوني في مفهوم الدولة د، الأمة، الشعب …؟
ج: في عام 1949، تخلت أول جمعية تأسيسية منتخبة عن صياغة دستور لمنح السلطة التنفيذية حرية التصرف. ومنذ ذلك الحين، صدرت قوانين أساسية تحدد صلاحيات السلطات البرلمانية والقضائية والتنفيذية. يوضح قانونان صدر عام 1992 (الكرامة الإنسانية والحرية وحرية العمل) الطابع اليهودي والديمقراطي لدولة إسرائيل، الشيء الذي سمح للمحكمة العليا بالتحكيم في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان. في عام 2018، كان قانون الدولة اليهودية هو أول قانون يرسخ الطابع اليهودي بشكل أكثر تقييدا. إنها نقطة خلاف بين اليمين والمعارضة.
س: منذ بداية هذه الأزمة د، لدينا انطباع بأن اليسار الإسرائيلي غائب، غير مسموع. ماذا جرى له ؟
ج: في أوقات الحرب، تكون الأصوات المعتدلة دائما غير مسموعة، سواء في الجانب الإسرائيلي أو في الجانب الفلسطيني. الخطاب الرسمي يحتل مكان الصدارة في إسرائيل. في الخارج، نحن مهتمون فقط بالمتصارعين دون أن نحمل هما لأحدهما.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube