حيمري البشير

هل هناك اختلاف في اندماج الجيل الأول والمزدادون في الدنمارك؟

واقع الهجرة في الدنمارك كنموذج الجالية المغربية .عندما نبحث في تاريخ هجرة  المغاربة إلى الدنمارك ،فإنها بعد الدراسة والتدقيق ،تعود إلى أواخر الستينات،وكان غالبية الملتحقين بهذا البلد ،رجال يبحثون عن فرصة عمل لإعالة  من بقي ينتظر من دعم مالي من إحدى دول الإستقرار التي كانت في حاجة إلى يد عاملة لإعادة مادمرته الحرب العالمية الثانية.المغاربة الأوائل الذين اختاروا الدنمارك للهجرة أواخر الستينات ،كانوا عزابا ملهمون بالبحث عن أفق أفضل للعيش ،بعيدا عن القيم التي عاشوا عليها ،عاشوا عيشة ماهم بهوية غربية وماهم متشبثين  بهويتهم الإسلامية،الكثير منهم ربطوا علاقات وخلفوا أولادا وبناتا خارج إطار الزواج ،وعاشوا كما يعيش بقية أفراد المجتمع الدنماركي .تمر السنين على هذا الوضع ،ولم يكن مطلقا الزواج المختلط ،عنوان الإندماج في المجتمع الدنماركي ،لأن الجيل الذي هاجر من المغرب وقبل العيش والإستقرار في الدنمارك وبناء أسرة ،كان تفكيره  منصب على إيجاد فرصة عمل والتكفل بمساعدة من بقي في المغرب ،وتغير وضعهم ،بعد العلاقات التي ربطها الكثير من مغاربةالدنمارك مع  شريكات دنماركيات خارج إطار الزواج الشرعي من منظور إسلامي ،كان نتاجه جيل يعتبره الدنمارك دنماركيون وفشل غالبية المغاربة في إثبات هوية أبنائهم وبناتهم خارج إطار  مؤسسة الزواج بالمفهوم المغربي .ويمكن  ملاحظة الفوارق الموجودة بين الجيل الذي التحق أواخر السبعينات وبداية الثمانينات والجيل الذي التحق في السنوات فيما بعد .إن  تاريخ الهجرة المغربية إلى الدنمارك والدول الإسكندنافية،تتميز بصعوبة اندماج الأول بسبب عدة عوائق من أبرزها تشبث الجيل الأول بالهوية المغربية ،وغياب أية ملامح لثقافة غربية ،تساعد على الإندماج في المجتمع الدنماركي والغربي بصفة عامة ،ومن خلال هذه المعطيات التي ذكرت  تبرز أسباب عدم  اندماج الجيل الأول ،لكن تاريخ هجرة مغاربة الدنمارك،بدأ في التغير مع مرور الوقت،بسبب السياسات التي نهجتها الحكومات التي تعاقبت على تدبير شؤون الدولة في الدنمارك،ملامح التغيير ظهرت في أواخر الثمانينات ،حيث أصبح البلد في حاجة إلى يد عاملة ،خارجية فكانت موجة الهجرة من عدة دول باكستان تركيا ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا .وتتوالى السنين وتتغير عقلية المهاجرين ،الذين لم يعودوا يفكرون في جمع الأموال والعودة من حيث أتوا بل أصبحوا في غالبيتهم يستقرون في الدنمارك بصفة نهائية .تتوالى السنوات وتزداد مشاكل الهجرة احتقانا بصعود أحزاب اليمين المتطرف التي كان هدفها دائما  رفض اللجوء والدعوة إلى ترحيل المهاجرين إلى بلدانهم .هذا الصراع الذي تطور في المجتمع الدنماركي وأصبح حادا ،خلق صراعا في المجتمع ازدادت حدته بتوالي الأيام ،في غياب تام لحوار اجتماعي .وتزايد رفض مهاجرين جدد لهذا البلد ،رغم أنه في حاجة ماسة ليد عاملة .لابد من الإشارة إلى معطى أساسي أن تاريخ الهجرة عرف توتر في المجتمع الدنماركي بسبب تفاقم مشاكل الهجرة وصعود اليمين المتطرف في المجتمع الذي تنكر لما قدمه المهاجرون وبالخصوص الوافدون من شمال إفريقيا والشرق الأوسط  وآسيا ،في  المساهمة في بناء المجتمع الدنماركي ،وقبول التعدد الثقافي الذي عرف تعثرات في السنين الأخيرة بسبب رفض تيارات سياسية معادية للمسلمين .وعودة لتاريخ  هجرة مغاربة الدنمارك،فإن التغير الذي حصل في استقرار الجيل الأول بالدنمارك وعدم التفكير بالعودة،كان له تأثير نسبي على عملية اندماج الجيل الأول ،إلا أن الإختلاف أصبح واضحا بين الجيل الأول والجيل المزداد في الدنمارك،والإختلاف يبقى نسبيا مرتبط بعدم تمكن الجيل الأول بامتلاك لغة البلد،والذي كان عائقا في صعوبة الإندماج وبين جيل متمكن من اللغة ،مندمج إلى حد ما في المجتمع الدنماركي ،لا يفكر نهائياً في العودة من حيث أتى آباؤهم ،تمكنوا من اللغة من النجاح في مختلف أسلاك التكوين التي الدنمارك في حاجة ماسة إليها لكن بقيت نظرة بعض الأحزاب السياسية الدنماركية العنصرية الرافضة للتعدد الثقافي .إن واقع الهجرة في الدنماركيتين  بصراع تزداد حدته مع مرور الأيام ،هذا الصراع الذي يعرفه المجتمع الدنماركي ليس في مصلحة كل مكونات المجتمع ويتعارض مع القيم والمبادئ التي أسس من أجلها البلد ،لأن ولاء الأجيال من أصول مهاجرة للدنمارك لا نقاش فيه وبالتالي كان من الأجدر ،أن تتبنى الأحزاب المعادية للهجرة سياسة مختلفة اتجاه الدنماركيون المزدادون في الدنمارك من أصول مهاجرة،لأن ولاؤهم الذي لا نقاش فيه هو للدنمارك وليس لبلدان آبائهم .إن الواقع الذي نعيشه اليوم يختلف عن واقع الجيل الأول وولاء الجيل المزداد في الدنمارك هو للدنمارك وليس للبلدان التي أتى منها آباؤهم ،وبالتالي يجب على المجتمع عدم تبني أحزاب اليمين المتطرف فيما يخص الهجرة والمهاجرين. هو مجر وجهة نظر تحتاجه لمزيد من النقاش،هدفنا فقط تذويب الخلافات في المجتمع الدنماركي وتعزيز التضامن والتكافل في المجتمع الدنماركي عوض التنابز والتناحر ،الذي ينتج عنه أزمات اجتماعية لا تخدم الإندماج في المجتمع الدنماركي  .

حيمري البشير كوبنهاكن الدنمارك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID