حيمري البشير

مغاربة العالم والانتخابات المغربية… حق دستوري مؤجل

 قيل الكثير عن مشاركة مغاربة العالم في الانتخابات المغربية، لكن المثير للأسف أن المعنيين بالأمر لم يحركوا ساكناً، رغم أن الفصل 17 من الدستور المغربي نصّ بوضوح على حقهم في المشاركة السياسية، بما في ذلك التصويت والترشح في المؤسسات المنتخبة. هذا الحق الدستوري، الذي أقرّته أعلى سلطة في البلاد، ظل حتى اليوم حبراً على ورق، إذ لم يجد آذاناً صاغية في المؤسسات التنفيذية والتشريعية.

وزارة الداخلية لعبت دورها المعروف في تنظيم الاستحقاقات، والأحزاب السياسية رفعت شعارات داعمة، لكن النتيجة واحدة: ملايين المغاربة المقيمين بالخارج، والذين يقدَّر عددهم بحوالي ستة ملايين شخص، ما زالوا محرومين من حقهم في التعبير عن آرائهم السياسية عبر صناديق الاقتراع.

هذا الإقصاء لا يطرح فقط سؤال المساواة في الحقوق، بل يفتح باباً واسعاً حول الخسائر الاقتصادية المحتملة. فمغاربة العالم يشكلون أحد أهم مصادر العملة الصعبة في البلاد، إذ تضخ تحويلاتهم سنوياً مليارات الدراهم في الاقتصاد الوطني، وتساهم في دعم الأسر، وتمويل المشاريع، وتعزيز الاستثمار المحلي. ومع استمرار حرمانهم من المشاركة السياسية، قد تتراجع حماستهم للارتباط الوثيق بالوطن الأم، ما سينعكس سلباً على تدفق هذه التحويلات الحيوية.

في ظل هذا الوضع، تتصاعد المطالب بضرورة تفعيل الإرادة السياسية، وتجسيد المقتضيات الدستورية على أرض الواقع. فتمكين مغاربة العالم من ممارسة حقهم في التصويت، سواء عبر التمثيليات الدبلوماسية أو التصويت الإلكتروني، ليس فقط واجباً قانونياً، بل خطوة استراتيجية لتعزيز الانتماء، وتوسيع قاعدة المشاركة، وتقوية الديمقراطية المغربية.

ويبقى السؤال الكبير مطروحاً: إلى متى سيظل حق ملايين المواطنين في الخارج معلقاً بين النصوص الدستورية والنوايا المؤجلة؟ وهل ستجرؤ الطبقة السياسية على فتح هذا الملف بجدية، أم سيبقى ورقة انتخابية ظرفية تُستعمل عند الحاجة ثم تُطوى مع انتهاء الحملات الانتخابية؟

ع. حبيب الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID