حواراتمستجدات

حرة بريس في حوار مع سعادة السفير المصري في الرباط أشرف إبراهيم

العلاقة بين المغرب ومصر لم تشهد مراحل توتر أو هبوط حقيقية على مدى العقود الماضية

حاوره عبدالحي كريط  

 في حوار صحفي مع سعادة السفير المصري المعتمد في المغرب السيد أشرف إبراهيم أكد لنا على أن العلاقات بين القاهرة والرباط تتسم بالمتانة  ولم تشهد أي مراحل توتر أو هبوط حقيقية على مدى العقود الماضية منذ تولي الرئيس الراحل السادات الحكم وإلى يومنا الحالي رغم بعض المطبات التي تخضع لها جميع علاقات الدول من خلال مقياس الصعود والهبوط في مناخ العلاقات الدولية

كما أكد السفير أشرف إبراهيم، سفير مصر في الرباط، أن مصير اللجنة المشتركة العليا بين المغرب ومصر لازالت على أجندة أولويات البلدين في انتظار انجلاء سحابة الجائحة التي خيمت على العالم

وقال السفير المصري  في حواره مع “حرة بريس ”  بمقر السفارة المصرية ، أن مصر ترى في الاقتراح المغربي للحكم الذاتي بإقليم الصحراء المغربية أساسا جيد للتوصل إلى حل نهائي في هذه المسألة في إطار الأمم المتحدة.

هذه المحاور وغيرها ستكون موضوع حوارنا المطول من مقر السفارة المصرية بالرباط مع سعادة السفير المصري أشرف إبراهيم

-ما هو تقييمكم لمستوى العلاقات بين القاهرة والرباط بالسنوات الأخيرة في ظل المستجدات السياسية والاقتصادية التي عرفتها المنطقة مؤخرا؟ 

العلاقات بين البلدين هي علاقات طيبة جدا ويمكن أحيانا أن بعض الناس تعتقد أنه يوجد توتر أو مشاكل بين البلدين الشقيقين، وهذا غير حقيقي ﻷني هنا ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف ولم أرى أو ألمس أي فتور أو توتر في العلاقة، ويمكن أن يكون هذا التوتر قد كان بسبب حادثة سابقة وقعت عام 2014 بسبب بعض البرامج التلفزيونية وأشياء أخرى وربما أحيانا تمس شعور الأشخاص وأيضا قد تمس شعور الحكومة، وهذا الحادث في وقته قد تم معالجته في نفس اليوم وصاحب القناة بنفسه استبعد المذيعة من القناة وأقالها، وهذه ليست الحادثة الأولى لهاته المذيعة ،لأنها سابقا خرجت منها أحيانًا بعض التعبيرات غير المسؤولة وغير مؤسسة أي ليس لها أي أساس من الصحة، العلاقات بين أي دولتين فيها صعود وهبوط وهذا موجود بين مختلف الدول، فالمغرب لها علاقات مع دول تخضع لمقياس الصعود والهبوط ونفس الشيء لمصر، لكن ما أستطيع أن أقوله أن العلاقة بين المغرب ومصر لم تشهد مراحل توتر أو هبوط حقيقية على مدى العقود الماضية منذ تولي الرئيس الراحل السادات الحكم والى الآن، وإن كان في فترة فيها العلاقات كانت غير مستقرة بناءا على قرارات القمة العربية بعد زيارة الرئيس السادات للقدس وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وتم بناءا على قرارات جامعة الدول العربية بقطع العلاقات مع القاهرة، لكن في هذه الفترة كان تنسيق عالي جدا وكانت العلاقات قائمة بين مصر والمغرب ولم تشهد العلاقات بين البلدين أي مطبات حقيقية على مدى هذه العقود وهذه المطبات واردة في جميع علاقات الدول، فتقييمي لعلاقات البلدين أنها علاقات تاريخية متينة وطيبة، وهناك تنسيق مستمر بين البلدين في العديد من الملفات الإقليمية والدولية ونتمنى لهذه العلاقات الازدهار والرقي في أكثر من هذا على المستوى الرسمي، أما فيما يخص المستوى الشعبي فهي أقوى وليست محتاجة للشرح. 

ماهي مآل اللجنة العليا المشتركة بين مصر والمغرب

موضوع اللجنة العليا المشتركة بين مصر والمغرب عقدت آخر مرة في عام 2006 بالمغرب وعقدت على مستوى القمة في عهد الرئيس الراحل مبارك والملك محمد السادس وكان من المفروض أن تعقد هذه اللجنة كل سنتين ولم تعقد في 2008 وهي تعقد على مستوى القمة وهي أحيانا تشكل مشكلة تقنية. وبعد ذلك حصلت أحداث الربيع العربي والتطورات المصاحبة لها في المنطقة ،وهناك محاولات جادة وحقيقية لعقد هذه اللجنة بداية من عام 2014 يعني في محاولات لبناء ترتيبات لعقد هذه اللجنة وجلالة الملك كان من المفروض أن يزور مصر في 2017 ولظروف ما أجلت الزيارة في اللحظات الأخيرة، وأنا من المدة الذي جئت فيه كسفير إلى المملكة المغربية، عملت على عقد القمة وكانت الزيارة على وشك أن تتم في 2020 وكان هناك اتفاق للزيارة وعقد اللجنة، لكن مع جائحة كوفيد 19 تم تأجيل كل شيء، ونحن نعمل بعد انجلاء سحابة الجائحة أن تعقد هذه اللجنة فهي على أجندة أولويات البلدين.

-هناك العديد من الملفات الاقليمية جعلت العلاقة بين القاهرة والرباط، تمر من “مطبات” كثيرة، و”برود” طويل، وأحيانا صراعات داخل كواليس الاتحاد الإفريقي، ماهي المحددات الرئيسية التي انطلقت منها القاهرة في إعادة ترتيب أوراقها لصياغة علاقة فيها من التعاون أكثر من التجاذب المعلن والغير المعلن بين البلدين؟

السؤال فيه الكثير من العناصر أساسا غير حقيقية أولا هناك الكثير من الملفات الاقليمية فيها تعاون بين البلدين وتهمنا نحن الإثنين، تجاذبات أو مطبات في الحقيقة لم تحدث ،أنا أعرف وربما قرأت كثيرا في الصحف والمواقع المغربية أن هناك فتورا وتوترا بين البلدين، وكما أجبت سابقا على سؤالك ،التوتر الوحيد الذي حدث كان عام 2014 بسبب برنامج إذاعي في قناة مصرية خاصة وصاحب القناة أقال المذيعة في نفس اليوم هناك الكثير من الأقوال التي تقول أن هناك توتر بين البلدين وأن مصر تعمل ضد المغرب وهذا الكلام غير حقيقي البتة ،وكل المسؤولين في المغرب يعلمون ذلك وأنا في تواصل يومي مع المسؤولين المغاربة وعلى كافة المستويات والعلاقة تسير بشكل جيد جدا، وربما ما يثير أن هناك توتر هو حجم الزيارات القليلة بين البلدين والوزير بوريطة زار مصر في 2019 ثلاث مرات والتقى بالسيد رئيس الجمهورية وهناك اتصالات مستمرة شبه أسبوعية بالتنسيق ما بين السيد ناصر بوريطة والسيد سامح شكري والتنسيق في جميع الملفات كالملف الليبي ومشاكل المتوسط وملف الإرهاب وقضية الصحراء، طبعا هناك بعض الجرائد والمواقع وبعض التوجهات التي تسعى إلى بث الفرقة واﻹيحاء ببعض الأشياء، وأحد الافتراءات الكبرى والتي تردد صداها كثيرا في بعض الصحف المغربية، أن مصر وقفت ضد عودة المغرب إلى الإتحاد الأفريقي، وهذا الكلام عاري تماما عن الصحة، وأنا شخصيا كنت حاضرا في قمة إثيوبيا ورأيت بأم عيني أن مصر تقوم بحملة واسعة لعودة المغرب إلى الإتحاد الأفريقي عكس ما قيل تماما في الجرائد المغربية، صحيح هناك بعض الحوادث والتفسيرات ﻷشياء أخرى لكن كل هذه الأشياء يتم حلها ثنائيا وبشكل سريع. 

-من وجهة نظرك هل أثر وجود تيار الإخوان المسلمين فى قلب الحكومة المغربية على جودة العلاقات المصرية والمغربية؟

أولا وجود تيار أو آخر للحكم في دولة ،فهو اختيار الشعب ولا يمكن ﻷحد أن يتدخل فيها بالتأكيد أنه مع تطور الأحداث ،تكون هناك أحيانا بعض التوترات على مستوى الأحداث فالعلاقات المصرية المغربية تدار على مستوى أعلى من الحكومة، فهي تدار على مستوى القيادة وعلى مستوى الخارجية وبالتالي يتم إدارة هذه العلاقة على مستوى القمة ،ووجود تيار هنا أو هناك لا يؤثر بشكل كامل على العلاقات المصرية المغربية، قد تكون هناك بعض الملفات التي نأمل أن يكون فيها مستوى أعلى من التعاون ،وإنما التعاون بين البلدين مستمر في جميع المجالات، بل وهناك زيارات من وزراء للعدالة والتنمية إلى مصر واجتماعهم مع مسؤولين في الحكومة المصرية

-بماذا تفسر الموقف المصري الضبابي الأخير حول تحرير الجيش المغربي لمعبر الكركرات من عناصر البوليساريو واعتراف واشنطن بمغربية الصحراء وفتح قنصليات للعديد من البلدان العربية والأفريقية في الصحراء المغربية، لماذا القاهرة إلى الآن لم تتخذ قرارا بفتح قنصلية عامة لها بإقليم الصحراء؟

هو الموقف ليس ضبابي فقد صدر عن القاهرة بيانين وإذا قرأت البيانات الصادرة عن القاهرة بهذا الشأن وبتأني وبدقة وموضوعية ،لن تجد أنه موقف ضبابي هذا أولا، والبيان الثاني بالذات ﻷن البيان الأول كان السيد الوزير تحدث مع وزير الخارجية المغربي والجزائري ،والبيان الثاني تحدث عن عدم تعطيل حركة التجارة في ممر الكركرات المغربي فالبيان ليس فيه موقف ضبابي، فطبيعة البيانات لا يجب أن تكون رنانة المهم فيها هو الجوهر، وتحدث الوزيران أكثر من مرة وانا شخصيا تحدثت مع أكثر من مسؤول مغربي حول هذا الموضوع، أعرف أن الشعور الشعبي ينظر أحيانًا إلى العناوين أكثر من المضامين، أما مسألة فتح قنصلية من عدمه هذه المسألة لها شقان، الشق الأول أن مصر في مرحلة تحاول الخروج فيها من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها ومحاولات الإصلاح تقتضي تقليل نفقات الدولة ومنها التمثيليات الدبلوماسية وقد اتخذت الدولة قرارات بإغلاق بعض التمثيليات الدبلوماسية المصرية في بعض الدول وبالتالي وهو الشق الثاني المتبقي من سؤالك  أن مسألة التوسع وفتح تمثيليات جديدة هي مسألة ليست سهلة وهي تأخد وقتا طويلا وفتح قنصلية هي مسألة شكلية أكثر منها قانونية ،أما الاعتراف الأمريكي فهذا يخص قرار الولايات المتحدة وموقف مصر من هذه المسألة واضح جدا وأنا كررته وتحدثت به كثيرا في عدة مقابلات، ووزير الخارجية الحالي والسابق قرروا على الملأ أن مصر ترى في الاقتراح المغربي للحكم الذاتي أساسا جيد جدا للتوصل إلى حل نهائي في هذه المسألة، إلا أنه في هذه المسألة يجب أن تحل في إطار الأمم المتحدة وأعتقد أن هذا ليس موقف مصر فقط بل هو موقف دولي ونحن شاركنا في الاجتماع الذي عقد بين أمريكا والمغرب حول هذا الموضوع في شهر يناير وبالتالي موقف مصر واضح جدا وليس فيه أي لبس، وسبق أن تعاونت مصر مع المغرب في مجلس الأمن عندما كانت مصر عضو بالمجلس وأيضا داخل الاتحاد الأفريقي 

رأى سيادتكم الوضع في ليبيا؟

ليبيا هي دولة حدود مع مصر ،ودولة تربطنا بها حدود تزيد عن 1200 كيلومتر وهي حدود ضخمة، وهناك عدم استقرار للأوضاع في ليبيا وعدم وجود حكومة مركزية في ليبيا، هذه الأوضاع تشكل خطورة كبيرة على مصر لأنه إذا لم يتم السيطرة على هذه الحدود من السلطة المركزية فإن هناك مخاطر الإرهاب وتهريب السلاح وتهريب البشر ونحن عانينا من هذه المسألة على مدى سنوات طويلة من 2011 عندما قامت الثورة الليبية وانزلقت البلاد نحو تدهور للأوضاع وعدم استقرار وبروز انقسامات في الشارع السياسي الليبي وسيطرة بعض الجماعات الإرهابية على بعض المناطق في ليبيا وتهريب كميات كبيرة من السلاح من ليبيا إلى مصر ومنها إلى سيناء ومصر لها اهتمام كبير لاستقرار الأوضاع في ليبيا هذا من جهة ومن جهة ثانية ،طبعا خلال  التطورات الأخيرة التي حصلت بالسنة الماضية من خلال التدخلات الأجنبية في ليبيا ونقل قوات أجنبية سواءا مليشيات أو قوات أجنبية لدول وهي ليست دول جوار ،وبالتالي فإن هذه التطورات كانت تشكل خطورة ليس على مصر فقط بل على كل المنطقة ويشكل خطرا على مصر بشكل مباشر وعلى تونس والجزائر بشكل مباشر ويشكل خطرا على المغرب بالرغم من أن المغرب ليست دولة حدود مع ليبيا ويشكل خطرا على منطقة الساحل والصحراء وبالتالي كان هناك موقف واضح أعلنه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أنه إذا تجاوزت خط محدد وهو خط سرت -الجفرة فهذا خط أحمر ومصر لن تصمت وستتحرك، ونحن نرحب بنتائج الانتخابات الأخيرة في ليبيا والتي أفضت بوصول حكومة عبدالحميد دبيبة إلى السلطة وكانت زيارات لهذه الحكومة الجديدة إلى مصر ونسعى إلى حصول توحيد للسلطة في ليبيا حيث نبدأ في إرساء قيم ومبادئ واضحة للدولة الليبية لكي يكون هناك استقرار للشعب الليبي أولا ولمصلحة المنطقة كلها

-بعد مرور 10 سنوات على ثورات الربيع العربي هل تستطيع أن تعطى لنا وجهة نظر أو تقييم لكل ما حدث فى المنطقة سواء سلبيا أو إيجابيا؟  

الشعوب العربية والدول العربية أغلبها حصل على استقلاله وحدوده الحالية أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية وبعض الدول أخذت استقلالها بعد 5 سنوات و10 سنين وأخرى بعد 20 سنة وأيضا بروز القضية الفلسطينية بعد الحرب العالمية الثانية، والمنطقة العربية مرت بمرحلة القومية العربية والشعور القومي العربي والشعور الثوري وإلى ما ذلك ومررنا بأزمات ومشاكل ونكسة67 وحرب 73 وفي بداية الثمانينيات حصلت تطورات بالمنطقة وظهرت تطورات تقنية وتكنولوجية هائلة وبدأ الانفتاح على العالم بشكل أكبر وجزء كبير من الدول العربية خرجت من مرحلة الاشتراكية والشيوعية فبدأ يحصل نوع من التفاعل في هذه المجتمعات، أدى إلى ما حدث في 2011 بداية بتونس وتليها مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا ومن خلال الحراك الذي حصل في المنطقة كلها ،أطاح طبعا بأنظمة والثورات تمت إلى حد كبير بشكل تلقائي وعادة الثورات دائمًا لاتؤدي إلى الأفضل والتجارب التاريخية تؤكد ذلك وخاصة الثورات العفوية التي تخرج وليس لها هدف ولا قيادة محددة وبالتالي يحصل حالة عدم الاستقرار، ربما في مصر ذهبت الأمور في اتجاهات أخرى لكن في ليبيا وسوريا واليمن إلى الآن لم تستقر ،والربيع العربي كان عنده بعض الإيجابيات، لكن له سلبيات كثيرة لذلك يجب العمل على معالجة هذه السلبيات وهذا يتطلب وقت طويل لأن الطموحات عادة أكبر ولا تتناسب مع الإمكانيات والظروف

-هل لك أن تكشف لنا عن حجم المبادلات التجارية بين المغرب ومصر وعن خارطة الشركات الاستثمارية المصرية في المغرب؟

حجم المبادلات التجارية بين مصر والمغرب يقترب حاليا من مليار دولار ونحن نأمل أن تزيد حجم التبادل التجاري بين البلدين ومصر والمغرب دولتين محوريتين وفيهما تطور اقتصادي أسرع من بعض الدول الأخرى ولهما ارتباطات مع الاتحاد الأوروبي وعندهم قاعدة صناعية في القارة الأفريقية ويمكن البناء عليها وطبعا ترتبط مصر والمغرب في إطار دول أخرى عدة اتفاقيات من بينها اتفاقية أكادير واتفاقية التجارة العربية الحرة الكبرى، لذلك هناك دوائر كثيرة نحن مرتبطين بها ،الهدف ليس فقط زيادة حجم التبادل التجاري البيني ولكن الأهم من ذلك أن يحصل نوع من تعميق التكامل الصناعي والتبادل التجاري وهذا ينتج عليه تبادل صناعي وربما أكثر اتفاقية تسمح بهذا التكامل الصناعي هي اتفاقية أكادير لأنها تربط الدول المنضوية تحتها وأغلبها من دول شمال إفريقيا ماعدا الجزائر ويضاف إليها لبنان والأردن والاتحاد الأوروبي، وهذا يتيح لمصر والمغرب بزيادة صادراتهم ليس فقط بين البلدين بل زيادة صادراتنا المشتركة إلى دول أخرى وهذا هو الهدف الأسمى، أما بخصوص الاستثمارات بين البلدين فإن المغرب له  استثمارات في مصر كاستثمارات مجموعة الشعبي وأيضا الاستثمار في مجال بطاريات السيارات والاستثمار في مجال الفندقة والسياحة واستثمارات التجاري وفا بنك وهو أكبر مستثمر مغربي موجود في مصر لأن له شبكة فروع ضخمة في مختلف أرجاء القارة الأفريقية ويمكن أن يساهم التجاري وفا بنك في زيادة حجم التجارة المصرية في أفريقيا بفضل شبكات البنك بالقارة وقد يساهم في تمويل التجارة البينية، أما بخصوص الشركات المصرية بالمغرب هناك شركات موجودة في القطاع السياحي والفندقي بمراكش وفاس وأكادير وهناك بعض الشركات الموجودة في القطاع الصناعي وفي مجال الأدوية، ونأمل أن تكون شراكات أكبر في المجال الصناعي لأنها أساس تقدم المجتمعات وهي أكبر مؤثر في زيادة رفاهية الشعوب، وكان من المفروض على هامش الزيارة التي كانت ستتم في 2017 ، كان سيكون هناك منتدى أعمال بين البلدين، هناك شراكات موجودة فعلا لكن نتمنى الدفع بها قدما نحو أكثر ارتباطا وتعزيزا

هناك العديد من المقترحات لإقامة مراكز لوجستية مغربية ومصرية فى منطقة قناة السويس وميناء طنجة المتوسط لتيسير نفاذ كلا البلدين إلى أسواق جديدة فلماذا لم يتم دراسة هذه المقترحات بجدية من كلا الطرفين حتى الآن؟

لا بالعكس من ذلك فقد تمت مناقشتها ودراستها وكانت على وشك أن تتم لولا ظروف الجائحة وإنما كانت هناك اتفاقيات بين شركات مصرية وشركات مغربية لإقامة مراكز لوجستية وليس فقط بطنجة بل في مدن مغربية أخرى كالدار البيضاء وكان هناك حديث عن إقامة مراكز لوجستية في مصر هي طبعا ارتباطات المغرب أكثر بحكم الجغرافيا والتاريخ مع دول غرب إفريقيا ومصر أيضا لها ارتباطات بحكم الجغرافيا والتاريخ بشرق أفريقيا وبالجنوب وبالتالي وكما قلت آنفا لابد أن يكون هناك تكامل صناعي وأن تستثمر مصر في جنوب شرق إفريقيا والمغرب في أقصى غرب إفريقيا وأن يكون هناك نوع من زيادة المبادلات التجارية بين الدولتين عن طريق علاقاتهما وشبكاتهما الموجودة في هذه المناطق، فالمراكز اللوجستية كانت مطروحة وعلى وشك التنفيذ ومازالت على الأجندة وهناك رجال أعمال مصريين ومغاربة في إطار المناقشات والمشاورات لكن المشكلة أنه في خلال العام الماضي كل شيء متوقف بسبب الجائحة

يمتلك كلا من مصر والمغرب قطاع خاص قوى ومؤسسات قادرة على القيام بدور فاعل فى القارة السمراء فلماذا لم يتم حتى الآن استغلال هذه المقومات للتواجد بشكل أقوى في القارة الافريقية؟ 

أولا اقتصاد البلدين اقتصاد منافس وكانت وجهتهم ليست تجاه إفريقيا، ففي سنوات التسعينيات وبداية الألفية كانتا وجهة مصر والمغرب اقتصادية مختلفة ،فالمغرب كانت متوجهة أكثر إلى أوروبا كفرنسا وإسبانيا بحكم القرب الجغرافي وبحكم التاريخ ومصر أيضا كانت متوجهة إلى أوروبا لكن نحو دول مختلفة ك إيطاليا واليونان وتركيا أيضا وإيطاليا هي الشريك التجاري الأول لمصر وبالتالي كل دولة كان لها توجه مختلف لكن مصر بدأت تنتبه إلى إفريقيا وتوجه صادراتها ووارداتها إلى أفريقيا بنهاية التسعينيات بعد انضمامها إلى اتفاقية كوميسا، والمغرب وكما قلت له ارتباط أكثر إلى دول غرب أفريقيا، لكن العالم كله بدأ يدرك أن إفريقيا هي المستقبل لكي تكون قاطرة للتنمية في العالم خلال العقود القادمة ومصر والمغرب هي من أكثر الدول استقرارا بالمنطقة وكان من المفروض مع اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية أن يكون هناك تعاون أكبر ويحصل نفاذ إلى إفريقيا والمساعدة في إقامة بنية تحتية قوية  للاستفادة من هذه البنية

اتفاقية أكادير المعنية بالتكامل الصناعي بين الدول وكذلك اتفاقية التجارة العربية الحرة الكبرى هل حققا المنشود منهما أم أنهما مازالا مجرد بنود على ورق؟ 

هي ليست بالصيغة التي ذكرتها في سؤالك أنها بنود على ورق، بل لم يحققا الهدف المنشود منهما واتفاقية أكادير كان الهدف منها وأنا عملت في هذه الاتفاقية الاستفادة في إقامة تكامل صناعي بين دول جنوب المتوسط لمساعدتها في زيادة صادراتها بشكل مشترك، والاتفاقية العربية الحرة ربما هي أوسع وأشمل لأن لها ارتباطات بدول عربية أخرى وليس فقط بجنوب المتوسط وأتمنى تفعيل هذه الاتفاقيات ونستفيد مما تتيحه لنا هذه الاتفاقيات.

-بكم تقدرون أعضاء الجالية المصرية بالمغرب والمجالات التي ينشطون فيها؟ والعكس صحيح 

عدد الجالية المصرية في المغرب لا يتعدى 2500 شخص وموجودين في جميع أنحاء المملكة والعدد الأكبر متركز في مراكش والدار البيضاء  باعتبارهما مركز اقتصادي وسياحي لكن أيضا متواجدين في الداخلة والعيون وطنجة والناظور والحسيمة ووجدة، وجزء كبير من الجالية المصرية موجودين بحكم أنه في علاقات زواج وهذا جزء أساسي وأيضا هناك العديد من الشركات يعمل فيها مصريين سواءا مدراء إقليميين أو موظفين وغير مقيمين بصفة مستمرة ،أما بخصوص الجالية المغربية في مصر فليس عندي حصر محدد لعددهم لكن يقال أنها تقدر ب مائة ألف مغربي وذلك لأسباب اقتصادية ومهنية وعلاقات مصاهرة وزواج وهناك الكثير من المغاربة يعملون في القطاع السياحي والفندقي بشرم الشيخ والغردقة. 

من الأسئلة التي وصلتني العديد من المصريين والمغاربة على حد سواء، لماذا لازالت التأشيرة قائمة بين البلدين رغم العلاقة الوجدانية والروحية الضاربة في القدم بين المغرب ومصر؟

مسألة وجود التأشيرة تتوقف على اتفاق الدولتين طبعا وهذا لا يخفى عنك أنه منذ الثمانينيات هناك تحديات الإرهاب بالمنطقة وبالتالي هذا يفرض قيود أمنية لأنه لابد من التدقيق، لكن هذه المسألة لا تعقد مسألة الانتقال والسفر وكثير من المغاربة يعتقدون أن الحصول على التأشيرة المصرية صعبة ويلتجئون إلى سماسرة للحصول عليها والحقيقة أن المسألة أسهل من ذلك بكثير فهناك صفحة رسمية  للسفارة المصرية بالإنترنت يقدم عليها طالب التأشيرة إلكترونيا وخلال عشرة أيام تصل إليه الإجابة ليحضر شخصيا إلى السفارة مع جواز سفر وصورتين فالمسألة أبسط بكثير مما هو مشاع. 

ما يجمع بين المغرب ومصر هو أكبر بكثير من ستة عقود من العلاقات الدبلوماسية، فهو تاريخ مشترك حافل، وإرث روحي وثقافي وحضاري، ومحبة متجذرة بين الشعبين ما هو السر في تجذر هذه العلاقات بين البلدين؟ 

لو رأيت الفكر الصوفي الموجود في مصر والمغرب وأيضا انتقال السيدة زينب في مصر والتطور الأساسي للفكر الصوفي من المغرب وانتقاله إلى مصر من خلال أقطاب للصوفية من المغرب كالشاذلي والسيد القناوي وأحمد البدوي ..وغيرهم الكثير وأيضا مسار الحجاج المغاربة مرورا إلى مصر والى بلاد الحجاز سواء من الساحل أو من جنوب مصر والكثير من المغاربة كانوا يستقرون في مصر سواءا عن طريق ذهابهم إلى الحج أو عودتهم منه والاستقرار بمصر وهناك أسر مصرية أصولهم مغربية وهذا واضح من خلال أسمائهم كبناني والقباج..الخ  وعائلات كثيرة من الصعيد أصولهم مغربية وحتى اليهود الذين استقروا في مصر جزء كبير منهم جاؤوا من المغرب أو من الأندلس ومرورا بالمغرب ،والكثير من الحقائق والشواهد التاريخية التي لا يسع المجال لذكرها والتي تؤكد على الارتباط التاريخي والوجداني العميق والقوي والاستثنائي بين البلدين

كلمة أخيرة 

أرى أن العلاقات المصرية المغربية هي علاقات طيبة جدا وفيها الكثير من التبادل على جميع المستويات اجتماعية بداية وأيضا على المستوى السياسي وأتمنى أن تبقى هذه العلاقات على ازدهار دائم على جميع الأصعدة واتمنى للمملكة المغربية وللشعب المغربي كل الخير والرفاهية والتقدم، وأنا صراحة منذ إقامتي هنا كسفير منذ ثلاث سنوات ونصف، سعدت جدا بوجودي في المغرب ولم أشعر أبدا بالغربة وشعرت أنني بين أهلي وناسي وأنني في بلدي

وأشكرك جدا على هذا الحوار الماتع والممتع

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube