شخصياتمستجدات

*الاقتصاد بوابة السيادة والدبلوماسية الواقعية المغربية.*

▪︎ذ.الحسين بكار السباعي

.يشكل البعد الاقتصادي رافعة مركزية في هندسة السياسة الخارجية المغربية، حيث باتت المملكة تدير علاقاتها الدولية بمنطق الشراكة المتوازنة والمصالح المتبادلة، بما يعزز مكانتها كفاعل صاعد في المعادلة الجيوسياسية العالمية. وفي هذا السياق، تبرز الشراكة المغربية الصينية كأحد أبرز تمثلات هذا التوجه، لاسيما في إطار انخراط المغرب في مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها بكين، والتي تسعى إلى إعادة تشكيل خريطة النفوذ الاقتصادي العالمي على أسس جديدة.لقد نجح المغرب في ترسيخ حضوره كمنصة استثمارية وتجارية موثوقة على مستوى إفريقيا والمتوسط، وهو ما جعل من المملكة شريكا استراتيجيا لبكين في المنطقة، ليس فقط باعتبار موقعها الجغرافي المتميز، ولكن أيضا بفضل مناخها السياسي المستقر وبنياتها التحتية المتطورة. وقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملموسا في مجالات عدة، من الصناعة والطاقات المتجددة، إلى البنية التحتية والصحة، مما عزز الثقة المتبادلة وفتح آفاقا أوسع للتعاون الثنائي.وفي ظل هذا التقارب المتزايد، فإن مؤشرات عديدة تستشرف تطور الموقف الصيني تجاه قضية الصحراء المغربية الرامي الى دعم مبادرة الحكم الذاتي وإقرار سيادة المغرب على صحرائه ، خاصة إذا استحضرنا التاريخ القريب ، فالعالم بأكمله بما فيه شعب الصين نفسه وقف على ذلك التسجيل التاريخي الذي وثق الكلمة التاريخية خلال جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960، لجلالة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله تراه حينما دعا إلى تمكين جمهورية الصين الشعبية من مقعدها داخل هذه المنظمة الأممية . فالصينيون يقرون اليوم والعالم بأكمله أنه بفضل جهود المغرب ودول صديقة أخرى، إعتمدت الجمعية العامة في 25 أكتوبر 1971 القرار 2758، الذي اعترف بحكومة جمهورية الصين الشعبية كممثل شرعي ووحيد للصين، بما يشمل إقليم تايوان.لقد حرص المغرب الدائم على احترام مبدأ وحدة الدول، وهو المبدأ ذاته الذي تضعه الصين في صلب سياستها الخارجية، خصوصا في قضايا حساسة مثل هونغ كونغ وتايوان. ومن هذا المنطلق، فإن المغرب الذي يساند بإستمرار وحدة الأراضي الصينية في المحافل الدولية، يبني تراكما منسجما مع رؤية بكين ويرسخ شرعيته ومشروعية قضيته في ضمير شركائه.علينا كذلك أن نستحضرالرسائل التي حملها لقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال شهر نوفمبر 2024، مع صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن بمدينة الدار البيضاء، رسائل تؤكد أن الصين تدعم المغرب في جهوده الرامية إلى الحفاظ على أمنه واستقراره وسيادته .نعم يا سادة ، فإذا ما أستمرت هذه الدينامية في منحاها التصاعدي، فإن اعترافا صينيا بمغربية الصحراء أضحى مسألة أيام معدودات ،خاصة مع التأييد الأمريكي والفرنسي والإسباني والبريطاني الصريح لمبادرة الحكم الذاتي ولقوى اقليمية ودولية أخرى وازنة ، كحل جاد وواقعي. فالصين، التي تراهن على الاستقرار والتنمية في شراكاتها الدولية، تدرك أن المغرب يمثل الضامن الحقيقي للتنمية والهدوء في المنطقة، في مقابل أطراف تسير في ركب المغامرة واللايقين.ختاما ، إن الرهان المغربي على الاقتصاد كأداة للتموقع السياسي لم يعد مجرد خيار، بل تحول إلى إستراتيجية ناضجة لا تسمح بتجاوز الخطوط الحمراء للسيادة الوطنية ، إستراتيجية باتت تؤتي أكلها وتعزز من زخم الإعترافات الدولية بمغربية الصحراء، ليس بمنطق الابتزاز أو الضغط، بل بمنطق الشراكة والمصداقية والإحترام المتبادل.

▪︎ذ/ الحسين بكار السباعي محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان. خبير في نزاع الصحراء المغربية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID