أخبار العربمحمد بوبكريمستجدات

تضارب الولاءات الخارجية لجنرالات الجزائر خطر على مستقبل البلاد

محمد بوبكري

يرى بعض المتتبعين للشأن الجزائري أن الدولة العميقة في الجزائر مرتبطة بفرنسا أكثر من ارتباطها بأية قوة أخرى، ويؤكدون أن الدولة العميقة في الجزائر هي التي تتخذ كل القرارات الكبرى، ويضيفون أن هذه الدولة العميقة تتكون من الجنرالين “توفيق محمد مدين” و”خالد نزار”، وآخرين. وقد سبق أن قامت هذه الدولة العميقة باغتيال رئيس الأركان السابق “الجنرال القايد صالح”، حيث يرى هؤلاء المتتبعون أن “السعيد شنقريحة” لم يقم بذلك، لأنه عاجز على فعله؛ فهو لا يمتلك الذكاء، ولا الخيال، ولا القدرة على التخطيط لذلك،كما ليست له علاقات تساعده على ذلك.
ويلاحظ ملاحظون آخرون أن جنرالات الجزائر متعددو الولاءات إلى الخارج. فأغلبهم تابعون لفرنسا، والجنرال “السعيد شنقريحة” وحده تابع لـ “روسيا”، حيث قام مؤخرا بانقلاب على الفرنسيين، فغير اتجاه العسكر الجزائري نحو روسيا. لذلك، يكاد يجمع المتتبعون بدنو سقوط “شنقريحة”، ويضيفون أن التغييرات التي تجري في الجيش لا علاقة لها في، العمق، بـ “شنقريحة”، حيث إن الجنرال “سلمات بلقاسم” الذي تم تعيينه لتعويض الجنرال “قايدي” كان يشتغل فقط في الجيش الجمهوري الذي يتكون من فرقة بروتوكولية موسيقية، وأخرى مكلفة بحراسة المباني العمومية، وثالثة مكلفة بحراسة “الرئيس” والمسؤولين الكبار، والزوار الكبار الرسميين للجزائر. ويشرف على الجيش الجمهوري الجنرال “بن علي بن علي”.
وجدير بالذكر أن مسؤولي الجيش الجمهوري ليست لهم أية وظيفة قتالية، ما يعني أنهم أقل أهمية من المنصب، الذي كان يشغله الجنرال “قايدي”، الذي يعد أكثر أهمية وحساسية، لأنه يقوم بالتنسيق بين مختلف الجيوش القتالية، برا وبحرا وجوا.
ويرى بعض الملاحظين الجزائريين أن هناك جنرالا سيء السمعة يحيط به غموض كثيف، وهو الجنرال “عمار عمراني” قائد القوات الجوية الذي بقي في منصبه، رغم ما عرفه الجيش من انقلابات وتغييرات. ويتوفر هؤلاء المتتبعون الجزائريون على صور لهذا الجنرال وهو يشارك في اجتماعات الحلف الأطلسي إلى جانب جنرالات إسرائيليين، وعلامات الفرح والبهجة بادية على وجهه. وهو لا يحب الظهور، بل حريص على أن يبدو وديعا، لأنه يرفض أن يثير الانتباه، ولا يريد أن تسلط عليه الأضواء، ويمضي في صمت…
كيف قلب “شنقريحة” توجهات الجيش الجزائري من موالاته لفرنسا إلى موالاته لـ ” روسيا”؟ لقد تم تنظيم مناورات عسكرية بين القوات الفرنسية والقوات الجزائرية في شهر سبتمبر الماضي، حيث شارك جنرالات الجزائر فقط ببارجتين: واحدة معطلة، والثانية تعطلت صواريخها، ما جعلهما عاجزتين عن المشاركة في هذه المناورات. وبعد انتهاء هذه المناورات، تم إرجاعهما إلى الجزائر عبر جرهما من مدينة “تولون” إلى الشاطئ الجزائري. وبعد مرور شهرين، تم تنظيم مناورات عسكرية بين قوات “شنقريحة” و”القوات الروسية”.. وهذا ما يؤرخ لانقلاب العسكر الجزائري على فرنسا، وتحوله إلى موالاة “روسيا”. لماذا حدث ذلك؟ يرى خبراء في الشأن العسكري الجزائري، اعتمادا على مصادر من داخل الجيش الجزائري، أن “الروس” قد مارسوا ضغطا قويا على “شنقريحة”، وأقنعوه بأن “الجنرال قايدي” موال لفرنسا، وأنها قد تفرض على “عبد المجيد تبون” أن يعينه قائدا للأركان الجيش الجزائري مكان “شنقريحة”. وتجدر الإشارة إلى أن الجنرال “قايدي” جنرال شاب، له مستوى ثقافي أرفع من مستوى “شنقريحة”، كما أنه تلقى تكوينات عسكرية كثيرة في بلدان عديدة، وهو حامل لشهادات عسكرية مهمة، وله تجربة أكبر من “شنقريحة”، فضلا عن أنه يتقن الفرنسية والانجليزية، إضافة إلى اللغة العربية. زد على ذلك أنه سافر إلى بلدان كثيرة، ويدرك ما يجري في العالم، على عكس “شنقريحة” الذي لا يعرف إلا “موسكو”، والعاصمة الجزائرية، وبشار. ومن الطبيعي أنه يعرف “البويرة” و”الأخضرية”، حيث كان يعمل تحت إمرة الجنرال “عبد العزيز مجاهد” الذي كان يكلفه بذبح أبناء الشعب الجزائري خلال “العشرية السوداء”. وقد كان كلما جاءوه بشخص، يرد عليهم بعبارته المشهورة: “أنزلوه إلى الواد”. وتعني هذه العبارة: “اذبحوه في الواد”. ونظرا لكل ذلك، أقدم “سعيد شنقريحة” على توقيف الجنرال ” قايدي”، لأنه كان يرى فيه الشخص المؤهل لتعويضه على رأس قيادة الأركان الجزائرية. لذلك، فإنه لوكان في إمكان “شنقريحة” أن يلفق له تهم الخيانة والفساد، ليتمكن من الحكم عليه بالسجين لمدة عشرين، أو ثلاثين عاما، لفعل ذلك حتى يقضي على شبحه الذي يطارده في اليقظة والنوم، لأنه متخوف منه، ويريد التخلص منه نهائيا، لأنه يرى فيه منافسا قويا له…
لكن ما ينبغي أن يظل حاضرا دوما في أذهاننا هو أن كل القوى لها مصالح إستراتيجية، لذلك، فالروس عندما دخلوا إلى بلاد “مالي”، كانت عينهم على “غينيا كوناكري”, ثم صارت عينهم على “النيجر” التي قد يتحالفون مع الصينيين لممارسة سيطرتهما عليها، كما ظلت عينهم على بلدان أفريقية أخرى غنية بالذهب واليورانيوم والأحجار النفيسة…. أضف إلى ذلك أن عينهم كانت على أفريقيا الوسطى، التي دخلوها وغادرها الفرنسيون، وتجرعوا مرارة ذلك، لأنها كان مجالا حيويا لهم، ولا يقترب منها لا البريطانيون ولا غيرهم.
وجدير بالذكر أن فرنسا قد تحالفت مع روسيا في ليبيا، حيث كانتا تساندان “اللواء حفتر” الذي كان على وشك دخول “طرابلس”، لولا تدخل القوات التركية، بمباركة أمريكية.
تبعا لكل ما سبق، يبدو أن جنرالات الجزائر لا يعرفون أي شيء عن القوى العظمى، وأن ضعف “شنقريحة” وغباءه هو ما جعله ينتقل من ولاء العسكر الجزائري لفرنسا إلى موالاة روسيا، ضدا على إرادة الدولة العميقة في الجزائر. لذلك، فقد صار من المحتمل جدا أن ‘السعيد شنقريحة’ سيسقط قريبا، لأن الوضع الداخلي رافض لقبضته الحديدية، كما أن العالم لا يقبل التعامل معه… أضف إلى ذلك، أن أغلبية الجنرالات سينتقمون منه، لأن جماعة: “القايد صالح” ما تزال متجذرة في كل مفاصل السلطة الجزائرية، الأمر الذي لا يدركه “شنقريحة”، لأن غباءه يحول دون ذلك.
خلاصة القول، إن الذي يقطع علاقاته مع العالم، ويقرر الدخول في خصومة مع المنتظم الدولي، يكون سببا في عزل نفسه وإضعافها. وهذا هو حال حكام الجزائر، الذين صاروا يجرون الجزائر نحو التفتت وانفجار كيانها..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube