السلك الدسبلوماسيمستجدات

طال صبري عليك طال…واحتار فيك أمري

بقلم: عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء

من خلال متابعتي للاخبار وأنا أستمع لمداخلة السيد عمر هلال مندوب دولتي في الأمم المتحدة في تصريح له عما ورد بشأن موضوع تقرير مصير شعب القبائل بالجزائر، انتابتني غبطة و وددت معرفة حقائق التاريخ حول شعب القبائل وعلاقته بدولة الجزائر. فكانت خلاصة بحثي كالتالي.

  • وجدت أن دولة الجزائر ولدت من رحم دولة القبائل الكبرى: فبعدما كانت مقاطعة خاضعة للإمبراطورية العثمانية التي بدأت تنهار في منتصف القرن التاسع عشر، تكالبت عليها قوى الاستعمار الفرنسي الغاشم بقيادة الجنرال شنايدر سنة 1839. فالحقها كموطن فرنسي على الضفة الأخرى من البحر المتوسط.
    و بعد حرب ضروس مع منطقة القبائل التي كانت مستقلة آنذاك، دخلتها فرنسا سنة 1857 واحتلتها كذلك فالحقتها بالشمال تحت مسمى دولة الجزائر. آنذاك، كانت لمملكة المغرب جذور تاريخية ضاربة في عمق القارة الإفريقية، وهذا يعرفه القاصي والداني ولا يحتاج إلى تأكيد.
    أما مشكل الصحراء المغربية، فقد بدأ مع دخول الاستعمار إلى القارة الإفريقية، والمقصود هنا هو الاستعمارين الفرنسي والإسباني واحتلالهما لشمال القارة.
    للتاريخ فقط، نعم لقد كان الإحتلال الفرنسي للجزائر غريبا في حد ذاته. و الإستعمار في العادة يعتبر الأرض المحتلة غريبة عنه. لكن الإستعمار الفرنسي للجزائر اعتبرها ضفة أخرى لفرنسا: حسب هذا التفسير، فرنسا ابتلعت الجزائر جغرافيا، وبذلك عبرت البحر المتوسط ودخلت إفريقيا.
    وبعد بسط سيطرتها على الجزائر، سعت إلى الانتشار شرقا وغربا، وبذلك تمكنت من زيادة أراضيها على حساب الجيران، فكان التراب المغربي منتهكا واستطاع المستعمر الفرنسي ضم الصحراء الشرقية الغنية بالبترول. فهذه الأراضي الشاسعة المقتطعة من الأراضي المغربية غصبا اعتبرتها فرنسا جزأ من أراضيها.
    ثم جاء دور المغرب، ففي يوم 30 مارس 1912 وقع السلطان مولاي عبد الحفيظ معاهدة الحماية مع فرنسا، وفي سنة 1956 حصل المغرب على استقلاله، والجزائر لازالت محتلة في ذلك الحين لكن اشتعال نار المقاومة الوطنية أرغم فرنسا على الدخول في مساومة مع المغفور له محمد الخامس. فالجهة الشرقية من المغرب كانت تحتضن المقاومة الجزائرية، وتحث ضربات المقاومة الجزائرية اضطرت فرنسا إلى مفاوضة المغرب على الأراضي التي اقتطعتها فرنسا من المغرب ظلما وعدوانا، فكان طرحها هكذا تقبل فرنسا بترسيم الحدود مع المغرب وإعادتها كما كانت قبل الإحتلال. ببساطة عودة الصحراء الشرقية للمغرب كما كانت، مقابل تعهد المغرب بغلق حدوده مع الجزائر ومنع تنقل المقاومين و تزودهم بالسلاح داخل المغرب، لكن السلطان محمد الخامس رحمه الله رفض القيام بدور شرطي الحدود أو حتى التنسيق الأمني مع الإحتلال وقال لفرنسا:”…سنحل مشاكلنا مع أشقائنا بعد استقلالهم…”
     و بعد استقلال الأشقاء، فبدل إرجاعهم ما سرقه الإستعمار الفرنسي من أراضي مغربية احتلوا مزيدا من الأراضي، لا بل ساندوا مغاربة وأمدوهم بالسلاح والدعم السياسي من أجل الإنفصال، وكل ذلك لثني المغرب عن المطالبة بالصحراء الشرقية، وإيجاد منفذ بحري على المحيط الأطلسي. ولن يرضخ المغرب لهذا الابتزاز مهما كان.
    وفي قراءتي لصحف الجارة، وجدت أن اكثر من 70% من الجزائريين انقطعوا عن الإنتخابات البرلمانية الأخيرة في حين سجلت الأرقام أن منطقة القبائل لم تصوت نهائيا. هذه
    المنطقة الجبلية ( منطقة القبائل الكبرى) تبعد ب 50 كلم عن الجزائر العاصمة. و يأتي الإسم من اللغة العربية: قبائل. غير أنّ سكان بلاد القبائل يسمونها “تمورت إيدورار” (أرض الجبال) أو “تمورت لقبايل” أي ( بلاد القبائل)، و تغطّي عدّة ولايات جزائرية: تيزي وزو وبجاية، أغلبية بويرة و برج بو عريريج ، وأجزاء من مسيلة، جيجل، بو مرداس، وسطيف. وحسب الإحصائيات المتوفرة، فإن سكان المنطقة هم القبائل ويقارب عددهم 4 ملايين نسمة.
    أما فيما يخص وصف كُتاب جزائريون ما قام به المندوب المغربي بأنه “سقطة غير محسوبة العواقب” وبأن المغرب يحاول “تصدير مشاكله إلى الخارج” وأن تقرير المصير إنما ينطبق على منطقة الريف المغربي.
    وبصفتنا سكان منطقة الريف نؤكد على أننا مغاربة دما وعظما حتى النخاع لا مساومة على وحدة مملكتنا الشريفة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
    و ما أستغربه من طرف نظام الجنرالات هو سكيزوفريني خطابه بعد ردود الفعل العنيفة ضدنا: فالجزائر تتعامل بمنطق “حرام عليك وحلال عليّ” أي من حقها أن تحتضن وتمول وتسلح جبهة البوليساريو في حين ترفض الدعم المغربي الذي لا يتعدى الموقف الدبلوماسي المعبر عنه. ألا يعد موقف نظام الجنرالات مهزوزا و محيرا في حين طال صبرنا وحار فيهم أمرنا ؟ وللحديث بقية.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
RSS
Follow by Email
YouTube
YouTube